تحولت جلسة خصصها مجلس الشعب صباح أمس لمناقشة حادث التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة إلى هجوم على الاتحاد الأوروبي واتهامه بالتدخل في شئون مصر الداخلية، من خلال الزعم بأن هناك "اضطهاد للمسيحيين"، والهجوم على بابا الفاتيكان بنديكيت السادس عشر بعد دعوته الغرب إلى التدخل لحماية المسييحين في مصر، فيما وجه النواب أصبع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة" والمخابرات الإسرائيلية "الموساد" بلعب دور مشبوه في الحادث. وقال الدكتور عبد الأحد جمال الدين ممثل الأغلبية بمجلس الشعب، إن البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي عقب الحادث زاعما أن هناك "اضطهاد للمسيحيين" في مصر "يعبّر عن جهل هذه الجهات الأوروبية بالأوضاع في مصر". وهدد بإغلاق أية قناة فضائية تخرج عن الخط الوطني، وقال إن "أي قناة تحاول الإساءة للبلد يجب غلقها في الحال"، كما طالب بتغيير المناهج والخطاب الديني. من ناحيته، حمّل رأفت سيف النائب عن حزب "التجمع" التعليم المسئولية عن حادث التفجير، قائلاً إن "هناك مناخًا من الاحتقان تسبب فيه التعليم، وفترة التسعينيات شهدت قيام بعض المدرسين المتشددين المتعصبين بتحريض التلاميذ على عدم تحية العلم ويقولون "دا حتة عصاية وحتة خرقة"، على حد قوله. كما اتهم الإعلام بأنه "يسمح لبعض الأشخاص باستخدام منابر الدولة من تليفزيون وصحف لتكفير الآخرين، ومنهم بالطبع الأقباط"، متهما بعض الأئمة والدعاة بأنهم يقومون ب "بتكفير الآخرين"، وتساءل لماذا لم يتم تفعيل توصيات لجنة جمال العطيفي في عام 1972م حتى الآن. وأشار إلى ما دعاه ب "الفكر الوهابي المتشدد الذي غزا مصر وأثر على التفكير الوسطي للأزهر"، وقال "إن هناك بعض الأئمة في خطب الجمعة يقمومون بتكفير الآخرين"، مطالبا بحل كافة المشاكل التي تواجه بناء دور العبادة للأقباط، لافتا إلى وجود "تمييز في تولي الوظائف". من جهتها، اتهمت النائبة الدكتور مديحة خطاب رئيسة لجنة الصحة، بعض القنوات الفضائية بالحث على الفرقة بعد وقوع الحادث. بدوره اتهم النائب رجب هلال حميدة عناصر خارجية بالوقوف وراء الحادث، وقال إن "هذه العناصر تحاول إحداث وقيعة بين أبناء الوطن"، وأشار إلى أن مصر مستهدفة من دول آسيوية وأوروبية وأن هذه العناصر تتلقى "تمويلا مشبوها من الاتحاد الأوروبي". فيما اعتبر اللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية أن "نشاط "القاعدة" يخدم المخططات الصهيونية وعلينا أن نحكم صوت العقل والحكمة"، معلنا رفضه أي دعاوى أو وصايا على الشعب المصري ورفض أي تدخل خارجي في شئونه. وتساءل النائب محمد عبد العال عن تجاهل بيان تنظيم "القاعدة" في العراق باستهداف الكنائس المصرية، في إشارة إلى البيان الذي صدر عقب التفجير الذي استهدف كنيسة النجاة ببغداد قبل أكثر من شهرين. ووصف النائب الدكتور زكريا عزمي منفذي الحادث بأنها "أيد خائنة ضربت قلب مصر مسلميها ومسيحييها"، موضحا أن الشعب المصري اتفاق على أن الحادث "عمل إرهابي.. ونحن هنا في مجلس الشعب نعرف أن هناك مطالب مشروعة هنا وهناك، لكن ليس وقتها، لأن الحادث موجه لمصر كلها". وقال عزمي إن البعض يعتقد أن البرلمان لم يناقش الحادث إلا اليوم وبعد عشرة أيام من وقوعه، لكن يجب أن نذكر أن المجلس أرسل أربع لجان للإسكندرية وعقد اجتماع ثانيا. وأشار إلى البيان الذي أصدره الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، وقال لرئيس المجلس "أؤيدك في ردك القاسي على بيان الاتحاد الأوروبي، ونحن نرفض تدخل هذا الاتحاد رفضا قاطعا". ودعا عزمي إلى ضرورة احترام الدولة وضبط النفس وأن لا يتحول بعض الغاضبين إلى مواجهة مع القانون، وتوجه بالشكر للبابا شنودة على دعوته لشباب الأقباط لضبط النفس وعبر عزمي عن تقديره للإعلام. وقال "لكن هناك قانون للعقوبات وآخر للإجراءات الجنائية يجرم التدخل في شئون الأمن"، وسخر من عناوين الصحف حول التحقيقات بشأن الحادث وقال "هناك مانشيتات تقول: شافوا واحد قصير وواحد طويل ومانشيتات تقول: ضبطنا راس"، وشدد على أنه يجب أن نترك الأمر لسلطات الأمن ونثق فيها ونترك لها الوقت الكافي لإظهار الحقيقة. من ناحيته، هاجم النائب محمد عبد العليم داود بابا الفاتيكان، واعتبر كلامه حول التدخل لحماية الأقباط في مصر يعني التدخل الخارجي في مصر، وطالب النائب المستقل بحل مشاكل الأقباط. فيما اعتبر الدكتور سرور الربط بين مشكلات الأقباط والحادث استباقا للأمور، وقال "الحادث ارتكب لأسباب معينة، ولا يجوز أن نردد ما تردده بعض الدوائر الأجنبية عن وجود اضطهاد للمسيحيين". أما النائب القبطي جمال أسعد فرأى أن "الغرب يحاول استغلال القضية القبطية منذ الحملة الفرنسية حتى الحملة الاستعمارية الصهيونية التي تحاول استغلال ما يسمى بمشكلة الأقليات الدينية واستغلالها للتدخل الأجنبي والكونجرس الأمريكي". وأضاف "نحن نقول الأقباط ليسوا أقلية"، لكنه قال في الوقت ذاته "لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونزعم أنه لا توجد مشاكل"، في الوقت الذي انتقد فيه رد فعل الفاتيكان وأضاف "أقول للفاتيكان لا نريد أن نعيد لغة الحملات الصليبية مرة أخرى".