علمت "المصريون" أن القاهرة تدخلت بقوة لدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أجل وضع حد لأزمته مع محمد دحلان السعي القيادي في حركة "فتح"، خاصة بعد أن امتثل الأخير لقرار الحركة بإحالته إلى لجنة تحقيق، في ضوء ما نسب إليه من اتهامات حول تحريضه قيادات بالحركة ضد قيادة السلطة. وجاء تدخل القاهرة على خطى الأزمة خلال الأيام الماضية، في إطار السعي للحفاظ على وحدة الحركة، وحتى لا تستغل الأزمة من قبل الإعلام في تسليط الضوء على الصراعات داخل الحركة، وهو الأمر الذي تخشى مصر من تبعاته، في ضوء انهيار عملية السلام، واستمرار الانقسام على الساحة الفلسطينية. وأفادت مصادر فلسطينية مطلعة، أن القاهرة دفعت عددا من قيادات الحركة المقربين من الرئيس عباس للتدخل من أجل إنهاء الأزمة، والاكتفاء بمثول دحلان أمام لجنة التحقيق في الأسبوع الماضي، حتى لا يكون الدخول في دوامة تحقيقات سببا في الإساءة للحركة وفتح الباب أمام تشويه صورتها، خاصة وأن التحقيقات تتعلق في جانب منها باتهامات بالاختلاس والتورط في الاستيلاء على المال العام. وأبدت القاهرة ارتياحا لاعتذار القيادي البارز في حركة "فتح" ماهر أبو غنيم من رئاسة اللجنة المكلفة إجراء التحقيق مع دحلان، باعتبار أن ذلك قد يعيد الاستقرار للحركة في ظل الثقل الكبير الذي يتمتع به الأخير داخل الحركة، وتفضيله عدم التوسع في إجراء تحقيقات مع دحلان قد تضر بالحركة بشكل عام. وكشفت المصادر أن القاهرة انتزعت ضمانات من دحلان بعدم توجيه انتقادات ضد الرئيس عباس في المستقبل، أو أي من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إذا أراد إغلاق هذا الملف نهائيا وعدم فتحه مجددا. واعتبرت المصادر أن هيمنة دحلان على عدد من الملفات داخل حركة "فتح" جعل أغلب الأطراف لا ترغب في تفاقم المشكلة أو تصعيدها لأبعد من ذلك، والاكتفاء بمثوله أمام لجنة التحقيق، باعتبار أن تفجير الأوضاع داخل الحركة سيصب في صالح حركة المقاومة الإسلامية "حماس". وكانت السلطة الفلسطينية أطلقت يوم الأربعاء الماضي سراح مدير مكتب دحلان في مدينة رام الله معتز خضير بعد خمسة أيام من اعتقاله، إثر تهديد أنصار دحلان بالتصعيد ضد الرئيس عباس، وفي إطار التحقيقات الجارية مع المحسوبين عليه، إذ جرى اعتقال عدد من هؤلاء وأفرج عنهم تباعا. وجاء ذلك بعد أن قررت اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الأسبوع قبل الماضي تجميد عضوية دحلان وعزله من منصبه كمسئول عن الإعلام والثقافة في اللجنة المركزية, حيث تقوم لجنة من المركزية بالتحقيق في تهم بالتحريض على الرئيس محمود عباس والإساءة له والتآمر على سلطته. وعاد دحلان إلى رام الله الأحد الماضي، للمثول أمام لجنة التحقيق المشكلة من أعضاء اللجنة المركزية: عزام الأحمد (رئيسا)، وصخر بسيسو، وعثمان أبو غربية، بعدما استقال من رئاستها، نائب رئيس اللجنة المركزية أبو ماهر غنيم. وقال دحلان في تصريحات صحفية عقب المثول أمام لجنة التحقيق، إن الأسئلة معه بدأت بدأت بكلام منسوب إليه عن أبناء الرئيس محمود عباس، لكنه قال إنه خلص بعد التحقيق الى أنه "لا توجد قضية"، على حد قوله. وصدر القرار بتجميد عضوية دحلان باللجنة المركزية، في ضوء افتعاله مشاكل داخلية للرئيس عباس، بعد اتهام مساعدي الأخير لدحلان بأنه حرض قيادات في "فتح" على أنهم أحق من عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالحكم، كما اتهموه بالسعي لتعزيز نفوذه في الأجهزة الأمنية والوزارات في الضفة. وانتخب دحلان (49 عاما) عضوا في مركزية "فتح" في في مؤتمرها العام السادس الذي عقد في أغسطس عام 2009 في بيت لحم وكان يشغل منصب مفوض الإعلام والثقافة فيها. وكان قد شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس عباس قبل سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة في العام 2007 وقدم استقالته مباشرة بعد ذلك. وشغل كذلك منصب وزير الأمن الداخلي في الحكومة الفلسطينية الاولى التي شكلها محمود عباس عام 2003 ومنصب مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة منذ تاسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 وحتى عام 2003. وهو عضو منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 عن دائرة خان يونس في قطاع غزة وتولى رئاسة لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي. ويعد من أكثر الشخصيات الفلسطينية جدلاً على الساحة الفلسطينية، في ظل اتهامات خصومه له بسبب علاقاته الوثيقة بإسرائيل.