عزا طارق الزمر، القيادي الجهادي، المسجون منذ عام 1981 على خلفية اتهامه في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات عدم الإفراج عنه هو وابن عمه عبود الزمر إلي تمسكهما بممارسة حقوقهما السياسية وليس كما يشاع بسبب الخلاف الذي كان بينهما وبين اللواء أحمد رأفت مساعد وزير الداخلية الراحل، والذي يوصف بأنه "مهندس" المراجعات للإسلاميين داخل السجون. وأضاف طارق الذي كان محكومة عليه بالسجن 15 عاما في قضية الجهاد الكبرى في تصريحات ل "المصريون"، إن ملفه هو وابن عمه عبود "سياسي من الدرجة الأولى وليس كما يقول البعض أمنيًا"، مرجعا عدم الإفراج عنهما حتى الآن إلى خوف النظام من كسر القاعدة التي أرساها في تعامله مع الإسلاميين خلال العقدين الماضيين، وخشيته من أن يكون خروجهما من السجن تحريضا للإسلاميين على كسر تلك القاعدة. وقال إنه منذ دخولهما السجن في ذات اليوم الذي دخل فيه رئيس الجمهورية قصر العروبة لم يطرأ على حياتهما أي جديد على الرغم من تبدل أحوال كثيرة داخل وخارج مصر، مشيرا إلى أنه خلال فترة سجنه تعرض لكثير من الإخطار، منها سقوط سقف الزنزانة عليهما هو وعبود، وسقوط جندي كان يقف في برج الحراسة عليهما، وكسرت ساقه، مضيفا: فالله عز وجل كان كثير النعم عليهما وأغدق عليهما من نعمه بحفظهما من سقوط السقف وخروجهما بدون إصابات تذكر. وبعد مضى أكثر من 29 عاما على عملية اغتيال الرئيس السادات وذلك أثناء حضوره استعراض عسكري في ذكرى انتصارات أكتوبر عام 1981، ينظر الزمر إلى أن الحادث الذي جاء انتقاما من الرئيس الراحل لتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد في عام 1979 كانت له تداعيات سواء على الوضع الإقليمي أو الداخلي، وليس كما يشيع البعض بأن مقتله لم يغير من الأمر شيئا. وأضاف: مقتل السادات أخّر كثيرًا من مشروع تسليم المنطقة للولايات المتحدة، ووضع حجر الأساس لتصفية الحركات الإسلامية عمومًا وحركات المقاومة الإسلامية والوطنية على وجه الخصوص بل وتدمير كل أساسيات النهضة أو التنمية المستقلة فى المنطقة، وهو المشروع الذي تم تدشينه بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد. ورأى أن غياب السادات أدى إلى توقف مشروعاته الاقتصادية والسياسية التي قام النظام الحالي باستكمالها خلال العشرين عاما الماضية، تحت ستار ما يسمى "مكافحة الإرهاب"، موضحا أن الأوضاع الاقتصادية الحالية ما هي إلا استكمال لما بدأه السادات تحت مسمى الانفتاح الاقتصادي والتي يقول إنها أوصلت مصر إلى ما باتت عليه اليوم من سيطرة رأس المال على كل الأوضاع وتفشى الفقر في قطاعات عاشت لفترات طويلة كريمة ومستورة. وقال إن ما وصفها ب "التغيرات الاجتماعية المأساوية التي نعاني منها اليوم هي التغيرات التي أسس لها السادات بالتوجه غربا، وفتح الباب على مصراعيه أمام كل أشكال التغريب حتى أصبحنا نعايش مظاهر هذا التغريب معايشة كاملة". واستدرك قائلا "السادات قد بدأ منذ كامب ديفيد التأسيس لاستبداد شديد الوطأة عبر عنه في خطابه السياسي أواخر أيامه التي عرفنا منها ما أسماه ب "الديمقراطية ذات الأنياب"، ورأيناه يفتح الباب على مصراعيه لتزوير الانتخابات حتى لا يرى فى برلمانه أي عضو يعترض عليه أو على اتفاقية كامب ديفيد أو التطبيع مع إسرائيل، ورأيناه يعتقل فى قرار التحفظ كل رموز المعارضة السياسية بتوقيع واحد بخط يده وهدد علنًا باعتقال سبعة أضعافهم إذا لم يرتدعوا". وحمّل القيادي الجهادي، الرئيس الراحل الذي قاد مصر إلى التوقيع على اتفاقية السلام, المسئولية عن حالة التشرذم التي عصفت بالمنطقة العربية، وتابع "يجب أن نذكر أن السادات هو الذي وضع المسمار الأخير فى نعش الالتئام والوفاق العربي وذلك يوم أن تحرك منفردًا فى اتجاه التسوية السلمية مع إسرائيل، فضلاً عن أن ذلك نفسه هو الذي كرس هذه الحالة الإسرائيلية المتغطرسة التي نعاني منها اليوم". وأشار طارق الزمر إلى أنه كان يتمنى أن يكون من المقاومين الفلسطينيين أو أن يكون موجودًا علي ظهر "أسطول الحرية"، وأن يقتل وهو على ظهر واحدة من سفنه فينال الشهادة، وطالب أن تستمر تلك القوافل "العبقرية" التي وضعت إسرائيل في موقف صعب لم تقف فيه من قبل. واعترف بأن الموقف الذي أثر فيه كثيرا وانفعل له هو موقف رشق الصحفي العراقي منتظر الزيدي بحذائيه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في آخر زياراته إلى العراق في أواخر عام 2008، قائلا إن هذا تلموقف أسعده "بطريقة مجنونة حتى انهمرت عيناه بالدموع فرحًا بذلك الموقف". وقال إن ظاهرة تحول الأكاديميين إلي العمل بالسياسة كانت من الأمور التي لفتت انتباهه بشدة خلال سنوات السجن الطويلة، خاصة مع "رغبتهم في الظهور بالزفة بأي شكل، لأنهم إذا كانوا علماء سياسة فإنهم يبررون ويحبذون أوضاعًا هي أبعد ما تكون عن علم وعالم السياسة.. وإذا كانوا علماء قانون فإنهم يبررون ويحبذون أوضاعًا ليس لها نظير أو علاقة بالقانون.. إذا كانوا علماء دين فإن المصيبة تكون أفدح لأن الكذب هنا يكون على الله قبل أن يكون على الناس". وبحسب رؤيته، فإن ظاهرة عداء الغرب للعالم الإسلامي ليسا وليد اليوم بل له جذورها؛ فالقارئ الجيد للتاريخ سيكتشف بسهوله أصول العداء الغربي للإسلام، بالإضافة إلى أن العداء الحالي يعتمد في أصوله علي الدراسات الاستشراقية القديمة التي لم تجد في الإسلام إلا النقائض والعيوب وفي رسوله إلا تلك الصورة المقيتة التي ظهر بها في الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم بالدنمارك. ولاحظ خصوصا أن "تلك الحرب استعرت ضد العالم الإسلامي منذ نهاية الثمانينات، بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي وحاجة الغرب إلى خصم حضاري وتاريخي يحافظون بوجوده على تماسك العالم الغربي، ولمنعه من التفكك والانهيار، كما كان للصهيونية العالمية دورها في إذكاء روح العداء بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، حيث تخطط منذ خمسين عاما من اجل إشعال الحرب بين الغرب والإسلام حتى تتمكن من فرض هيمنتها وتتمكن إسرائيل من فرض مشروعها على المنطقة". وأبدى طارق الزمر عدم اقتناعه بدعوات الإصلاح القادمة من الغرب، لأنه "لا يعنيه أي إصلاح سياسي في المنطقة العربية، فهو قبل ذلك أتي بجيوشه ودباباته من أجل القضاء على النظم الفاعلة سياسيا واقتصاديا بالمنطقة العربية وليضمن تبعيتها السياسية والاقتصادية له وربما حتى الثقافية، بالإضافة إلي تعارض الحريات السياسية والفكرية التي ينادي بها الغرب مع متطلباته سواء السياسية أو الاقتصادية". وبرأيه، فإن الاستبداد والاستعباد هو الذي وفر للغرب كل مصالحه وكل أهدافه ولبى طموحاته بلا شروط وبلا ثمن وعن ترشحه لعضوية مجلس الشعب السابق، قال طارق إن هذا الترشح لم يكن بالمعني المفهوم لدخول الانتخابات فهم يعلمون أنهم مقيدي الحرية وإنما كان رسالة مفادها أن وقف العمل المسلح لا ينفي ممارسة الحقوق السياسية وعن المد الشيعي بالمجتمعات السنية، قال إنه "ما كان للمد الشيعي أن يظهر بمثل تلك القوة لولا تقاعس وتخاذل أهل السنة، لذلك فإن عند قيام أهل السنة بواجبهم فلن يصمد أمامهم المذهب الشيعي". وعُوقِبَ طارق الزمر بالسجن 15 عامًا، بالإضافة إلى 7 سنوات سجن قضت بها المحكمة العسكرية العليا في قضية الجهاد الكبرى. بينما اتُّهم عبود وهو ابنه وكان ضابطًا سابقًا برتبة مقدم في الاستخبارات الحربية بالضلوع في اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر عام 1981، أثناء حضوره عرضًا عسكريًا بمناسبة الذكرى التاسعة لانتصارات حرب أكتوبر على إسرائيل. واحتل عبود المرتبة الحادية عشرة في قائمة المتهمين في هذه القضية التي ضمت 24 متهمًا، والثاني في قضية تنظيم "الجهاد الكبرى" التي ضمت 343 متهمًا. وتمت معاقبتهُ بالأشغال الشاقة المؤبدة في قضية اغتيال السادات، والسجن 15 عاما في قضية الجهاد.