ما الذي يقوله ويعرضه عبد الرحيم على فى برنامجه التليفزيوني الصندوق الأسود ؟ هذا السؤال يطرح عشرات الأسئلة الأخرى منها: هل يجوز عرض مقاطع فيديو على الرأي العام عن الخصوم السياسيين قد تكشف أو تلمح إلى حياتهم الشخصية؟ والا يهز هذا بسمعة جهاز نادت ثورة يناير بإلغائه بسبب تجاوزاته، ومع الانفلات الأمني وحوادث التفجيرات، والتمويل الأجنبي وغيرها نادى البعض بعودة الجهاز مع تصحيح رسالته وممارساته ومنها عدم التعذيب وعدم ترويع الناس بأي صورة، وان تكون مهمته جمع وتقديم معلومات لصاحب القرار للحفاظ على امن الوطن وبالفعل تم تغيير اسم الجهاز من امن الدولة إلى الأمن الوطني، فهل ما يقوم به هذا الجهاز من عرض على الملأ والرأي العام يتوافق مع مطالبة البعض بعودته ؟ وهل لو وجدوا أن لدى مقدم البرنامج أو احد أتباعهم انحرافات مثل استغلال علاقاته بالأمن فى إنهاء تراخيص سلاح أو غيرها هل كانوا سيعرضون هذا على الرأي العام ؟ والا يعنى التقديم بهذه الصورة أن الجهاز الأمني هو الذي يرشح الإعلاميين لتقديم البرامج وفق معايير يحددها تفوق الكفاءة والموهبة، ويسهل لهم الحصول على ملايين الجنيهات من خلال أجور خيالية، وانه رشح عبد الرحيم على مقدم البرنامج لهذا العمل وان هذا ينسحب على ترشيح الأمن لمقدمي البرامج الأخرى فى القنوات المختلفة مثل احمد موسى وخالد صلاح ومحمود سعد ومجدي الجلاد وإبراهيم عيسى ووائل الابراشى ولميس الحديدي وعماد أديب وغيرهم ؟ والسؤال أيضا هل أعوان الأمن من إعلاميين وغيرهم بلا خطيئة أو إننا أمام منطق الأسياد الذين يملكون فضح البعض وستر أنفسهم وأعوانهم ؟ ما يحدث من عرض فيديوهات صورتها امن الدولة نوع من الترويع حتى لمن لم يتناولهم أي عرض، فهو يشعر اى مواطن له اى شأن بالسياسة أو العمل العام انه يمكن أن يكون تحت مقصلة التنصت وان حتى ما داخل منزله مراقب، و يعيد إلى الأذهان قول زكى بدر عندما كان وزيرا للداخلية بأنه يستطيع الكشف عم يدور فى حجرات نوم قيادات المعارضة، وهو ما أدى إلى انفعال طلعت رسلان عضو مجلس الشعب ولطمه على وجهه ؟ فلماذا يصر البعض على إعادة هذا الماضي الكئيب للأذهان ؟ كما يذكرنا بتسجيل الأمن " وقتذاك " للصحفي والسياسي ايمن نور أثناء لقاء ضباط امن الدولة به فى المطار دون أن يدرى، وتناول الحديث ما أطلقوا عليه" فبركة " صحيفة الوفد للتعذيب ( بصرف النظر عن الخلل أو التلاعب فى المونتاج والذي لاحظه المشاهد من طول ثم قصر السيجارة التي كان يدخنها ايمن نور ) وعرض ما قاموا بتصويره فى التليفزيون كأنه إنجاز ؟ ثم ماذا عن صور هؤلاء الأشخاص ( أعضاء 6 ابريل ) مع الفريق السيسي حتى لو كانت فى مناسبة أخرى ؟ وألا يعنى هذا أن نشر الصور بالمدح أو القدح يأتي حسب المزاج والوضع الذي يرضى عنه الأمن ؟ وقول أو تبرير متحدث عسكري بان اللقاء مع كل القوى السياسية والنشطاء غير مقنع، فكما هو معروف التدقيق فى اختيار الأشخاص - خاصة من ناحية الملف الأمني - فى مثل هذه اللقاءات والتي يشارك فيها كبار اللواءات والقيادات وهل هذه صورة الناس فى مصر المطلوب تصديرها؟ وإذا كان البعض دفع أن ما نشرته " رصد" منسوبا إلى السيسي هو محض فبركة ومونتاج وفوتو شوب فلماذا لا ينسحب التشكيك والفبركة على ما تم عرضه منسوبا لجماعة 6 ابريل والنجار وعبد الرحيم يوسف وغيرهم ؟ ثم ماذا عن قول مقدم البرنامج عبد الرحيم على بان هناك اتصالات تلقاها من سياسيين ومن أعضاء أحزاب وغيرهم لإيقاف فضح البعض وهو ما يعنى أسلوب فيلم الراقصة والسياسي ؟. أما عن محاولة عبد الرحيم على الظهور بأنه صاحب قيم أخلاقية بعدم تطرقه لنشر فضائح أخرى فهو يعطى انطباع أكثر بشاعة من النشر إذ انه يفتح لخيال المشاهد كل الأفق ليتخيل ما لم يقم بعرضه، واسألوا أي عالم نفس عن حالة ترك عنان الخيال للمتلقي فيأتي تصور عشرات الجرائم المختلفة المخلة بالشرف والأخلاق وان كان ما يهم بحق هل حصل هؤلاء الشباب على تمويل أجنبي أم لا أو غيرها من الجرائم الكبرى كالقتل، وحتى فى هذه الحالة فان جهاز الأمن مهمته إحالة الاتهامات للقضاء وليس الحكم فيها من خلال محاكمة تليفزيونية قاضيها سي عبد الرحيم وبالمناسبة إذا كان إقصاء وتشويه جماعة 6 ابريل ودورهم فى ثورة يناير بهذه الصورة فهل نفهم - لامؤاخذه - أن الذي قام بالثورة هو عبد الرحيم والذين معه ؟ إننا نرجو من أي صاحب عقل يفهم فى التحليل الإعلامي أو حتى الأمني أن يوقف هذا الهزل ويقوم بإلغاء هذا البرنامج، وليقتصر دور الأمن على رسالته وهى تقديم المعلومات لصاحب القرار السياسي أو إحالة القضايا إلى القضاء، لان هذا العرض التليفزيوني حتى بفرض انه يهدف لتبصرة الرأي العام إلا أن العرض بمثل هذه الطريقة الفجة تعود بضرر اكبر من النفع، فهو على الأقل يسيء لصورة الحياة والديمقراطية فى مصر خاصة مع قول وزير الداخلية أن من لا يريد أن يظهر بمثل هذا المظهر فليمسك لسانه وكان قوله بمناسبة انتقاد التخوف من مراقبة تليفونات المشتغلين بالسياسة فالحق فى مراقبة التليفونات يجب أن يكون فى أضيق الحدود، ووفق ضوابط معينة، بينما ما لاحظناه فى برنامج عبد الرحيم هو أن هواتف بعض الأشخاص تخضع لمراقبة دائمة، وهو ما يعنى تناول الأمن لكل حياتهم الشخصية، وهو هتك واعتداء على كل قيم الحريات والخصوصية، والتي يجب أن تعلو على الخلاف مع أي فصيل سياسي لقد مللنا من عرض فيلم الراقصة والسياسي