أنتجت هوليود في الآونة الأخير عدة أفلام يتصور المشاهد للوهلة الأولى أنها تحسن صورة العرب والمسلمين وكأن هناك تغييراً في النهج الذي اشتهرت به هوليود من العداء الواضح للعرب والمسلمين وتشويه صورتهم. لقد بات معلوماً للكثيرين أن كبرى الشركات في هيوليود يملكها يهود معروفين بعنصريتهم وتطرفهم وأن لهم يداً في صناعة قرارات سياسية في أحداث وبلدان عدة من العالم ما يعني أن تلك الشركات على صلة وثيقة بمراكز صنع القرار وتحضى بدعم وتمويل بشكل ملفت للنظر. فلو نظرنا الى "فيلم مملكة" الجنة للمخرج الأمريكي "ريدلي سكوت" نجد هذا المثال واضحاً ، فللوهلة الأولى يشعر المشاهد وخاصة العربي بأن هناك تغيراً في تناول صورة العرب والمسلمين وتأريخهم بشكل منصف، فقد أظهر الفيلم صلاح الدين الأيوبي الذي فتح القدس وحررها من أيدي الصلبيين بمظهر القائد العادل والمحنك، وركز على معاملته السمحة مع ساكني القدس من المسيحيين وإحترامه لأماكن العبادة فيها، وفي المقابل أظهر الفيلم زيف إدعاءات الصليبيين في أن قتالهم لم يكن بدافع حبهم للقدس كونها مهد المسيح وإنما كان من أجل الشهرة والمال. لكن الذي غاب عن ذهن المشاهد هي الرسائل التي كان مخرج الفيلم يمررها خلال الأحداث وربما لم ينتبه اليها احد، ألا وهي التأكيد على وجود فرسان الهيكل في جميع أحداث الفيلم وأنهم كانوا وراء الجرائم التي حدثت للمسلمين والإعتداءات على قوافل الحجاج وعمليات السلب والنهب، وسعيهم لنقض أي هدنة تعقد للسلام. وفرسان الهيكل هم المعروفون اليوم ب " فرسان مالطا " تلك الدولة التي أثارت الجدل ولا تزال فهي دولة بلا حدود ولا سكان غير أنها تحضى بإعتراف الأممالمتحدة ولها تمثيل في 97 دولة من ضمنها دول عربية وإسلامية، والأغرب من ذلك أنها لاتزال تمارس نفس الدور الذي مارسته أثناء الحروب الصليبية وهو إشعال نار الحرب هنا وهناك وإرتكاب أبشع الجرائم بحق المدنيين العزل . ومن أبرز المنظمات المنتمية لفرسان مالطا اليوم هي شركة " بلاك ووتر" سيئة الصيت والتي ذاع صيتها في العراق بفعل جرائمها بحق المدنيين رغم أنها تتستر بستار الشركات الأمنية مع الجيش الأمريكي. إضافة الى ذلك فإن الفيلم يركز على كلمة سمعناها لأكثر من مرة على لسان فرسان الهيكل حين يبررون جرائمهم بقولهم "هذه إرادة الرب" وكأن الله أرسلهم ليقوموا بتلك الجرائم، وهذا نفس المنطق الذي يتبجح به من يشنون الحروب ويفتعلون الأزمات اليوم أمثال جورج بوش وغيره من الجمهوريين المنتمين الى اليمين المتصهين داخل الأدارة الامريكية السابقة ، وما حرب العراق عنا ببعيد فقد دمروا شعبه وأرضه وحضارته وبنفس الحجة وهي " إراة الرب ". يضاف الى ذلك إختيار وقت إنتاج الفيلم حيث انتج في 2005 أي بعد إحتلال العراق بسنتين وهو ما يبرر كثير من أحداث الفيلم التي كانت الإدارة الأمريكية بحاجة لإيهام الرأي العام بها؛ إذ أن المنطلق الذي إنطلق منه قرار غزو العراق هو نفسه الذي أنطلقت منه الحروب الصليبة وهي " إرادة الرب ". كاتب واعلامي عراقي