أكدت صحيفة "فايننشيال تايمز " البريطانية أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان لم تتوقع الحملة الإعلامية الحكومية الشرسة ضدها عندما قررت الاجتماع مع عدد من أعضاء نادي القضاة في مصر من أجل الضغط على الحكومة لإقرار تشريع يضمن استقلالية السلطة القضائية ، مشيرة إلى أن الضجة التي أثارتها الحملة أدت لإلغاء الاجتماع. وأشارت الصحيفة إلى أن "كينيث روث" المدير التنفيذي ل " هيومان رايتس ووتش " أعرب عن خيبة أمل المنظمة بسبب الاتهامات التي صنفتها على أنها منظمة صهيونية تعمل من خلال اللوبي اليهودي في واشنطون. وأوضح روث أن المنظمة كانت تهدف من هذا الاجتماع التشجيع على استقلال السلطة القضائية ، لان القضاة هم الأكثر أهمية على مراقبة سوء التصرف الحكومي في مصر. واعتبر كينيث روث أن إلغاء الاجتماع يبرز أيضا مدى الصعوبات التي واجهت القضاة خلال عام كامل من محاولاتهم لحسم مستقبل السلطة القضائية. وأكدت "فايننشيال تايمز " نقلا عن قانونيين تأكيدهم أن مشروع قانون السلطة القضائية المزمع تقديمه لمجلس الشعب خلال هذا العام من خلال الحكومة لن يحقق الضمانات المرجوة التي يسعى إليها القضاة لتحقيق استقلالية سلطتهم القضائية. وأشارت الجريدة إلى تصريحات المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض الذي أكد عدم إطلاع القضاة على مسودة مشروع القانون ، واصفا حجب مشروع القانون عن القضاة "بالفضيحة". وتوقع مكي أن يأتي القانون الجديد ضد مبدأ انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وهو المطلب الذي ينادي به جميع القضاة ، كما توقع أيضا أن يقلل القانون الحكومي الجديد من حرية نادي القضاة في التعبير. وأعرب نائب رئيس محكمة النقض عن خشيته من أن يخضع القانون الحكومي المقترح نادي القضاة لسيطرة مجلس القضاة الأعلى الذي يعين أعضائه من خلال السلطة التنفيذية على عكس أعضاء نادي القضاة الذين ينتخبون من قبل القضاة أنفسهم. ولفتت الصحيفة إلى أن العديد من القضاة يتهمون مجلس القضاة الأعلى بأنه القناة الرئيسية لفرض النفوذ الحكومي على السلطة القضائية . وأشارت الفايننشيال تايمز إلى أن نادي القضاة يضغط من اجل تبني التشريع البديل الذي أعدة نادي القضاة، والذي يهدف في المقام الأول إلى انتخاب أعضاء المجلي الأعلى للقضاء. ونوهت الجريدة بأن مجلس القضاء الأعلى كان قد ألغى عام 1952، كما أن القضاة تعرضوا عام 1968 لما يشبه المذبحة بعد أن تم فصل وطرد العشرات منهم في ذلك الوقت ، لكن الصحيفة أشارت إلى أن مصر من أكثر دول المنطقة التي لها تقاليد قضائية راسخة ومتطورة، معتبرة أن المواجهات العلانية بين القضاة والحكومة شكلت حرجا بالغا للحكومة بشكل لم يسبق له مثيل. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى تصويت الآلاف القضاة على مقاطعة الإشراف على الانتخابات إلا بعد توفير الضمانات الكافية لهم لضمان حيدة ونزاهة الانتخابات، ، وأكدوا أن الحكومة استغلت إشراف القضاء على الانتخابات لإضفاء الشرعية على الاحتيال الحكومي. ولفتت إلى أن العديد من القضاة أصدروا تقارير شديدة الانتقاد توثق للانتهاكات الحكومية في الانتخابات التي أشرفوا عليها سواء الانتخابات الرئاسية أو الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث أصر عدد كبير من القضاة على إعلان النتائج الحقيقية للانتخابات النيابية الأخيرة رغم الضغوط عليهم، مما مكن جماعة الإخوان المسلمين من تحقيق عدد كبير من المقاعد. وأشارت الجريدة إلى إحالة 6 من نواب رئيس محكمة النقض إلى التحقيق وتجريدهم من حصانتهم القضائية بسبب صراحتهم وتحدثهم لوسائل الإعلام وتأكيدهم على ضرورة استقلال السلطة القضائية.