نشرت صحيفة"لوتان ليبر" البلجيكية نهاية الأسبوع الأخير مقالا تحت عنوان"مجلس حرب في منتجع كامب ديفيد من أجل إعادة النظر في السياسة الحالية بالعراق" لناتالي ماتهيم، جاء فيه: اعتزلت إدارة بوش في الإقامة الرئاسية بمنتجع كامبد ديفيد، في اجتماع استثنائي لإعادة النظر في السياسة الأمريكية بالعراق. وبالنسبة للرأي العام الأمريكي المقتنع بنسبة 60 % بأن غزو العراق كان خطأ، فإن السؤال الطبيعي الذي يتردد لدى الجميع هو: متى سيعود الجنود الأمريكيون إلى البلاد؟. لكن لا أحد من الخبراء العسكريين ينتظر جوابا على هذا السؤال ، فالجنرال كايسي قائد القوات في العراق لم يفعل شيئا عدا تكرار نظرية بوش القائلة بأن أي انسحاب أمريكي من العراق لن يكون ممكنا قبل تأهيل القوات العراقية وتكريس مصداقية الحكومة الحالية. أما مستشارو البيت الأبيض فإنهم يكتفون بالقول بأن موضوع الانسحاب سوف يطرح على الطاولة قريبا. وقد رافق الرئيس بوش إلى الاجتماع المنعقد في مزعته الواقعة في غابات ماريلاند، المكان الاعتيادي للقاءات والقمم الحساسة جدا ، كل من نائبه ديك تشيني ، وكاتبة الدولة في الخارجية كوندوليزا رايس ، وكاتب الدولة في الدفاع دونالد رامسفيلد ، كما شارك في اللقاء رؤساء الأركان الأمريكيون في العراق والحكومة العراقية بطلب مشورتهم عبر الأقمار الصناعية. لقد تم بحث حادث مقتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق في ندوة صحفية عقدها المسؤولون العسكريون الأمريكيون، من أجل قطع دابر أي شائعات حول ظروف مقتله، وقد وضعت هذه العملية بشكل سريع في حجمها الطبيعي من طرف إدارة جورج بوش وحلفائه العراقيين، ذلك أن كافة المسؤولين العسكريين أو المدنيين يؤكدون أن مقتل الزرقاوي لا يمثل "انعطافا" حاسما، وهو ما تجنبت إدارة بوش قوله، لأنها تستمر في وضع آمالها كلها في استقرار الأوضاع على حكومة نوري المالكي. وحسب مستشار بالبيت الأبيض، دان بارتلي، ستدعو الإدارة الأمريكية الزعماء العراقيين الجدد إلى اقتناص هذه الفرصة فرصة اغتيال الزرقاوي من أجل نشر سيطرتهم في العراق، لأنها أعادت المصداقية إلى خطابهم حول استتباب الأمن والنظام في العراق،"هناك اليوم نافذة ينبغي استغلالها جيدا لإظهار النجاح"، يقول بارتلي ، مضيفا"وهذا هو سبب عقد اجتماع كامب ديفيد الآن، بهدف إظهار أننا عازمون على ضمان النجاح في العملية". وقد سبق لرئيس الوزراء العراقي أن أعلن في الشهر الماضي أن العراقيين سيكونون قادرين خلال عام ونصف العام على ضمان استقرار بلادهم من دون مساعدة الولاياتالمتحدةالأمريكية. بيد أنه في يوم 29 أبريل الماضي تظاهر مئات الآلاف من الأمريكيين في شوارع نيويورك للمطالبة بعودة القوات الأمريكية من العراق، والكثيرون ممن شاركوا في تلك التظاهرات جاؤوا من أماكن نائية جدا، وأعلنوا أنهم يمثلون"أمريكا المتوسطة"، ورفعوا لافتات توضح انتماءاتهم للأحياء والضواحي المتواضعة أو مهنهم ووظائفهم البسيطة. وتؤكد استطلاعات الرأي هذه التظاهرات، فمعارضة الحرب توقفت منذ أشهر عن أن تكون قضية المناضلين الذين صار من السهل على بوش أن يطلق عليهم وصف"المتطرفين"، وهذا الأمر لم يعد خافيا على العديد من المنتخبين(جميع أعضاء مجلس النواب وحوالي ثلث الكونغرس) الذين دخلوا منذ فترة في حملات انتخابية من أجل إعادة انتخابهم في نوفمبر المقبل، وقد أصبح موضوع الانسحاب من العراق الذي لم يتجرأ سوى القليل من المرشحين في انتخابات 2004 على الحديث عنه القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهؤلاء، حيث قدمت بخصوصه عدة مقترحات قوانين. وبين وقت وآخر يزداد عدد القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين العاملين في العراق، ليصل حاليا إلى نحو 2500 قتيل، بينما يتم تناسي عدد الجرحى الذين بلغ عددهم 18000 جندي. والكثير من الأمريكيين أصبحوا اليوم يدركون جيدا قسوة الحرب من خلال الجنود العائدين من ساحة القتال وهم في حالة سيئة جدا من هول الصدمة ، أو مصابين بعاهات جسدية، وقد وجه بعض أعضاء الكونغرس انتقادات شديدة اللهجة إلى إدارة جورج بوش لكونها لم تقم بما يكفي. أما الغالبية فتكتفي باتخاذ موقف انتخابي أكثر سهولة: المطالبة بأن تقوم الولاياتالمتحدة بما هو أقل مما تقوم به اليوم، مع قوات أقل، ومساعدات أقل للتخفيف من حجم الخسائر في انتظار إيجاد مخرج " مقبول " من المأزق العراقي الذي وضع بوش نفسه فيه ! المصدر : الاسلام اليوم