ثمانية أشهر مرت على العراقيين وهم من غير حكومة رغم ظهور نتائج الإنتخابات التي فسر كل طرف نتائجها حسب هواه، ما أدى الى خلافات حول من له الأحقية في تشكيل الحكومة لينتهي ذلك المخاض بالرجوع الى المربع الأول، وهو عودة كل الى منصبه فجلال الطالباني رئيسا للجمهورية ونوري المالكي محل النزاع رئيسا للوزراء بينما أعطيت القائمة العراقية التي فازت بأكثر الأصوات رئاسة البرلمان. وبعد هذا كله لا أدري على ماذا انتظر الجميع نتيجة يمكن حسمها من أول يوم؟ وإن كان في حسابهم أن الأمور لن تؤول الى ما آلت إليه فلماذا رضوا بتلك القسمة إذا كانوا أصلا يعتبرونها قسمة ضيزى؟. ثمانية أشهر ذاق فيها العراقيون جحيم العبوات واكتووا بنيران المفخخات بعد أن نفذ كل صاحب مأرب تهديده بجر البلاد الى حرب طائفية، لكن الله سلم. تكهنات كثيرة قيلت هنا وهناك ومن أطراف عدة حول أسباب قبول القائمة العراقية بالتنازل عن منصب رئاسة الوزراء والقبول برئاسة البرلمات والتخلي عن مطالبها التي لم تنفذ لحد الآن وأنا اشك أن يُنفذ أيٌ منها، فالتتظاهر بتنفيذها لم يكن إلا تطمينات للقبول بتشكيل الحكومة. وقد سرت شائعات بأن زعيم القائمة العراقية إياد علاوي لم تعد له سيطرة على أعضاء قائمته الذين اشتراهم المالكي ووعدهم بمناصب مرموقة في الحكومة الجديدة، بينما ذهب آخرون الى أبعد من ذلك حيث اعبروا أن علاوي نفسه كان يبحث عن تلك المكاسب وحين أُسقط في يده وجد نفسه مضطراً للدخول في الحكومة. إلا أن المراقبين يرون أن القائمة العراقية التي كان العرب يطمعون في توليها رئاسة الحكومة لم تحصل على دعمهم بشكل كاف مقابل الدعم الإيراني للمالكي. إضافة الى نفوذ إيران الواسع في العراق وسيطرتها على مفاصل كثيرة داخل الدولة، وهذا أمر لم يعد ينكره أحد. لعبة سياسة حيكت بكل مكر لم يكن للناخب العراقي المسكين أي دخل فيها، والذي كان ولا يزال وقوداً لحروب تشنها الأطراف المتصارعة على السلطة في العراق من تفجيرات واغتيالات وغيرها . وهو الى الذي سارع الى صناديق الاقتراع ظناً منه أنه سيساهم في إزاحة حكومة المالكي وقدوم حكومة تحقق له شيئاً من الأمن والحرية، لكنه أصيب بخيبة أمل سبقى بعدها يحسب الف حساب عندما يفكر بالذهاب الى صناديق الاقتراع قبل أن يقرر لمن سيعطي صوته، هذا فيما لو ذهب بعد اليوم الى صناديق الإقتراع، لأنه اصبح اشد اقتناعاً بكذب الوعود التي أُعطيت له بشفافية الإنتخابات وقبلها وعود الحرية والديمقراطية. وربما أُعطي الحق لكل ناخب أدلى بصوته لصالح القائمة العراقية إذ كان أمله التخلص من حالة الفوضى والضياع التي يعيشها، لكن كما جاء في قول مأثور"أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد" فالجميع كان يطمع في تولي إياد علاوي رئاسة الحكومة ظناً منه أن الخير سيكون على يد يكومته، لكن الذي لا يعلمه الشعب العراقي أن علاوي وحكومته لا يختلفون بشيء عن المالكي وحكومته، ولو تولوا رئاسة الحكومة لما تغير عن سابقيهم الا من ناحية الشكل فقط ولخسر الشعب العراقي كثير من حقوقه باعتباره هو من انتخب تلك الحكومة وعليه أن يرضى بقراراتها وأفعالها..أما والحال هذه فستبقى حكومة المالكي حكومة غير شرعية حتى لو ظهرت للعالم بمظهر التوافق والقبول من جميع الأطراف . لقد كان على الذين قرروا الذهاب الى صناديق الإقتراع واختيار القائمة العراقية بكونها القائمة الأقرب لتحقيق مطالبهم أن يعلموا أن الخير لايمكن ان ياتي من أناس جاءوا مع الإحتلال في اي زمان ومكان وهذا ما اصبح واضحا الان للجميع ، وستكون الأحداث الجارية في العراق بنمطها المتسارع كفيلة في تثقيف الشعب العراقي وتوعيته سياسيا لكي لا يقع بمثل هذا الخطأ في المرات القادمة عندما يريد اختيار حكومته بعد أربع سنوات. كاتب وإعلامي عراقي