تصريحات منطقية أدلي بها قائد الجيش البريطاني الجديد السير ديفيد ريتشاردز عندما ذكر أن تنظيم القاعدة لن يهزم هزيمة قاطعة ودعا بلاده أن تكون مستعدة للتعامل مع خطر هجمات المتشددين الإسلاميين ما لا يقل علي 30 عاماً أخري. اعتراف قائد الجيش البريطاني لصحيفة "صنداي تلجراف" يؤكد أن تنظيم القاعدة لا يزال يهدد أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية والعديد من البلدان الأوروبية في الداخل والخارج. ويمكن القول إن تصريحات قائد الجيش البريطاني الجديد تكذب التصريحات التي أدلي بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن بلاده انتصرت علي تنظيم القاعدة وذلك في الكلمة التي ألقاها في الاحتفال بالذكري التاسعة لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بواشنطن ونيوريورك. ويمكن القول كذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ومعها بريطانيا وبعض البلدان الأوروبية فشلت في الانتصار علي تنظيم القاعدة أو القضاء عليه رغم مرور أكثر من 9 سنوات علي تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وأن التنظيم لايزال يهدد أمن تلك الدول ومصالحها في الخارج. وأعتقد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعلم تماماً أن قواته في أفغانستان تتلقي يومياً ضربات موجعة علي أيدي قوات حركة طالبان وتنظيم القاعدة الأمر الذي يؤدي إلي سقوط الطائرات وتدمير المدرعات ومقتل الكثير والكثير من جنود وضباط قوات حلف الناتو الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويمكن القول إن الولاياتالمتحدةالأمريكية فشلت في حربها علي أفغانستان التي شنتها في أكتوبر عام 2001 وأن حركة طالبان سيطرت مؤخراً علي مناطق كثيرة كانت قد فقدتها في بداية الحرب علاوة علي أن القوات الأمريكية لم تتمكن حتي الآن من القبض علي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن التي زعمت أنها ذهبت إلي هناك للقبض عليه أو قتله. ويمكن القول كذلك إن قوات حلف الناتو في أفغانستان ترتكب يومياً العديد والعديد من الجرائم الإنسانية البشعة ضد المواطنين الأبرياء في إطار ملاحقة عناصر طالبان وتنظيم القاعدة في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان.. قوات الناتو تستخدم مراراً طائرات بدون طيار لقصف مناطق تعتقد أن فيها ملاذاً لقيادات تنظيم القاعدة أو حركة طالبان إلا أن القصف يقتل مواطنين أبرياء منهم أطفال ونساء وشيوخ. وأعتقد أن الرئيس أوباما يعلم تماماً أن بلاده لم تنتصر علي تنظيم القاعدة وأن هناك قيادات كثيرة بالتنظيم لاتزال تلعب دوراً واضحاً في العديد من المناطق الملتهبة التي توجد فيها قوات أمريكية فهناك عناصر وقيادات لتنظيم القاعدة بالعراق والصومال واليمن والجزائر والمغرب وباكستان والشيشان بل وبعض الدول الأوروبية والآسيوية. ويمكن القول إن الإدارة الأمريكية اعتقدت أن احتلال أفغانستان ومحاصرة الملا محمد عمر وأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة هو نهاية تنظيم القاعدة والقضاء علي الإرهاب.. ولكن الذي لا تعلمه الإدارة الأمريكية أن القاعدة ليست الملا عمر أو بن لادن والظواهري ولكنها تنظيم كبير تنتشر عناصره في العديد من الدول المختلفة بخلاف أعداد كبيرة من المتعاطفين مع التنظيم. ويبدو أن الإدارة الأمريكية لا تعلم أن "القاعدة" تحولت من مجرد تنظيم إلي فكر اعتنقه مئات الآلاف من الشباب ربما لم يكن أحدهم قد التقي مع بن لادن أو الظواهري من قبل وارتكب بعضهم عمليات عدائية ضد المصالح الأمريكية والأوروبية في الكثير من بلدان العالم ونسبوها للقاعدة.. نسبوها إلي بن لادن.. ويمكن أن يكونوا قد فعلوا ذلك ليس حباً لبن لادن أو الظواهري بقدر ما هو كراهية للسياسة الأمريكية التي صنعت حواجز حديدية قائمة علي الانحياز الكامل لإسرائيل رغم الجرائم اللإنسانية البشعة التي ترتكب يومياً في حق المواطنين الأبرياء ناهيك عن الحصار الشامل لقطاع غزة.. فعلوا ذلك كراهية للسياسة الأمريكية التي احتلت العراق وشردت شعبه تحت زعم امتلاك رئيسها صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل تارة.. ووجود علاقة له مع تنظيم القاعدة تارة أخري.. ثم تبين كذبها وافتراؤها باعتراف مجلسها النيابي "الكونجرس". ويمكن القول إن احتلال أفغانستان وسقوط حركة طالبان لم ينه القاعدة بل توسعت وانتشرت أكثر عقب الاحتلال.. عشرات بل مئات من المصالح الأمريكية والأوروبية تعرضت للاعتداء في العديد من بلدان العالم علي أيدي أعضاء تنظيم القاعدة بعد سقوط حركة طالبان.. وبعيداً عما يحدث في أفغانستان من حرب عصابات ضد قوات حلف الناتو الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعيداً عن العمليات الناجحة التي نفذها أعضاء التنظيم ضد القوات الأمريكية في العراق هناك الكثير من العمليات العدائية ارتكبتها القاعدة ضد المصالح الأمريكية والأوروبية في السنوات الماضية منها علي سبيل المثال لا الحصر: * في 18 مايو 2002 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن حادث تفجير المعبد اليهودي بتونس والذي أدي إلي مقتل 14 ألمانيا و6 آخرين من جنسيات مختلفة في عملية انتحارية نفذها عضو التنظيم نزار نوار. * في أكتوبر 2002 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن حادث تفجير منتج "بال" الأندونيسي والذي أدي إلي مقتل 190 شخصاً معظمهم من الأجانب. * في مايو 2003 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجيرات الرياض بالمملكة العربية السعودية وهدد البيان الصادر عنها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل بتوجيه ضربات لاحقة. * في مايو 2003 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجيرات الدارالبيضاء بالمغرب والتي أدت إلي مقتل 42 شخصاً معظمهم من الأجانب. * في 13 نوفمبر أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجيرات مجمع المحيا السكني بالعاصمة السعودية "الرياض" والذي أدي إلي مقتل 17 شخصاً وإصابة 22 آخرين معظمهم من الأجانب. * في نوفمبر 2003 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجير المعبدين اليهوديين بمدينة اسطنبول التركية والذي أدي إلي مقتل 27 شخصاً وأكد البيان الصادر عن القاعدة أن الهدف من العملية ضرب المصالح البريطانية بتركيا. * في مارس 2004 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجيرات مدريد والتي قتل فيها 190 شخصاً. * في 29 مايو 2004 أعلنت مصادر سعودية أن متشددين علي صلة بتنظيم القاعدة قتلوا 16 شخصاً علي الأقل في سلسلة من الهجمات بمدينة الخبر شرق المملكة من بينهم سبعة أجانب و7 من قوات الأمن.. واعترفت القاعدة بالهجوم وأعلنت مسئوليتها عنه وأكدت أنها استهدفت بعض الشركات الأمريكية الخاصة بالبترول. * في نوفمبر 2004 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن تفجير فندق ماريوت بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد. * في ديسمبر 2004 أعلنت القاعدة مسئوليتها عن الهجوم علي القنصلية الأمريكية بجدة بالمملكة العربية السعودية والذي أدي إلي مقتل 9 من العاملين بالقنصلية معظمهم أمريكيون. ونهاية يمكن القول إن التصريحات الأخيرة لقائد الجيش البريطاني الجديد بصعوبة الانتصار علي تنظيم القاعدة اعتراف صريح بأن تنظيم القاعدة لايزال يهدد أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا في الداخل والخارج.. اليوم أول أيام عيد الأضحي المبارك كل عام وأنتم بخير.