تصوروا لو أن شابا تقدم لخطبة أربع فتيات مرة واحدة . ثم عقد قرانه عليهن . وبعد أن تأكد أنهن أصبحن في عصمته – أو على الأصح في حوزته – قرر الدخول بواحدة منهن فقط وتطليق الثلاث الآخريات!! ما هو الموقف الذي يمكن أن تتخذه هؤلاء المطلقات ؟، وما هي حقيقة مشاعرهن نحو الزوج المخادع ؟! هذا هو حال الحزب الوطني الآن بعد أن "عشم" الجميع بالترشيح ثم ما لبث أن "خلع" وهرب مع مرشح واحد فقط اختاره من بينهم جميعا ليمنحه اسمه وشرف الانتماء إليه ! صحيح أن هؤلاء المخدوعين لن يكون في استطاعته أن يتقدموا بأوراقهم للترشيح لينافسوا المرشح الذى وقع عليه اختيار الحزب . ولكن الصحيح أيضا – أو غالبا – أنهم لن يشاركوا في "الزفة" بإطلاق البخور . وقرع الطبول مباركين زواج هذا الشاب المخادع . بعروسه التي فضلها عليهن جميعا ! فماذا عساهم أن يفعلوا إذن ؟! لابد وأن يقابلوا خداع ذلك الشاب الذي غرر بهم بخداع أشد وأمكر .. فيظهرون الفرحة علنا . ويضمرون الشر سرا . محاولين في الخفاء إلقاء "كرسي في الكلوب" . وإفساد الفرح والتنكيد على "العريس" بشتى الطرق ليؤكدوا له أنه أساء الاختيار وأساء الظن بهم حين أساء الظن بمن فضله عليهم !! هكذا وضع الحزب الوطني وقيادته أنفسهم في هذا الموقف الحرج . وهو الموقف الذي لا يستحقه إلا كل غبي . حين يسلك طريق المخادعة والاحتيال للوصول إلي أهدافه . فبدلا من أن يعد نفسه لمواجهة معارضيه من الخارج . قام بتوسيع دائرة المعارضة بإضافة أعداد كبيرة إليها من داخل البيت . ليشكلوا الطابور الخامس . أو "حصان طروادة" الذي سيقصم ظهره ويضعف شأنه . ليحق فيهم قوله تعالي "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" . ولاشك في أن الحزب الوطني بهذه الخطوة ، قد قدم دليلا جديدا علي أنه لا يستحق وصفه "الديموقراطي" الذي أضافوه إلي اسمه . فلو كان ديموقراطيا بحق لما لجأ إلي الاحتيال بهذه الطريقة ليحرم بعض أعضائه من حقهم الدستوري في الترشيح . ليحول بينهم وبين الناخبين لاختيار الأفضل والأنسب . بدلا من أن يضع نفسه بديلا لهؤلاء المواطنين في عملية الاختيار . وهكذا قام الحزب الوطني بحرمان بعض أعضائه من الترشيح وحرمان المواطنين أيضا من الاختيار ثم بعد ذلك يظل مصرا على وصف نفسه ب"الديموقراطي"! ثم ... إذا كان هؤلاء الذين استبعدهم الحزب من قوائم ترشيحه . لا يصلحون لتمثيله . لقلة فرصهم في النجاح . فلماذا قام بتقييدهم فلم يطلق سراحهم لنزول المعترك ليتأكدوا بأنفسهم وعبر التجربة الحية أنهم لا يصلحون بالفعل . وأن الحزب كان محقا حين استبعدهم من قوائمه ؟ ألا تعنى عملية تقييدهم على هذا النحو أنهم فى نظره قادرون على المنافسة والتأثير في نتائج الانتخابات في غير صالحه ؟ ثم ... إذا كانوا لا يصلحون – كما يرى الحزب – لتمثيله أو حصد القدر الكافى من الأصوات لنجاحهم . فلماذا يسارع بضم هؤلاء إليه بعد نجاحهم ليستكمل بهم نصاب أغلبيته "المنتحلة" ؟ ألا يعنى ذلك أن الحزب يضم أعضاء غير صالحين . وغير أكفاء حسب حكمه عليهم قبل الانتخابات ؟ ألا يحق لهؤلاء الذين وفروا الأغلبية المطلوبة للحزب لكي يستمر في الحكم . أن يطالبوه بالثمن نظير ما قدموه له من خدمة ؟ فإذا عجز الحزب عن ذلك . راحوا يحصلون على الثمن بأنفسهم وبالطريقة التي يرونها . نهبا للأراضي وأموال البنوك والمتاجرة في الممنوع .. إلي آخر ابواب الفساد المفتوحة أمامهم على مصارعيها . كما حدث في كل الدورات السابقة التي أفرزت لنا قوائم لا تحصى من نواب الفساد والإفساد . تحت مرأى كل الأجهزة الرقابية التي تغض الطرف عمدا بأوامر عليا يحرص أصحابها على إعطاء كل ذي حق حقه من الغنائم !!