من 25 عاماً كنا شباباً في العشرينات ، وكان الشاب تطربه الأناشيد والأغاني الوطنية ذات الألفاظ الرنانة التي كانت تؤثر القلب وتحرك العواطف ومنها أنشودة (بلادي بلادي لك حبي وفؤادي) وأنشودة ( الله أكبر فوق كيد المعتدي والله للمظلوم خير مؤيدي) ومن الأغاني أغنية المطربة عفاف راضي (مصر هي أمي ونيلها هو دمي شمسها في سماري شكلها في ملامحي حتى لوني امحي لون خيرك يا مصر) كلمات كانت تهز المشاعر والوجدان وتستنهض حبنا الكامن لبلدنا العزيزة مصر ، وكنت عندما أستمع للمطربة عفاف راضي في الأغنية المذكورة أحس حقيقة أن مصر هي أمي مثلها مثل أمي الحقيقية ، وهذه حقيقة ، فهي مصر التي ولدت وترعرعت على أرضها وأكلت من خيراتها فهي كانت الراعي لي حتى صرت أنا ، أنا المهندس وأنا الطبيب وأنا العالم وأنا المعلم وأنا العامل وأنا الصانع وأنا وأنا وأنا ، فهي مصر الانتماء الثاني لي بعد الإسلام . ولكن مع مرور الأعوام ومضي السنين أجد مالا يخطر ببال ، أجد مالا تتصوره العقول ، أجد ما تشمئز منه النفوس والأبدان والقلوب ، أجد ما لا تقبله الفطرة الإنسانية السوية. أجد من يقتل أمه بإدعاء حبه لها ، أجد من يسرق أمه بإدعاء الحفاظ على ثرواتها ، أجد من يخون أمه بإدعاء وطنيته وأنه القائم على أمرها ، أجد من يحكم أمه عشرات السنين بإدعاء أنه الأصلح لحكمها ، أجد من يريد أن يرث أمه وهي حية بإدعاء أنه الأولى والأجدر على حكمها ، أجد من يؤذي أبناء أمه بإدعاء الحفاظ على أمنها ، أجد وأجد وأجد . فإذا كانت أُفٍ جريمة ، فهل هي حقيقة أمي ؟ المهندس محمد شرف [email protected]