فشلت لجنة الخمسين لتعديل الدستور، حسم مصير ديباجة الدستور، بعد اشتعال حدة الغضب داخل الجلسة المغلقة مساء أمس، وبالتحديد حول الفقرة التي وردت بديباجة الدستور وتضمنت تفسير لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث طالب إبراهيم منصور، ممثل حزب النور، بضرورة النص على تفسير مبادئ الشريعة بشكل يمنع الإخلال بالشريعة الإسلامية ومخالفة الأحكام المجمع عليها، وفي المقابل تمسك ممثلو الكنيسة بالاكتفاء بتفسير المحكمة الدستورية العليا للمبادئ. وتقدم الدكتور عمرو الشوبكي، مقرر لجنة نظام الحكم، بمقترح لوأد الخلاف، ينص على أن"مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، بما تتضمنه من أحكام قطعية الدلالة والاجتهاد بقواعده". وقال الشوبكي في تصريحات صحفية، إنه سيتم مناقشة المقترح في الجلسة المقبلة، متوقعًا التوافق عليه من جميع الأطراف، خاصة أنه يعد أحد المقترحات التي تتلافى الأحكام المجمع عليها، التي يطالب حزب النور بتضمينها في الديباجة، وهو الأمر الذي يحقق رغبته ويرضي باقي أطراف الأزمة. وأكدت مصادر أن حزب النور رفض ما ورد بالديباجة من أن "الدستور يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، بما يتعين معه على المشرع أن يكون اجتهاده ملتزمًا بالقواعد الضابطة لاستنباط الأحكام من أدلتها الشرعية، متحريًا مناهج الاستدلال على أحكامها العملية والقواعد الضابطة لفروعها". وطالب ممثل النور - وفقًا للمصادر- بعد اتصالات أجراها ممثله مع رئيس الحزب، بأن تتضمن الفقرة "مبادئ الشريعة الإسلامية هي الأحكام قطعية الثبوت والدلالة والأحكام المجمع عليها، مع التزام المشرع في الأحكام الاجتهادية، بالضوابط الشرعية التي تحافظ على مقاصد الشريعة". وهو ما رفضه الأزهر والكنيسة. وقالت المصادر إن الأنبا بولا ممثل الكنيسة الأرثوذكسية، قال في الجلسة المغلقة إن"تفسير حزب النور سيتسبب في أذية الأقباط" وأضاف منفعلًا "روحوا اقروا كتب الشيخ سيد ثابت شيخ الأزهر واتعلموا". وقال الدكتور كمال الهلباوي خلال الجلسة، إنه لا يوافق على تفسير كلمة"مبادئ" التي ينادي بها حزب النور، وأنها لا جدوى منها، فيما انفعل الدكتور سعد الدين الهلالي الأستاذ بجامعة الأزهر في وجه ممثل النور، قائلًا"ليس هناك إجماع، وكل الإجماع مردود عليه، ولا يوجد أحد أفتى أن الإجماع صحيح". وأعادت اللجنة فتح المناقشة في المادة المتعلقة بالأزهر، وسط تحفظات بعض الأعضاء بشأن مرجعية الأزهر في الشؤون الإسلامية، خوفًا من تولي الأزهر أمر الفصل في التشريع، بدلًا من المحكمة الدستورية العليا. وقالت مصادر إنه تم التوافق على المادة، بعد اتفاق رؤى أغلبية الأعضاء أن الأزهر لن يكون له علاقة بأمور التشريع، وإنما ستكون مرجعيته الدينية في الأمور المتعلقة بعلوم الدين فقط، لافتة إلى أن الخلافات حول عدد من المواد كان من الممكن أن تعطل اللجنة عن إنجاز الدستور فى موعده، حيث إن آخر موعد هو ديسمبر، فيما لجأت الخمسين إلى الهروب من حسم تلك المواد، وقذفت بالكرة فى ملعب المشرع، وهو الرئيس المؤقت عدلى منصور من جانبه، أكد محمد سلماوى، المتحدث الرسمى للجنة الخمسين في تصريحات صحفية، أن المواد الخلافية لا يتعدى عددها 20 مادة من بين 240مادة للدستور، مؤكدًا أن لجنة الخمسين تخطت كل الخلافات واستطاعت التغلب عليها. وعن أزمة العمال والفلاحين، قال المتحدث باسم لجنة الخمسين، إن اللجنة اتخذت قرارات إيجابية بهذا الشأن، مضيفًا: "هناك مقترحات داخل اللجنة تميز مثل هذه الفئات". وأضاف سلماوي، أن اللجنة تجاوزت مواد أصعب، مثل مواد السلطة العسكرية والسلطة القضائية ونسبة العمال والفلاحين، مشيرًا إلى أنها مسألة إجرائية أكثر منها خلافية. وأوضح سلماوي، أن من المواد المستحدثة في الدستور مواد الإرهاب والنظام شبه الرئاسي، بمعنى أن يتم تشكيل الحكومة بشكل متعاون بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وهذا عكس ما كان يحدث في الماضي. فيما أشار المتحدث، إلى أنهم مشغولون الآن بديباجة مقدمة الدستور، فهي مهمة لأنها تمثل توجهات الدستور، وقال محمد سلماوى، فى تصريحات أخرى مناقضًا نفسه، إن الديباجة مجرد مقدمة للدستور، ولا ينبغى التعامل معها على أساس أنها مادة من المواد، مؤكدًا أنه من الطبيعى أن يحدث خلاف على بعض المواد، وأن هذا يحدث في جميع أنحاء العالم، ولكن يجب النظر لهذا الدستور بشكل مختلف، فهو وثيقة قومية للشعب كله ولا يجب النظر إليه من وجهة نظر فئة معينة. من جانبه، أكد محمد رفعت داغر، ممثل الفلاحين بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، أنه تم الاتفاق على عقد لقاء بين أعضاء لجنة الخمسين وعدد من قيادات الفلاحين، اليوم الاثنين ، بمقر اللجنة؛ للاستماع إلى آرائهم بشأن نسبة ال50% عمال وفلاحين بالدستور. وأضاف داغر، أنهم سيرفضون النص على أي كوتة بالدستور في حالة فشل التوصل إلى نسبة مرضية للفلاحين، موضحًا أن هناك اتجاهًا لتخصيص نسبة 25% للفلاحين والعمال، وهو الأمر المرفوض من جانب الفلاحين. وأشار داغر إلى أن كل من ممثلي حركة تمرد وممثلي المرأة بلجنة الخمسين هم أكثر أعضاء اللجنة معارضة للفلاحين ولتخصيص نسبة ال50% لهم، وأضاف بأنه يتم الإعداد حاليًا لتدشين حزب للفلاحين.