استمع مجلس حقوق الإنسان إلى نتائج اللجنة التي كلفها بالتثبت من قيام كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية وسلطة حماس بتحقيق، حسب المعايير الدولية في الانتهاكات المرتكبة أثناء الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة، لكن النتائج التي توصلت إليها قد لا ترضي أيا من الأطراف المعنية، رغم الجهد اللغوي المبذول في صياغتها. بعد تأجيل استمر ستة اشهر، استأنف مجلس حقوق الإنسان يوم الإثنين 27 سبتمبر 2010 في سياق دورته الحالية مناقشة مصير تقرير لجنة تقصي الحقائق في الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة في موفى 2008 وبداية عام 2009. وفي جلسة يوم الاثنين، تم التطرق إلى مصير التوصيات التي تقدم بها القاضي ريتشارد غولدستون في تقريره بخصوص التحقيق الذي يتوجب على الأطراف المعنية، أي إسرائيل والسلطة الفلسطينية وسلطة حماس في قطاع غزة القيام به وفقا للمعايير الدولية، للتأكد من الإنتهاكات التى ارتكبت أثناء تلك الحرب وتقديم أصحابها للمحاكمة. وأثناء التلخيص الذي قدمه البروفسور كريستيان توموشات، عضو لجنة التحقيق لنتائج التحقيق أمام المجلس عبر عن الأسف لكون إسرائيل "لم تستجب لطلبات التعاون المتعددة المباشرة اوالكتابية التي وجهت لها. وهو ما منع اللجنة من الدخول الى إسرائيل أو الى الضفة الغربية". وفي الوقت الذي رحبت فيه اللجنة بتعاون السلطة الفلسطينية وبتشكيلها للجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات الموجهة ضد السلطة، وجهت انتقادات متعددة لسلطة حماس وللتقريرين اللذين توصلت بهما منها. تحقيقات إسرائيل ليست كلها بالمعايير الدولية في خلاصة تقرير لجنة التحقيق بخصوص تصرف إسرائيل (وعلى الرغم من أنها لم تحصل على موافقة تل أبيب للدخول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة)، تمت الإشارة إلى بعض الإجراءات الجديدة التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية في أعقاب حرب غزة لحماية المدنيين في مناطق الحرب مثل تعيين ضابط في الوحدات المقاتلة مكلف بقضايا حقوق الإنسان، وسن تعليمات جديدة بخصوص هدم الممتلكات الخاصة لأغراض عسكرية، أو لاستعمال ذخيرة تحتوي على الفوسفور الأبيض. في المقابل، عبرت اللجنة عن "استمرار قلقها بخصوص أن تكون كل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان قد تعرضت لتحقيق". وحتى يكون انتقادها لإسرائيل أقل حدة، أشارت اللجنة إلى أن "النقص في المعلومات يجعلها غير قادرة على التأكيد على أن كل التحقيقات (التي قامت بها إسرائيل) توفي بمتطلبات المعايير الدولية". ومن خلال معلومات حصلت عليها لجنة التحقيق من مصادر أممية بخصوص طريقة التحقيق الإسرائيلية، تقول لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان "إن هذه التحقيقات كانت تفتقر للشفافية. وأنها كانت متأثرة بالدور المزدوج الذي قامت به النيابة العامة العسكرية التي هي في نفس الوقت مستشارة لدى الحكومة الإسرائيلية شاركت في التخطيط للعملية العسكرية في قطاع غزة، والتي أصبحت الجهة التي ترفع لها الحالات الجنائية الناجمة عن عمليات غزة"، وهو ما اعتبرته اللجنة "تعارضا في المهام". إضافة لذلك، شددت لجنة التحقيق على "رفضها للنظرة الإسرائيلية التي اعتبرت أن كل المنشئات الحكومية في قطاع غزة هي أهداف عسكرية مشروعة بما في ذلك مبنى المجلس التشريعي". وانتهت اللجنة الى أن "إسرائيل امتنعت عن القيام بتحقيق في حق القيادات العليا التي خططت وقادت العمليات في غزة". مديح للسلطة وانتقاد لحماس بخصوص الجانب الفلسطيني، أشادت لجنة التحقيق بإقدام السلطة الفلسطينية على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة أجرت تحقيقا مفصلا في الإنتهاكات التي نسبت للجانب الفلسطيني، لكنها أشارت إلى أنها في انتظار تطبيق الخطوات التي تقود الى تقديم من يُشتبه في ارتكابهم لجرائم للمحاكمة. أما فيما يخص سلطات قطاع غزة، فتقول لجنة التحقيق بأن "التقريرين اللذين توصلت بهما من سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة لا يشيران الى قيامها بتحقيق جدي في الانتهاكات التي أشارت إليها لجنة تقصي الحقائق". وانتهت لجنة الحقيق إلى القول بأنها تعتبر أن تقريرها هذا يمثل "دعوة للطرفين للتمسك بالقانون". رفض إسرائيلي ودعوة فلسطينية لتمديد المهمة في رد فعلها على قرير لجنة التحقيق، عبرت إسرائيل على لسان سفيرها ليشنو يار "عن قدرتها على القيام بتحقيق في الإنتهاكات". وردد السفير ما قالته الحكومة الإسرائيلية من قبل أي أنها "حققت في أكثر من 150 ادعاء بالإنتهاكات وتوصلت إلى بعض الحالات التي تطلبت فتح تحقيقات جنائية وأن النيابة العامة العسكرية اعتبرت أن العمليات تمت وفقا للقانون وأن الدروس المستخلصة من هذه التحقيقات دفعت إلى إدخال تحسينات على النظرية العسكرية لقوات الدفاع الإسرائيلية"، على حد قوله. وبعد أن شدد على أن إسرائيل تنتظر خلاصة تحقيق لجنتها المستقلة ("لجنة توركل" التي يرأسها القاضي السابق بالمحكمة العليا الإسرائيلية) والمنتظر صدورها خلال الأشهر القادمة، دعا الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إلى "رفض أي تمديد لمهمة لجنة التحقيق والتفرغ لمعالجة الإنتهاكات الفعلية لحقوق الإنسان" على حد تعبيره. من جانبه، أدان السفير الفلسطيني إبراهيم خريشي عدم تعاون إسرائيل مع لجنة التحقيق وطالب المجلس بدعم استمرار عمل لجنة التحقيق مثلما يتضمن ذلك المشروع المعروض على مجلس حقوق الإنسان من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي بدعم من الكتلة العربية وكتلة عدم الانحياز والعديد من الدول النامية، وهو يحث الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة على "اعتماد ما جاء من توصيات في تقرير لجنة التحقيق، ومطالبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان بتقديم تقرير في الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان عن مدى تطبيق تلك التوصيات". ومن المنتظر الآن أن يصوت مجلس حقوق الإنسان على هذا المشروع في وقت لاحق ولكن قبل نهاية الدورة الحالية التي تختتم أشغالها يوم الجمعة 1 أكتوبر 2010. المصدر: سويس انفو