أعرب مثقفون وسياسيون عن شكوكهم في ادعاءات الحزب "الوطني" حول علاقته بحملة دعم جمال مبارك، أمين السياسيات بالحزب "الوطني" مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وهي الحملة التي انتشرت بقوة في القاهرة والمحافظات بشكل أثار تساؤلات حول حقيقة تلك المزاعم، خاصة في ضوء ما تردد عن وقوف أحد رجال الأعمال وراء تمويل تلك الحملة، التي جاءت ردًا على الحملة المناهضة لترشحه، وجمع توقيعات على المطالب السبعة للتغيير التي تتبناها "الجمعية الوطنية للتغيير". واعتبر الكاتب والمفكر جمال أسعد في تصريح ل "المصريون" أن الحديث حول أن وراء تلك الحملة متطوعين، وأن الحزب "الوطني" كمؤسسة وقياداته لا علاقة لهم بها وأن جمال مبارك لا يعلم عنها شيئا "قمة الاستخفاف والسفه"، على حد تعبيره. وأضاف: من المستحيل أن تكون الحملة "جماهيرية" اقتناعا وإيمانًا من القائمين عليها بجمال مبارك وسياسياته "الحكيمة"، لكن هناك مؤسسات وأفراد ورجال أعمال يقفون وراءها ويدعمون ذلك العمل الذي يحتاج إلي عمل مؤسسي وتمويل ضخم، عازيًا ذلك إلى رغبتهم الحفاظ على مصالحهم التي يعملون ما بوسعهم لضمان استقرارها في المستقبل دافعهم في ذلك أن ضمان مصالحهم مستقبلا مرهون بوجود جمال مبارك وليس غيره، وبالتالي فتلك الحملات حملات منظمة. وقال إن تلك الحملة تستهدف مواجهة حملات الدعم للدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في محاولة للإيهام بوجود نوع من التوازن في الشارع ولكي لا يستأثر البرادعي بالشارع بمفرده، وفي نفس الوقت هي محاولة لإثبات الوجود وقياس مدى تقبل حملات جمال مبارك القادمة في الانتخابات الرئاسية لدي الرأي العام، وهل سيتقبل المجتمع التوريث أم سيرفضه؟ وفي كلا الحالتين هي حملات من وجه نظر أصحابها أو المستفيدين منها ومروجي ومسوقي التوريث مطلوبة لقياس الرأي العام حتى يتم اتخاذ قرار ما في لحظة ما في المستقبل. وأشار تعقيبًا على نفي إبراهيم كامل عضو الأمانة العامة للحزب "الوطني" تمويله "ائتلاف دعم جمال مبارك" بأنه "كذب فهو وأمثاله من وراء هذه الحملة، ولا مانع أن يكون الأساس في هذه القضية هو رجل الأعمال وأمين تنظيم الحزب الوطني أحمد عز، لأنه صاحب المصلحة الأولى وهو من يتغني دائما بمصطلح مفجر الثورات، فهؤلاء هم المستفيدون من وجود جمال مبارك ومن قضية التوريث بشكل عام". مع ذلك، استبعد أسعد أن تكون لتلك الحملة- تأييد جمال مبارك – أو الحملة الأخرى- تأييد البرادعي- نتائج مباشرة ولن يغيرا من الأمر شيئا، فلا حملة البرادعي ستغير مواد دستورية كما تطالب ولا حملة جمال مبارك من الممكن أن توجد مناخًا للتوريث إذا كان المجتمع المصري رافضًا لهذا السيناريو. وأعرب عن اعتقاده بأن سيناريو التزوير قادم لا محالة والحزب ""الوطني" لن تتغير أفكاره ولم تتغير، فمثلما زور مجلس الشورى سيزور مجلس الشعب وستزور انتخابات الرئاسة، وقال إن الحزب "الوطني" ليس المسئول وحده في ذلك بل النظام المصري بآلياته الحالية من خلال السلطة والأمن والمجالس المحلية والمحافظين والعاملين والموظفين والمناخ العام والظروف الاقتصادية الكارثية، كل هذه العوامل تخلق مناخا يأتي بالتزوير. وأضاف: هناك حالة من استمراء التزوير سواء من الحزب الحاكم أو من النظام أو من الجماهير التي فقدت القدرة علي المشاركة السياسية الحقيقة واتخاذ القرار، متنبئا في الوقت ذاته ببروز قوة حقيقة هي التي ستحدث التوازن السياسي في مصر رغم الفوضى التي نراها والتي نري المستقبل يلمح بها، قوة حقيقة ستكون صاحبة القرار لم يرد الإفصاح عن مصدر هذه القوة؟ هذه ومع من؟ مشيرا إلى أن هذا ما ستصفح عنه الأيام القادمة. أما الدكتور محمد جمال حشمت القيادي البارز بجماعة "الإخوان المسلمين" فاعتبر أن حملة التأييد لجمال مبارك في ذلك التوقيت يعني أن هناك اضطرابًا في مستويات القيادة في البلد، حيث أن أنصاره اضطروا للنزول بالحملة قبل موعدها لإحساسهم بالخطر، مشيرا إلى أن هذه الحملة تحظي بحماية أمنية، فمؤسسة الدولة هي المسئولة عن حمايتها أثناء سيرها وأثناء توزيعها الطعام والشرب والتي شيرتات علي الجمهور لاستلام التوقيعات منهم، معتبرا أنها حملة منظمة وهي علامة من علامات الإقصاء. ورفض الادعاءات حول أن جمال مبارك وكافة قيادات الحزب "الوطني" ليس لهم علاقة بتلك الحملة، مؤكدا أنه ومما لا شك فيه أن مؤسسة الدولة ومن يهتم فيها بقضية التوريث سواء في مؤسسة الرئاسة أو أمانة السياسيات بالحزب "الوطني" أو وزارة الداخلية كلهم مشاركون في الأمر، وهم من وراء تلك الحملة، خاصة في ظل وجود الحماية الأمنية لكل المنتسبين لتك الحملة. لكنه استبعد أن يكون سبب هذه الحملة هو وجود حالة من الضغط علي الرئيس حسني مبارك الرافض لفكرة ترشيح نجله للانتخابات القادمة وانزعاجه الشديد من الفكرة، معللا ذلك بأن الرئيس ليس له علاقة بالإدارة منذ فترة ليست بالقليلة، وأن القرارات تتخذ ثم تعرض له "وما يعرض له ليس بالكلية صادق"، على حد قوله، وبالتالي فالقرارات كلها قرارات موجهة، وفكرة إيجاد حالة من الضغط علي الرئيس من الشارع المصري كي يوافق على ترشيح جمال مبارك للانتخابات الرئاسية القادمة غير قائمة بالمرة، فالرئيس ليس في كامل وعيه ولا إرادته، حسب تعبيره. غير أنه قلل من جدوى الحملة على الشعب المصري أو أن تجد آذانًا صاغية بين الجماهير، الشرائح، فالتوريث والمناداة به في حد ذاته إهانة لشعب مصر وغالبية الشعب متفق على هذا، واعتبر أن السبب الرئيسي من تلك الحملات هي محاولة لاكتساب شرعية في محاولة غير مجدية وغير مقبولة علي مستوي السياسيات أو على المستوي الشخصي أو الإعلاني، وبالتالي فهي محاولة من محاولات الترويج لكل من له مصلحة في هذا العرض وستنتهي بانتهاء فترة الدعاية.