بعد أن فرغ أولو أمر التعليم العالى من تكهين شيوخ أساتذة الجامعات ، يحل الدور الآن على الشباب من معيدين ومدرسين مساعدين ، أى "بالبلدى" استئصال جناحى الجامعة لتصبح جسداً هامداً كسيحاً ... وذلك بدعوى التطوير والتجويد . المعيدون والمدرسون المساعدون يمثلون الهيئة المعاونة لأعضاء هيئة التدريس ، هم جنود المعركة ، لايملكون من أمرهم شيئا ، عليهم الإذعان وتنفيذ ما يطلب منهم ، أو قل هم كعساكر المراسلة لدى الأساتذة الذين قد يسخرونهم لأداء أعمال لا علاقة لها بالبحث والتدريس . المعيدون والمدرسون المساعدون هم الذين يقع عليهم بالكامل عبء تدريس الدروس العملية للمقررات الدراسية – بالمخالفة للقانون الجامعى – وهم الذين عليهم حصر الغائبين والحاضرين من الطلاب ، وحصر المشترين لكتاب الاستاذ وتحصيل ثمنه . هم عيون الأساتذة فى المكتبات ، فهم –بحكم إعدادهم لرسائلهم- يطلعون على الجديد فى العلم ويطلعون عليه الأساتذة . وهم المكلفون بإعداد أوراق بحثية خارج نطاق رسائلهم العلمية ليستخدمها الأساتذة فى اعداد مذكراتهم وكتبهم . وهم يكلفون –أحياناً- من قبل الأساتذة بتصحيح تلال من كرسات الإجابة . وهم الذين يتابعون التدريب الميدانى للطلاب خلال أشهر الصيف ، وهم ضباط الإيقاع فى لجان الإمتحان . وهم الجنود المجهلون الذين حملوا ويحملون عبء مشروعات الجودة الورقية . وهم الذين عليهم التواجد خمسة أيام فى الأسبوع ليكونوا تحت الطلب . كل ما سبق من أعمال على حساب السنوات الخمس المخصصة للانتهاء من رسائلهم لدرجتى الماجستير والدكتوراه ، فهم غير متفرغين للبحث العلمى الخالص مثلما يتفرغ زملاؤهم فى مراكز البحوث . ورغم كل ما سبق تجدهم يناصبون العداء من جانب بعض رؤساء الجامعات الذين يحصون عليهم الأيام وكأنهم يتعجلونها لأصدار قرارات لتحويل مسارهم إلى أعمال إدارية (جزاء سنمار) بدون دراسة للاسباب التى أدت إلى تعثرهم . ففى أواخر القرن العشرين رأى أحد رؤساء الجامعات فيما يرى النائم تحويل عدد من المعيدين والمدرسين المساعدين إلى وظائف إدارية لتجاوزهم المدد المقررة فى قانون الجامعات ، وشرع بالفعل فى تحقيق حلمه ، ولولا تدخل نادى أعضاء هيئة التدريس لبعثرت الهيئة المعاونة مع ما تمثله من ثروة فكرية فى غرف الأرشيف والأضابير . وفى أوائل القرن الحادى والعشرين قرر رئيس جامعة آخر تحويل بضع مئات من المعيدين والمدرسين المساعدين إلى أعمال أدارية بسبب عدم أنتهائهم من رسائلهم ، ولولا أن قيض الله لهم عبداً من عباده المخلصين لسيقوا الى العدم . واليوم تتجدد الهجمة الشرسة على نحو أوسع وأشمل ، فقد علمنا أن المجلس الأعلى للجامعات طلب من الجامعات ، وطلبت الأخيرة من الكليات ، وطلبت الأخيرة من الأقسام العلمية أعداد كشوف بأسماء التعساء الواجب عليهم تطبيق الحد ... وكأن العمل الإدارى ينقصه هؤلاء وهو فى شوق إليهم لينهض على إيديهم ، بما يمثله ذلك من ضياع جهد وأموال . نعم ! قانون الجامعات ينص على التحويل الى وظائف ارشيفية واضابيرية . إن لم يحصل المعيد على الماجستير والمدرس المساعد على الدكتوراه خلال خمس سنوات من تاريخ التعيين – نعم التعيين- وليس من تاريخ التسجيل للدرجة العلمية . ولكن يقدح فى هذا النص ، أولاً كونه مجازياً وليس واجب التطبيق كما يتوهمون وثانياً أنه وضع قبل حوالى اربعين سنة أيام كانت الظروف ايسر كثيراً مما هى عليه الآن ومن ثم فأن تطبيقه اليوم ينطوى على ظلم بين ، وثالثاً أن المعيد أو المدرس المساعد لايسجل للدرجة العلمية فور تعيينه . وهل نغض الطرف عن أن الرسالة العلمية عمل مشترك من طرفين ، يمثل فيه المعيد (وهو فرد) الطرف الضعيف ، ويمثل المشرفون (وهم كثر) الطرف القوى . فهل يستقيم أن نحمل الطرف الأول مغبة الإخفاق بتحويلة إلى كاتب أرشيف يهزأ منه كل من حوله ، وهل ينتظر ممن فشل فى عمله العلمى – حسب تصور أصحاب القرار- أن ينجح فى عمل إدارى وهو مكسور النفس معتل المزاج . وأليس إخفاق المعيد أو المدرس المساعد يعنى فى نفس الوقت أخفاقاً اشد للمشرفين وتقاعساً عن متابعتهم . وما بال أعضاء البعثات الخارجية الذين تجاوزوا السنوات العشر منذ تعيينهم فى وظائف معيدين ولم يحصلوا على الدرجة العلمية ! أبمنتهى البساطة يتم الإستغناء عنهم لتتلقفهم جهات الإيفاد بعدما أنفق عليهم الكثير من مال الشعب . ياسادة ... يا أولى الأمر ... المعيدون والمدرسون المساعدون هم النخبة المصطفاه من بين مئات وآلاف الطلاب ليتسلموا الراية بعد عمر طويل ، هم الإحتياطى الإستراتيجى ومن الواجب المحافظة عليه وتشجيعه ورعايته وليس تهديده وتسويد أيامه وهو لا يزال فى بداية الطريق . إننا نعايش حالات وفيرة لتعسف المشرفين وقسوتهم على المعيدين واستهتارهم بمصائرهم . المعيدون والمدرسون المساعدون هم المولج إلى عالم النهضة العلمية ، هم أهم عضو فى جسد الجامعة ، وإن تعثر ، أنأخذ بيدة أم ندوسة بالنعال . وتبقى همسة ... لا يعتقد أن كثيراً من رؤساء الجامعات حريصون على تطبيق قانون الجامعات حرصهم على تطبيق النص البغيض الذى نحن بصدده ، وتشهد تصرفاتهم على ما نعتقد . سيادة وزير التعليم العالى .... بيدك -بعد الله سبحان وتعالى- الامر ، فالتأمر بتشكيل لجنة من كبار الاساتذة فى كل كلية لبحث كل حالة على حدة وليكن بعد ذلك ما يكون . [email protected]