مع تدشين حملات لدعم ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع لرئاسة مصر، في ظل تصاعد شعبيته عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، برز تساؤل حول ماهية المتبنين لتلك الحملة، في الوقت الذي تثار فيه تكهنات حول وقوف "فلول" نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وراءها، الأمر الذي لم يستبعده خبراء ومحللون. إذ رأى الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية في تصريحات للإذاعة الألمانية، أنه يبقى احتمال وارد خاصة وأن الحملات تبدو منظمة من وجهة نظره والتي من المستبعد بعض الشيء في رأيه أن تكون الجماهير العادية وراء هذا التنظيم. واعتبر أن "هدف مثل تلك الحملات هو شيء من ثلاثة: إما تمهيد قيام الفريق السيسي للترشح أو بالونة اختبار للرأي العام حول الفكرة أو محاولة من الخصم للإيقاع بين أجهزة الدولة"، ورجح عبد ربه أن يكون السبب الثاني هو الصحيح من وجهة نظره الشخصية. ورفض في الوقت ذاته تشبيه السيسي بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، قائلاً إنه لا يراه امتدادًا للزعيم المصري: "عبد الناصر استمد شرعيته من ثورة على الحكم الملكي وكان لديه برنامج اجتماعي واقتصادي أما السيسي فليس لديه كل ذلك". ويعتقد عبد ربه أن الإيمان بفكرة الزعيم الملهم هو في كل الأحوال "خصم من التحول الديموقراطي" حيث يرى أن الناس يجب أن تؤمن بالمؤسسات. ولا يرى مخاطر من ظهور السيسي وتداول اسمه في أروقة السياسة إلا في جزئية دخول الجيش رسميًا في السياسة وهو ما يراه سيحدث إذا ما قرر السيسي الدخول في هذا الطريق واقتنع الناس وأيدته النخبة، "إذا حدث ذلك سيدخل الجيش في دوامة وسيتورط في صراعات سياسية". ورحب عبد ربه بتأكيد السيسي عدم ترشحه للرئاسة في أكثر من موقف لكنه أوضح انه يظل ترحيب حذر "فالسياسة علمتنا أن لا شيء بعيد". وأوضح أنه من الممكن ألا يترشح السيسي ويترشح شخص آخر من المؤسسة العسكرية رائياً أن الجو مهيأ لتولي رئيس عسكري لشعور الناس بالخوف وعدم الأمن. فيما رأى إبراهيم غالي، الباحث في وحدة الرأي العام بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية أن ظهور تلك الحملات يعتبر طبيعيًا كون السيسي من الشخصيات القليلة التي لديها كاريزما التي ظهرت على الساحة مؤخرًا، فضلاً عن أن هناك "شعبية الجيش التي ارتفعت خاصة بعد 30 يونيو والأزمات الاقتصادية والسياسية مما يجعل البعض يبحث عن القائد الملهم على شاكلة عبد الناصر". واستبعد غالي أن يكون فلول نظام مبارك هم من يحركون تلك الحملات بحثًا عن عودة للمشهد السياسي، قائلاً: "مرحلة ما قبل 25 يناير انتهت ومهما كان الحاكم فمصر تغيرت ولا يمكن العودة لما قبل هذا التاريخ لأن حركة المجتمع والشارع أصبحت تسبق حركة السياسة والقادة". وأشار غالي إلى وجود بعض معوقات تقف ضد فكرة ترشيح السيسي رئيسًا، منها عدم وجود من هو أجدر منه لقيادة المؤسسة العسكرية في الوقت الراهن على حد قوله "وربما منصب وزير الدفاع الآن أهم من منصب رئيس الجمهورية". كذلك أشار إلى عدم وجود توافق شعبي حول السيسي خاصة من التيار الإسلامي والذي يراه متحيزًا يمثل عائقًا آخر. ولا يعتقد غالي إمكانية تحول السيسي لديكتاتور جديد في حال تولى الرئاسة نظرًا لوجود ظروف إقليمية وسياسية متغيرة "لذلك أيضًا لا يمكن مقارنته مع الحقبة الناصرية أو الساداتية لسببين أولهما أن الشعب أصبح واعيًا ولا يقبل بديكتاتور أيًا من كان وثانيهما هو تمتع السيسي بفكر مختلف حيث يؤمن بالحكم الديموقراطي". ورأى الباحث السياسي أن الخطر الوحيد الذي يمكن أن ينتج عن ترشح السيسي للرئاسة هو دخول المؤسسة العسكرية كلاعب في العملية السياسية وبعدها عن دور الحكم وهو الذي يجب أن تلعبه في العادة.