قضت محكمة القضاء الإداري، اليوم الثلاثاء، بوقف بث وإغلاق عدد من القنوات أبرزها قناة "الجزيرة مباشر مصر"، في تصعيد جديد يثبت حرص النظام الحالي في مصر على إغلاق كافة وسائل الإعلام التي لا يستطيع التحكم فيها أوالسيطرة عليها، بحسب صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية. ويأتي قرار المحكمة بعد أن قامت السلطات المصرية، يوم الأحد، بمداهمة مكاتب قنوات الجزيرة مباشر مصر والجزيرة الإنجليزية في القاهرة وقامت بمصادرة أجهزة البث والمعدات الخاصة بهذه القنوات وإعتقال عدد من العاملين بها. في الوقت نفسه، قامت السلطات بترحيل ثلاثة من مراسلي قناة الجزيرة الإنجليزية خارج البلاد بعد إحتجازهم لعدة أيام. وقالت الصحيفة الأمريكية أن التضييق على قناة الجزيرة هو جزء من حرب يشنها الجيش والقادة المدنيين الذين عينهم الجنرالات في محاولة لإعادة الجنّي المدعو "حرية الإعلام" داخل الزجاجة مرة أخرى. وأوضحت أن وجود الجزيرة وقنوات إقليمية أخرى في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بحكم المخلوع حسني مبارك قام بشحن الأجواء ليس فقط في مختلف أنحاء البلاد دافعاً المزيد من الأشخاص للخروج من منازلهم والإنضمام للمظاهرات في الشارع، ولكن في المنطقة العربية بأسرها. وأضافت أن السيطرة على تدفق الصور والفيديوهات والتقارير الإعلامية يعوق فرص حدوث تكرار. وأشارت إلى أن التزايد الغير مسبوق في التضليل والتلفيق والفبركة والكذب الصريح بالإعلام المصري دفع السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة، آن باترسون، لإصدار بيان نادر وغاضب للغاية حملت فيه الحكومة المؤقتة المصرية مسؤولية مقالة مفبركة نشرت في صحيفة الأهرام الحكومية أواخر الشهر الماضي بقلم رئيس تحرير الصحيفة، عبد الناصر سلامة، اتهم فيها باترسون بالضلوع في مؤامرة لزعزعة إستقرار البلاد وتقسيمها إلى دويلات. وانتقدت باترسون في بيانها مقال سلامة قائلة "هذه المقالة غير المسئولة تضلل جمهور قراءك وترفع حدة التوتر في بيئة متوترة بالفعل بشكل خطير. أنا أشعر بالإنزعاج خاصة عندما أفكر في أن الأهرام، الصحيفة الحكومية الرائدة، تعتبر ممثلة لوجهة نظر الحكومة". واعتبرت باترسون أن "هذا المقال ليس صحافة سيئة، بل هي ليست صحافة من الأساس. إنه خيال يهدف للتضليل المتعمد للشعب المصري". ولفتت الكريستيان ساينس مونيتور إلى أن صحيفة الأهرام التي اتهمت قناة الجزيرة بالإفتقار للأخلاقيات المهنية هي نفسها طالما كانت أداة دعاية للدولة وهي الآن أداة مهمة في يد السلطة تستخدمها في الحرب الإعلامية الجارية في مصر إلى جانب قنوات التلفزيون المحلية التي تركز فقط على تهديدات الإخوان المسلمين والمزاعم حول المؤامرات الأجنبية وتحذيرات الحاجة إلى عودة الإستقرار والنظام. من جانبها، استنكرت لجنة حماية الصحفيين المعنية بحماية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين ومقرها نيويورك، محاولات الحكومة الجديدة في مصر قمع الأصوات المعارضة لها. وقال شريف منصور، مدير برنامج الشرق الأوسط بالمنظمة، أن الحكومة المصرية توسع من حملة الرقابة على وسائل الإعلام المعارضة في محاولة لتقويض التغطية الإعلامية للمظاهرات المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين. وأضاف "على ما يبدو فإن السلطات فشلت في إدراك أن محاولات قمع الأصوات المعارضة لا تؤدي سوى لتزايد المعارضة". بدورها، أدانت منظمة مراسلون بلا حدود ما وصفته ب"الخسائر الفادحة" في صفوف الصحفيين في مصر خلال الأسابيع التي تلت الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس المعزول محمد مرسي. وقالت المنظمة في بيان لها: "منذ الثالث من يوليو، تعرض 5 صحافيين للقتل، وتم إحتجاز 80 آخرين بشكل تعسفي (لا يزال 7 منهم محتجزين)، كما تعرض ما لا يقل عن 40 من مزودي الأخبار لإعتداءات جسدية من قبل الشرطة أو المتظاهرين المؤيدين للجيش أو المؤيدين لمرسي". ووصفت المنظمة حصيلة القتلى في صفوف الصحفيين في مصر في أعقاب الإطاحة بمرسي بأنها "غير مسبوقة في التاريخ المعاصر للبلاد".