أدت الاتهامات المتبادلة بين مصر وحركة "حماس" إلى توسيع هوة الخلافات بين الجانبين، أدخلت معها العلاقات بينهما إلى نفق مظلم، وتجميد الاتصالات بشأن ورقة المصالحة المصرية، بعد رفض القاهرة الأخذ بملاحظات الحركة حول عدد من بنودها كانت قد أبلغتها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى خلال زيارته إلى قطاع غزة قبل أسبوعين. ورجحت مصادر فلسطينيةبالقاهرة سيادة حالة من الجمود فيما يخص ملف المصالحة الفلسطينية لأجل غير مسمى مع إصرار مصر على عدم إدخال أي تعديلات على الورقة المصرية، بل والمطالبة للتوقيع عليها دون أي مناقشة، فضلا عن عدم سماح مصر باستقبال أي من قادة "حماس" في أراضيها أو السماح له باستخدام الأراضي المصرية للعبور إلى دولة ثالثة. ولم تستبعد المصادر أن تلجأ مصر خلال الأيام القليلة القادمة إلى إغلاق معبر رفح بعد أن كانت فتحته بتعليمات من الرئيس حسني مبارك إثر الهجوم الإسرائيلي على أسطول "الحرية" في نهاية الشهر الماضي، وهو ما أرجعته إلى تصعيد الضغوط على "حماس" من أجل إجبارها على التوقيع غير المشروط على الورقة المصرية وهو ما ترفضه الحركة بحسب المصادر رافضا باتا. من جانبه، وصف السفير حسام زكى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصري ردود فعل "حماس" على تصريحاته الصادرة صباح السبت بأنها "انفعالية ومرتبكة"، وقال إن "بعضهم لا يريد الفهم، والبعض الأخر يتابع ما يحدث بسعادة وربما يريد أن يزيد الأمر اشتعالا". وقال في مؤتمر صحفي أمس بمقر الخارجية إن "الوضع ليس جيدا..هم يتبعون منهج شخصنة الأمور ويخطئ من يظن أن تلك الأمور تؤخذ بشكل شخصي، وأن إمعان البعض من حركة حماس في استخدام هذا الأسلوب عقيم بخلاف أنه مرفوض". وردا على الأنباء التي تتحدث عن أن "حماس" بصدد نقل النصب التذكاري للجندي المصري المجهول في خانيونس من مكانه، قال المتحدث" إننا نأسف بشدة لمثل هذا السلوك، هذا التصرف يعكس استخفافا كبيرا وغير مقبول بذكرى الشهداء المصريين الذين قضوا في فلسطين ورووا بدمائهم الطاهرة أرضها، هذا الأمر يذهب في استفزاز مصر رسميا وشعبيا إلى مدى بعيد، ولا أعتقد أن هذا في صالحهم". وأثار إزاحة الجندي المجهول في خانيونس استياء العديد من المواطنين والمنظمات الفلسطينية المختلفة. وبينما أكدت بلدية خان يونس أن الإزاحة تأتي في إطار إعادة وتأهيل "ساحة الشهداء" وسط المدينة، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين البلدية بإعادة النظر في هذا القرار، والتراجع عن هذه الخطوة، خاصة أنه يوجد تحت الجندي المجهول رفات جنود مصريين وعرب كانوا قد استشهدوا إبان الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة سنة 1956، بحسب قولهم. بيد أن مدير عام بلدية خانيونس أكد "أنه لا يوجد رفات لأي جنود عرب أو مصريين" مشيرا إلى أن الحكومة المصرية نقلت رفات جنودها الشهداء بعد معركة دامية امتدت أسبوعا مع الإسرائيليين في عام 1956. وأكد أن هناك خطة لتطوير ميدان خانيونس وسط البلد من خلال تخصيص موقف لانتظار السيارات وساحات بهدف إظهار جمال مركز المدينة الذي يضم أكبر معلمين في المدينة هما الجامع الكبير من الجهة الغربية وقلعة برقوق من الجهة الشرقية يتوسطهما الجندي المجهول". وقال إن البلدية قامت بإزاحة الجندي المجهول لأمتار متعددة ليتوسط الساحة، وستقيم مستقبلا معلمًا تذكاريًا تخليدًا لشهداء خان يونس، و"سنباشر خلال الأيام القليلة المقبلة بأعمال ترميم نوعية وتنفيذ إضافات جديدة من خلال إضافة أسماء شهداء مجزرة خان يونس سنة 1956، وتركيب إنارة كافية للمكان لإظهار البعد التاريخي المعبر عن أصالة شعبنا". لكن يقول المعارضون إن البلدية من الممكن أن تقوم بتنفيذ مشروعها في ظل وجود النصب التذكاري في مكانه. وإن كانت تعتزم إقامة نصب تذكاري لشهداء المحافظة فهي خطوة إيجابية، لكن يجب ألا تكون على حساب الجنود العرب والمصريين الذين دافعوا عن الأراضي الفلسطينية.