تعاملت الصحف الحكومية مع قضية مقتل المواطن خالد سعيد في الأسكندرية كأنه ينتمي لدولة عدو، فقد طغت على تغطيتها الدعاية المفرطة لصالح الطرف المتهم بأنه الجاني وهو الشرطة، والاستخفاف والاستهتار بحادث القتل في حد ذاته، والسخرية من المجني عليه وهو بين يدي ربه، ومن مشاعر أهله وأقاربه! وبتحليل تلك التغطية نجد أننا أمام ضعف مهني بالغ لأن الجهاز التحريري الذي يكتب بهكذا أسلوب يصلح لمكاتب العلاقات العامة أو الاعلام في وزارة الداخلية، وأن يكون رئيسه "صول" شرطة في أحسن الأحوال، وليس صحفيا بدرجة رئيس تحرير! أعلم جيدا أنه لا قدرة لجهاز تحريري في الصحف الحكومية على فرض الطريقة الصحيحة لتناول موضوع ما، لأن رئيس التحرير ارتضى لنفسه أن يجلس على كرسي "الرقيب" ورحب بامتهان قدر المهنة من أجل أن يحافظ على منصب لا يستحقه مهنيا ولا أخلاقيا، وبالتالي فهو ليس على استعداد لأن يضحي بذلك مقابل الإنتصار للصحافة الموضوعية. لكني كنت أتوقع أن تكون الأجهزة التحريرية أكثر شجاعة وشفافية لتنأى بصحفها التي كانت كبيرة في الماضي، عن أن تكون مجرد نشرات علاقات عامة لوزارة الداخلية أو لتبييض وجه الحكومة. لم تكن الصحف الثلاث الرئيسية في عهود ابراهيم نافع بالاهرام وابراهيم سعدة وجلال دويدار بأخبار اليوم والأخبار ومحسن محمد ثم سمير رجب في الجمهورية بربع هذا السوء. نعم كانت ناطقة باسم النظام لكن هؤلاء كانوا تحت رئيس الجمهورية مباشرة وفوق الحكومة، بمعنى أنهم كانوا ينتقدونها بعنف أحيانا ويستكبر الواحد منهم أن يحاور رئيس الوزراء، في حين أن رئيس التحرير الحكومي الحالي يكون في منتهى السعادة لو فاز بمقابلة مع وزير عادي، فما بالك لو أكرمه وزير الداخلية بشرف مكالمة هاتفية! بصراحة أصبحت صورة رؤساء التحرير الحاليين مشوهة جدا، فبعد الضعف الثقافي والسياسي والحسي الشديد في الحديث عن تركيا عقب المذبحة الاسرائيلية ضد نشطاء أسطول الحرية، واعتبارها عدوا بدون أي مناسبة أو ذنب في حق مصر من أردوغان أو رفاقه، جاءت تغطيتها لمقتل خالد سعيد والسخرية من موته ومن أهله وفبركة إتهام على لسان أمه بأنه كان مدمن مخدرات، لتدلل على أننا نتعامل مع صحافة بلغت الدرك الأسفل من الإسفاف والتقزم. [email protected]