الشعب هو صاحب كل الصلاحيات، هو الذى يعطى الشرعية وهو الذى ينزعها، فالشعب هو الذى أعطى الشرعية لثورة الضباط الأحرار وأيدها ولم يجعلها انقلاباً عسكرياً، فحينما وقف بجوارها وأيدها أصبحت ثورة شعب، والشعب هو الذى أيد جمال عبد الناصر وأعطى له الشرعية، وأكدها عندما أراد عبد الناصر التنحى، والشعب هو الذى نزع الشرعية من مبارك عندما فسد نظامه وطغى، وهو الذى أعطى مرسى الشرعية عندما أراد الشعب التغيير وحلم به وبالنهضة والاستقرار مع نظام ظن أنه يحقق له ما يحلم به ويتمنى، وعندما وجد أن آماله حطمت وطموحاته دمرت مع هذا النظام الذى لم يحقق أدنى طموحات الشعب وآماله، وكل ما حاول تحقيقه هذا النظام هو أنه سعى للتمكين خرج الشعب ليسترد أمانته من هذا النظام، فأراد أن يسحب منه الشرعية فخرج أكثر من ثلاثين مليون مصرى، مطالبين بسحب الثقة. والكل كان يتوقع من التيار الإسلامى أن يلتزم بنصوص وروح وتعاليم الإسلام والسنن الكونية. فقد تعلمنا أن السنن الكونية تقول إن الأيام دول، اليوم حاكم وغداً محكوم، اليوم حكومة وغداً معارضة، فثبات الحال من المحال. وهذا يعنى أننا إذا كنا الآن حكومة ورضينا بذلك، علينا أن نعمل ليوم قد نكون فيه معارضة شريفة تتباهى وتفخر بما أنجزت، ليس هذا فحسب، بل علينا أن نضرب أروع الأمثلة فى سلوكياتنا للآخرين فى كل شىء حتى فى الهزيمة، فالفشل فى جولة ما لا تعنى الموت، بل تعنى أن لى تجربة لم تصب ولى شرف المحاولة، وأن أتعلم منها فى محاولات أخرى قد تكون أكثر حظاً مع تعلمى من أسباب الإخفاقات، فقديماً قالوا إن الإخفاق فى تجربة هو أولى خطوات النجاح إذا تعلمنا من أسباب الفشل. وليس معنى إخفاقى فى محاولة أن أخالف النصوص القرآنية وتعاليم الدين القويم. فالمصريون عاشوا إخوة مترابطين متحدين معاً، هكذا يقول التاريخ، ومن ثم أطلب من كل المصريين اتباع الشرائع السماوية، وألا يتقاتلوا ولا يُعينوا قاتلاً ولا يشتركوا في قتل إنسان مهما كان دينه أو طائفته، ولنتعاون جميعاً على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان امتثالاً لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). وهنا أخاطب الضمير المسلم، فأقول له إن الله سبحانه وتعالى قال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). كما قال سبحانه: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع وحذر من اقتتال المسلمين وقتل بعضهم بعضًا، بل وقتل الإنسان بصفة عامة, فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) رواه البخاري. وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق) رواه ابن ماجه بإسناد حسن، ورواه البيهقي والأصبهاني وزاد فيه: (ولو أن أهل السماوات وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار). وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) رواه أبو داود، قال يحيى الغساني: الذين يقاتلون في الفتنة فيَقتُلُ أحدُهم فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله. أفبعد هذا يحق لإنسان أن يسعى لقتل أخيه الإنسان لأى سبب من الأسباب، حتى ولو كان السبب هو كرسى رئاسة؟ هل يمكن أن نعتبر من يفعل ذلك مسلماً يؤمن بالله ورسوله؟