فى نفس هذا المكان وعلى صفحات (المصريون) الغراء، كتبت مرات عديدة عن مبادرات ومليونيات لم الشمل والمصالحة الوطنية سواء عقب ثورة 25 يناير أو فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى.. وقد تجدد الحديث عن هذه القضية خلال الأيام الماضية عقب عزل مرسى واشتعال الأزمة السياسية واستمرار المصادمات الدامية التى شهدتها الكثير من المحافظات وفى مقدمتها القاهرة وسيناء.. من هنا أؤكد أننى من أشد المطالبين والحالمين بتحقيق مصالحة وطنية شاملة تشمل كل الأطياف السياسية فى مصر.. وحتى نضع أيدينا على الطريق الصحيح، وحتى تؤتى تلك المصالحة ثمارها ونتائجها المرجوة.. أرى أن المصالحة يجب أن تقوم على أسس سليمة وصحيحة ومقبولة. ولذلك فإن هناك شروطاً وضوابط يجب أن توضع فى الحسبان عند إجراء أية مفاوضات فى هذا الشأن.. أولها أننا يجب أن ندرك أن التصالح فى الأمور السياسية ربما يكون شيئاً مقبولاً بل ومطلوباً، ولكن الكل يتفق على أنه يجب ألا يكون هناك تصالح مع من تلطخت أيديهم القذرة بدماء الشهداء والمصابين من المصريين من كل الأطراف, ومع من قام باستيراد ترسانات الأسلحة لقتل الآلاف من أبناء مصر من أجل تحقيق أهداف سياسية رخيصة.. ومع من سولت لهم أنفسهم التحريض على قتل الأبرياء ومحاولة اقتحام المنشآت العسكرية، وغيرها من الجرائم التى تستوجب المحاكمة والقصاص العادل. وأتمنى أن تكون هناك مرونة من كل الأطراف حتى تتحقق المصالحة.. حيث إن تشبث كل طرف لرأيه لن يؤدى إلى أية حلول.. ويجب أن تكون لدى قيادات الإخوان قناعة بأنهم لم يحققوا أية مكاسب سياسية أو شعبية أو حتى تعاطف دولى منذ عزل محمد مرسى بسبب سياسة العنف والإرهاب وترويع الآمنين التى انتهجتها الجماعة طوال الفترة الماضية.. ويجب أن يقتنعوا أن عودة مرسى للحكم مرة أخرى حتى ولو لساعة واحدة أصبح من رابع المستحيلات حتى لو تراجع الفريق أول عبدالفتاح السيسى عن بيانه بعزل مرسى، لأن القرار قرار الأغلبية من الشعب وليس السيسى والمجلس العسكرى وحدهما.. ولهذا يجب أن يتفاوض الإخوان بعيداً عن هذه القضية الشائكة، والتى يؤكد التمسك بها أحد أمرين، هما أنهم لا يجيدون لعبة السياسة أو أنهم لا يريدون بالفعل الانخراط فى المجتمع المصرى والمشاركة السياسية البعيدة عن التمسح بالدين والشعائر الدينية، وهى سياسة أصبحت مكشوفة و(مفقوسة) من كل المصريين ولن تجدى نفعاً للإخوان خلال الفترة القادمة. أما على الجانب الآخر والذى يضم مؤسسة الرئاسة والحكومة والمجلس العسكرى والقوى الثورية، فيجب أن تكون لديهم أيضاً مرونة فى التفاوض.. ويجب أن تكون هناك رسائل طمأنة إلى قيادات وأعضاء الجماعة بأنهم أشخاص مرغوب فى مشاركتهم السياسية والتأكيد على أنهم فصيل وطنى كانت له شعبية وتأثير كبير فى الشارع حتى أسابيع قليلة مضت يمكنهم استعادة تلك الشعبية إذا أثبتوا للشعب أنهم راغبون فى خدمته وليس مصلحة الجماعة فقط. ويجب أن تتم طمأنتهم أيضاً إلى أنهم لن يعودوا إلى السجون مرة أخرى، إلا من أضر بالأمن القومى لمصر أو ارتكب جرائم جنائية أو شارك وحرض على قتل المتظاهرين ورجال الشرطة والجيش.. أما ما عدا ذلك فلهم كامل الحقوق وعليهم كل الواجبات. إن الطريق الوحيد أمام مصر هو تحقيق المصالحة.. وهذه المصالحة تستوجب من الجميع إعلاء المصلحة العليا لمصر فوق أية اعتبارات سياسية أو مصالح حزبية ضيقة.