إسرائيل أعلنت من إنزعاجها من الموقف المصري .. والمواطن العربي اثلجت صدره تصريحات السيد وزير خارجية مصر في بيروت .. هذا هو الموقف الطبيعي، والمنسجم مع تطلعات الشعوب العربية والإسلامية .. واللقاء المتوقع بين ساسة مصر وسوريا وربما السعودية ، ينبغي أن يتم في أقرب وقت .. فالعنت الإسرائيلي ، والخنوع الأمريكي لنفوذ اللوبي الصهيوني ، اوجدا قناعة تامة بضرورة جمع الشمل ، وإن تأخر كثيرا ، ولكنه مازال في إمكانه أن يحقق شيئا مهما للقضية الفلسطينية وبقية مشاكل المنطقة .. تعنت إسرائيل لا يعبر إلا عن حالة إضطراب وتأزم ،ولن يحقق لها أية مكاسب ، بل العد العكسي لقوة تأثيرها الأقليمي والدولي يبدو جليا لعدة أسباب منها:- الأول: أن الركيزة الأساسية لغطرستها بدأت تتأكل في أمريكا ، بما تعانيه من مصاعب جمة في العراق وأفغانستان ، وبما يعانيه الأقتصاد الأمريكي من تدهور مستمر .. الثاني: أن الاتحاد الأوربي أصبح في مأزق اقتصادي خطير ،متمثل في انهيار الاقتصاد اليوناني ، وتداعياته على بفية دوله ..ثم أن تفاقم الموجة الداعية إلى الانسحاب من أفغانستان يقض مضاجع ساسته .. الثالث: أن تنامي القوة العسكرية للدول والقوى الممانعة زاد من حالة الاحباط بين صفوف الصهاينة والشعوب الغربية عامة .. الرابع: أن التغيّر الواضح في سياسة تركيا تجاه القضايا الأقليمية ، وما قد يتبعه من تغيّر متوقع لمواقف بعض الدول العربية .. زاد من حجم المأزق الذي يعانيه العدو وحلفاؤه .. إسرائيل لم تعد تملك أية أوراق ضغط على الأقليم، وسياستها الخبيثة في دول منابع النيل ،سوف يؤلّب القاصي والداني .. وربما الموقف المصري الأخير تعبير واضح عن درجة اليأس من الوصول إلى سلام معها ، وتوقفها عن العبث بأمن مصر المائي عند المنابع .. المطلوب الآن هو الاستمرار في رفض مواقفها ومواجهتها بتحالف استراتيجي ، يضم الدول العربية وإيران وتركيا ، واستقطاب دول المنبع بمشاريع استثمارية ،تبعدها ،وتغنيها عن المشاركة في العبث الصهيوني بمقدراتها.. هذا التحالف سوف يحد من تمادي إسرئيل في تآمرها على مقدرات الشعبين السوداني والمصري المائية من جهة ، ويخضعها للمطالب العربية دون أن يحتاج المتحالفون إلى طلقة واحدة بالضرورة ، من جهة أخرى .. وإذا ركبت رأسها ،فإن الغرب سيضطر إلى التخلي عنها ، لأنه لم يعد لديه ما يقدمه .. فهو غارق في أوحال المنطقة ، ومفلس ،بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .. في اليومين الماضيين أعلنت أمريكا عن إستضافتها لمؤتمر اقتصادي لدعم الدول الإسلامية !! تُرى هل عجزت الدول الإسلامية أن تقوم بهذا الدور بمعزل عن أمريكا؟! مادام المال منها والإستثمار فيها ، فما الداعي لدخول السمسار الأمريكي في المعادلة .. إنه يريد أن يرهن القارض والمقترض !! تُرى إلى هذا الحد يمكن أن تنطلي هذه الخدعة السمجة ، على ساسة الدول الإسلامية؟! كيف يسمح ساستنا للمفلس أن يدير أموالنا ؟ إذا كانت الخبرات والدراسات غير موجودة "وهذا أمر مستبعد، وإفتراض جدلي" يمكن لنا الإستعانة بخبرات عالمية أخرى من خارج الغرب المعادي لأمتنا .. كنا نقول وما زلنا : أن الاقتصاد هو الذي يحرك اتجاهات السياسة العالمية ، ويوجه بوصلة مواقف الغرب خصوصا..فلماذا لا يتحوّل العالم الإسلامي بثقله الاقتصادي والجغرافي إلى التعاون مع دول كالصين وروسيا والهند .. عندها سوف نرى الغرب راكعا لمشيئتنا دون الحاجة إلى حروب معه ، لأن الحروب الأخيرة لقنته درسا لن ينساه .. وإن حاول بتآمره بخيوط استخبارته ، فإن العين الساهرة اليقظة ،سوف تفضح تحركاته ، وتتوالى انكساراته بتراجع دوره العسكري والاقتصادي في المنطقة .. ولعل خطوات التفاعل الإسلامي ينبغي لها أن تبدأ باحلال التمويل الإسلامي محل التمويل الغربي في بلداننا .. لو حدث ما نطالب به ،فإنني اعتقد جازما بهجرات جماعية من فلسطين ، ولكن هذه المرة من قطعان الصهاينة ..