أثارت أزمة ترحيل عدد من المصريين العاملين بالكويت، على خلفية توقيعهم على وثيقة مؤيدة لمطالب الدكتور محمد البرادعي، رئيس "الجمعية الوطنية للتغيير" جدلا واسعا بين الناشطين السياسيين في مصر، الذين نددوا بموقف السلطات الكويتية واعتبروه ينطوي على مجاملة للرئيس حسني مبارك، لعدم إفساد العلاقات المصرية – الكويتية، بينما اعتبرها معارضون تدخلاً غير مقبول في الشأن المصري، وذهبت بعض الأصوات إلى المطالبة بطرد السفير الكويتي من مصر احتجاجًا على هذا الأمر. وقال الدكتور عبد الحميد الصراف الخبير القانوني وعضو المجلس الأعلى للتخطيط في دولة الكويت والأمين العام لجمعية الصداقة الكويتية التي يرأسها أمير الكويت، إن ما حدث هو أن بعض أفراد الجالية المصرية، وهي جالية كبيرة في دولة الكويت، أرادوا التعبير عن رأيهم في مسألة تغيير الحكم في مصر، عبر توجيه دعوة على الإنترنت التجمع في مركز سلطان يوم الجمعة الموافق التاسع من أبريل للتعبير عن رأيهم بشأن هذا التغيير وجمع التوقيعات المؤيدة للدكتور محمد البرادعي. وأضاف في تصريح ل "المصريون": لقد أحاطت الجهات الأمنية علمًا بهذا، وحدث التجمهر في مركز سلطان من بعض أفراد الجالية المصرية التي تفاعلت مع الدعوة، قبل أن يقوم الأمن بمداهمة المكان حيث أبعد المتظاهرين والأفراد المتجمهرين إلى البلاد لدواع أمنية، وهو ما أثار موجة تنديدات واسعة في مصر إزاء هذا الإجراء الذي اعتبره أنصار البرادعي ينطوي على مجاملة للرئيس المصري. غير أنه رفض اعتبار ما حدث من قبيل المجاملة للرئيس مبارك على حساب العاملين المصريين، وقال إن هذا كلام غير منطقي بالمرة والقرار كان قرارا سياديا، إذ أن أمن البلاد والمحافظة عليه هو من القرارات السيادية، ويخضع تقديره لسلطات الدولة التي يكون أمنها عرضة للاهتزاز. وأضاف: لم نخش حدوث أزمة دبلوماسية مع مصر، لأن الأهم لدولة الكويت أولاً: هو سيادتها وأمنها، وثانياً: أن تكون علاقتها مع الدول الأخرى قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية. وكانت السلطات الكويتية قامت بتوقيف نحو 30 مصريًا من المؤيدين لحملة البرادعي لإجراء تعديلات على الدستور المصري، وذلك أثناء اجتماعهم في السالمية للتوقيع على الوثيقة، وإطلاق الفرع الكويتي ل "الجمعية الوطنية للتغيير"، وقررت لاحقًا ترحيل المتواجدين في هذا التجمع إلى مصر، . ورفض الصراف السماح للوافدين بالتعبير عن توجهاتهم المعارضة لدولهم وحكوماتهم على أرض الكويت، قائلاً إن هذا أمر غير مسموح به مطلقاً لتعارضه مع الدستور، وإن من يريد ذلك على أن يمارس هذا في بلاده، وبالطرق المتاحة لديها، وليس في خارجها، واعتبر التصرف الذي بدر من بعض أفراد الجالية المصرية لا علاقة له بالديمقراطية في الكويت؛ إذ إن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير عنه تُمارس حقيقة في دولة الكويت من الكويتيين، سواء في الصحف أو المجلات أو عبر الفضائيات ومن خلال الديوانيات وغيرها. وعن ما تردد في الأوساط المصرية من أن الحكومة الكويتية خافت من تكرار نفس سيناريو الاعتراض على الدولة وأميرها، لذلك قامت بترحيل بعض المصريين، نفى ذلك، وقال إنه لا صحة لهذا الأمر؛ وأن دوافع القرار ترجع إلى مخالفة المبعدين لقوانين الإقامة بالبلاد وهو قرار أمني وسيادي وليس قرارًا سياسيًا، كما أن الشعب الكويتي شعب واعٍ ومثقف ويمارس حقوقه المكفولة بالدستور والقانون على أكمل وجه، ومن ثمَّ وما دامت هناك حرية في الرأي والتعبير عنه للكويتيين داخل دولة الكويت، فلماذا يكون هناك خوف على الدولة وأميرها؟! وحول حقوق المصريين المرحلين من الكويت، أكد الصراف أن لهؤلاء العمال حق الحصول على جميع حقوقهم المقررة قانونًا ووفقًا لما نصت عليها أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، وهو القانون رقم (5) لسنة 2010 والذي بدأ سريانه اعتبارًا من 21/2/2010م، وتلقى مكتبنا من خلال فرعه في القاهرة معظم حالات المرحلين للمطالبة بحقوقهم العمالية، وذلك بالتنسيق مع السفارتين المصرية والكويتية. وأوضح أن حقوق هؤلاء العمال محفوظة وأن دولة الكويت حريصة دائمًا على كفالة حقوق العمال، خاصة أن قانون العمل الجديد رقم (5) لسنة 2010 في شأن العمال بالقطاع الأهلي قد تضمن مميزات كثيرة منصفة للعمال، كما أن نصوص هذا القانون متعلقة بالنظام العام بما لا يجوز معه مخالفتها إلا إذا كان هذه المخالفة تعد ميزة للعامل. وأشار الصراف إلى أن الضجة التي ثارت حول العمال المرحلين لم يتأذى منها سواهم، فبالتأكيد قد تأثروا وتأثرت أسرهم ماديًا واجتماعيًا من هذا الحدث، ولكننا حاليًا نبذل جهدا كبيرا وفى مفاوضات مع السلطات الكويتية في محاولة لإعادة هؤلاء العمال الذين تم ترحيلهم من الدولة الكويت. وعن ردود فعل الجالية المصرية المتواجدة في الكويت، قال إن الآراء تباينت وإن كان الرأي السائد هو تأييد ما تم اتخاذه من إجراءات وتدابير أمنية قامت بها الحكومة الكويتية، فقد ذهبت الغالبية منهم إلى القول بأن الكويت دولة آمنة ومستقرة، وأن العامل منوط به احترام قوانين الدولة التي يعمل فيها، وأن يحافظ على أمنها واستقرارها ويجب عليه إلا يشغلها بمشاكل أمنية تفوق طاقتها.