يحكى أنه في أحد القرى قتل الديك، فقال حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك، وبعد يوم قتلت غزالة، فهب الناس للبحث عن قاتل الغزال، فقال لهم حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك، ثم بعد يوم قتل خيل فهبوا للبحث عن قاتل الخيل والغزال في أذهانهم, فقال حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك. هذا مثال يقال للذين يتشتتون في علاج قضاياهم ومشاكلهم، لأنهم يستنزفون ويفقدون البوصلة ثم لا يصلون إلى أية نتيجة، فهم يذهبون قدراتهم وطاقاتهم في البحث عن الأدوات هنا وهناك وينسون علاج جذور المشكلة، بالأمس فقدنا مقاومًا شجاعًا نتيجة خطأ في التعامل مع قنوات التنسيق بين الأجهزة الأمنية والمقاومين، بالإجمال، حصل خلل في التعامل بين حماة الوطن وحماة القانون، لاشك أن السلاح بأيدي حماة القانون لا يمكن أن يوجه إلى رؤوس حماة الوطن ولا العكس، ولا شك أن ما حصل هو نتيجة ما يسود في قطاع غزة من أن جميع حملة السلاح يتعاملون مع أنفسهم أنهم فوق القانون "لا سلطة لقانون ولا سيادة لقضاء"، مؤكدًا أنه لو يلتزم الجميع حدود القانون فلن نصل إلى الصدام. هناك مشكلة حصلت وأدت إلى فقدان عزيز، كان على الجميع أن يدرك كيف يتدارك الأزمة، وكان يجب على الحكومة أن تدرك أن هناك خللًا في تعامل الأجهزة الأمنية وتتخذ الإجراءات السريعة لإبعاد الاحتكاك وإبعاد الأشخاص المعروفين في الأجهزة بأنهم غير منضبطين ومشهورين بذلك, إبعادهم عن منطقة الحدث. من الحكمة أن يبتعد المسلحون عن الخروج في الجنازات التي يتخللها الحزن والشعور بالظلم، ومن الخطأ الشنيع أن تشارك في الجنازة عناصر أمن مسلحة معروفة بالغوغائية والفوضى وعدم الانضباط مثلما حصل في الجنازة. من جانب آخر، لدينا مشكلة نحن الفلسطينيين، وعلى مدار تاريخنا، كثيرًا ما نحمل الاحتلال مسؤولية أخطائنا، كيف يمكن أن أفهم مجموعة الصواريخ التي أطلقت على المستعمرات الصهيونية في محيط غزة سوى أنها تعبير عن غضب داخلي بعد أن تعذر علاج المشكلة ويمكن أن يتحول في لحظة إلى تفريغ كبت وإهدار مقدرات المقاومة بغير استراتيجية. لست ضد المقاومة لكن ليس للتخلص من أزمات داخلية تعيشها الحالة الفلسطينية في مواجهة ذاتها، رفضت ذلك حين مارسته حماس يومًا مع فتح وأرفضه حين تمارسه فتح مع حماس وأيضا إذا مارسه الجهاد نكاية بحماس، أنا لا أقبله ولا أظن أن الفصائل تراه مناسبًا في لحظات صدق مع النفس. إطلاق الصواريخ لا يغني عن علاج المشكلة من أساسها وذلك بتشكيل لجنة من مهنيين وذوي اختصاص لتخلص إلى نتائج واستخلاص عبر ترفع إلى المعنيين في الحكومة والفصائل وحتى الشعب ليلتزم بمقتضاها الجميع حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث المؤسفة، يمكن أن أتفهم إيقاف التنسيق بين الجهاد وحماس ولكن بدون إدخال الاحتلال إلى الأجواء، لأن في إدخاله ندخل في متاهة جديدة تضييع فيها الحقيقة والمحاسبة وتفوت فرصة الاستفادة من الحدث. أتوقع من الجهاد الإسلامي أن يكون وقافًا عند مصلحة الشعب ومصلحة طلاب التوجيهي في هذه الأيام، وأن يدركوا أن المقاومة الحقيقية ليست غضبًا ولا تأثرًا وإنما برنامجًا مدروسًا ضمن مشروع واستراتيجية واضحة لا تتحرك بدوافع نفسية ولا شخصية. أتوقع من الجهاد الإسلامي أن يوضح للإخوة في حركة حماس تجاوزات الشرطة وأجهزة الأمن للقانون والتي للأسف نسمع عنها كثيرًا, شاهدت بنفسي كيف خرج حراس محكمة لاعتقال طفل عمره 13 سنة كرد اعتبار لعميد في الشرطة القضائية. كنت أتوقع من الجهاد الإسلامي وباقي الفصائل أن ترفع صوتها عالًيا دفاعًا عن مصالح الناس في وجه كل تجاوز تقدم عليه سلطة حماس في غزة أو سلطة فتح في رام الله في كل الميادين الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وألا يقتصر احتجاجها عندما يطال الأمر أحد عناصرها. وأخيرًا رسالتي من قلبي للأخوة في حركة حماس أن يكون الناس كل الناس سواسية أمام القانون، وأن تكون أشد صرامة حين يتعلق الأمر بزلات وتجاوزات المقربين في مواقع المسؤولية فعيون الناس بصيرة ومن لا يتكلم في العلن يتكلم في السر.