امتدت تداعيات الاحتجاجات التي شهدتها مصر الثلاثاء الماضي إلى قاعات مجلس الشعب؛ حيث عقدت لجنتا الدفاع والأمن القومي، وحقوق الإنسان، اجتماعًا مشتركًا الخميس، لبحث "تجاوزات" منسوبة إلى قوات الشرطة، فيما رد مسئول بوزارة الداخلية على أعضاء البرلمان بقوله: إن قوات الشرطة "ليست قوات احتلال". وطلب مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية، اللواء حامد راشد، من أعضاء البرلمان الذين لديهم وقائع تثبت حدوث تجاوزات من بعض الضباط، تقديمها إلى النيابة العامة للتحقيق فيها، مشددًا على أن وزارة الداخلية "لا تتستر على خطأ، ولا تحمي الفاسدين"، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط. وردًا على تقارير أفادت بأنّ قوات الأمن اقتحمت عددًا من منازل المواطنين وقامت باعتقال عشرات الأشخاص من داخلها، أكد المسئول الأمني أنّ "الشرطة لا تدخل المنازل إلا لتنفيذ الأحكام، أو بقرار من النيابة العامة"، وأضاف أنّ "من يفعل ذلك هي قوات الاحتلال، وليس ضباط الشرطة المكلفين بحماية المواطنين والأمن الوطني." وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على عشرات المتظاهرين، غالبيتهم من طلبة الجامعات، الذين شاركوا في مسيرات احتجاجية دعت إلى تنظيمها حركة تُطلق على نفسها اسم "6 أبريل"، للمطالبة بتعديل الدستور ووضع حدّ لقانون "الطوارئ"، الذي تفرضه السلطات المصرية منذ ما يزيد على 29 عامًا. ورفض مسئول بمكتب الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية الإفصاح عن مزيد من المعلومات بشأن عدد ومصير المعتقلين، مكتفيًا بالقول: إن الوزارة بصدد إصدار بيان رسمي بشأن أحداث السادس من أبريل الجاري. وجاء في البيان الصادر عن الوزارة أنّ القوات الأمنية ألقت القبض على عدد من الأشخاص، لم يذكر عددهم على وجه التحديد، ولكنه تابع أنه تَمّ الإبقاء على 33 منهم قيد التحقيق، بينما تَمّ "صرف باقي العناصر، التي تَمّ استيقافها خلال مشاركتها، لحداثة أعمارهم." وذكر البيان أنّه كان هناك "حرص على عدم استخدام سُبل فضّ التجمهر والشغب المُتاحة والمُقننة.. إلا بصدد وقائع تجمهر وقذف للقوات بالحجارة، إصرارًا على التقدم في تظاهرة تجوب شوارع وسط العاصمة." وفي وقت لاحق من مساء الأربعاء، قرّر النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، إخلاء سبيل 33 متهمًا، من بينهم 17 طالبًا، بعدما نسبت إليهم النيابة تهم "التجمهر، والتظاهر، وتكدير السلم والأمن العام، وبث دعايات مثيرة"، وفقًا لما نقلت وكالة الأنباء الرسمية. وفي أعقاب تلك الاعتقالات، أصدرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، تقريرًا طالبت فيه السلطات المصرية بإطلاق سراح المعتقلين، كما دعت إلى وقف ما وصفته ب"أعمال البلطجة" من قبل قوات الشرطة تجاه المتظاهرين. وتابعت المنظمة، على لسان المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سارة ليا ويتسن: "على المسئولين بالأمن الإفراج فورًا عن 91 متظاهرًا سلميًا على الأقل، تَمّ اعتقالهم اليوم (الثلاثاء)، وأن تحقق في العنف الذي تَمّ استخدامه ضدهم." وقالت ويتسن: "المتظاهرون كانوا يطالبون سلميًا باستعادة حقوقهم الإنسانية، فجاء رد السلطات المصرية بقسوة غير قانونية"، وأضافت: "فليكن الضرب اليوم، واعتقال المتظاهرين، كاشفًا للدول التي تموّل وتُسلّح الحكومة المصرية، لحقيقة حكومتهم الحليفة." وقام نشطاء في حركة "6 أبريل" بتنظيم المظاهرة "للمطالبة بوضع حدّ لتسعة وعشرين عامًا من حالة الطوارئ والمطالبة بتعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور، من أجل السماح بانتخابات رئاسية مفتوحة، يحقّ للجميع الترشح فيها. يُشار إلى أن قانون الطوارئ يحكم مصر بشكل شبه دائم منذ عام 1967، ودون انقطاع منذ أصبح حسني مبارك رئيسًا للجمهورية، بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، في أكتوبر 1981.