لا أنكر حبي واحترامي للرئيس مرسى، ودعمي له في كثير من قراراته انطلاقًا من دعمي لبلدي الذي يتواجد على سدة هرم الحكم بها، لكن لأن الأشخاص زائلون، ويبقى حب الأوطان نبراسًا يضيء لنا الطريق، فإن مصر لدى أهم من أي شخص مهما علا شأنه أو سمت قيمته في نفسي، وما أؤمن به ولا يقبل الشك هو دعمي لأي رئيس يأتي بشكل شرعي عبر إرادة الشعب مع ضرورة منحه الفرصة الكاملة ليقدم ما عنده، بل وأسعى لتمهيد الطريق له لكي يحقق أهدافه، سواء خرج من رحم الإخوان أو السلف أو الجماعة الإسلامية أو من التيار الناصري، وهذا واجبنا جميع المصريين أن ندعم الرئيس حتى يكمل مدته الدستورية، وبعدها يكون الحساب إما نقصيه أو نبقيه، وعلى هذا النحو يكون الإسهام في استفاقة مصر وعودتها، وحقنًا لدماء أبنائها. ومن هنا يجب على العقلاء دعوة الناس إلى رفض ما يذهب إليه "المتمردون" وما يعد له الخبيثون من تهييج للشارع المصري يوم 30 / 6، على العقلاء الدعوة إلى احترام صندوق الاقتراع ودورة الديمقراطية والكف عن التهييج الخبيث باسم إعادة الأمر للشعب في انتخابات رئاسية مبكرة، ولماذا نعيد الأمر للشعب وقد قال كلمته قبل عام، وجلس ينتظر انتهاء المدة القانونية للرئيس ويرقبه ليقيمه في النهاية؟ وهل يضمن الداعون إلى إسقاط الرئيس أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، هل يضمنون ألا تقوم الجماعات الإسلامية بعد عدة أشهر بإسقاط الرئيس الذي سينصبونه وفقا لأهوائهم سواء كان سيناريو "شفيق" لو انتصرت الثورة المضادة بقيادة رجال أعمال النظام السابق وبعض الدول المجاورة، أو يكون مجلس رئاسي مكون من البرادعى وموسى وحمدين حال انتصار القوى العلمانية والاشتراكية؟ سيتقاتلون في أقرب محطة إذا حدث ذلك؟ هل يضمنون بقاء حكمهم 6 أشهر فقط إلا ويجدون من يتعامل معهم بنفس المنطق الغوغائي، والدعوة إلى العودة للشعب من جديد، إلى أن ييأس الشعب من الجميع ويحرق البلد ويمنحها للجيش لنعود إلى "يسقط يسقط حكم العسكر"، وتدخل مصر في أتون أزمات وحروب أهلية واقتتال شوارع ودماء تسيل في كل مكان ووضع اقتصادي ينهار فعليًا، ولا تقوم لمصر قائمة بعد ذلك قبل عشرة أعوام أو يزيد. والله أخاف أن يأتي يوم نعض فيه أصابع الندم على تركنا الساحة لهؤلاء ليتمكنوا من إسقاط النظام، وبعدها يقول الجميع ليتنا ظللنا فى يوم بكينا منه، والآن نبكى على رحيله. القوى المتربصة بنا من الخارج تريد سيناريو سوريا، فيقال أكلنا يوم أكل الثور الأبيض، ومصر هى رأس الخيمة التي لو سقطت انهارت معها الخيمة العربية، وحكماء الخليج السابقين من آباء وأجداد الحكام الحاليين أقروا بذلك غير مرة، ورحم الله الشيخ زايد آل نهيان والملك فيصل. فلا تمنحوا هذه القوى المتربصة بنا الفرصة، واحقنوا الدماء وادعموا الشرعية، وتخلوا عن حب الذات ومبدأ "فيها أو أخفيها"، فنحن على ظهر سفينة واحدة تركت الشاطئ وأبحرت، وأي ثقب بها سنغرق جميعًا. المتربصون كثر ومراميهم متباينة، منهم من يسعى لنشر العلمانية "البرادعى"، وفيهم من يريد عودة الاشتراكية "حمدين"، ومنهم الإسلاميون المتلبرلون "أبو الفتوح وعمرو خالد"، وفيهم أذناب النظام السابق "شفيق وموسى"، ولأن لكل فريق إعلامى وأمنى وقضائي يخدم على تصدره للمشهد الذي يجتمعون فيه كلهم على هدف واحد، وهو كراهية النظام الحاكم والسعي لإسقاطه، فإن كل من يستخدم تلك الأدوات في عرقلة النظام وإعادته للخلف كلما حاول السير للأمام على أي صعيد. من ضمن فريق "الفريق" شفيق صديقه الصدوق سعد الدين إبراهيم، الذي صرح تصريحات خطيرة قبل أيام، أكد فيها أن الولاياتالمتحدة منحته الضوء الأخضر للانقلاب على النظام الحاكم في مصر، بشرط بقاء الناس في الميادين أسبوعًا من يوم 30 / 6 المزعوم، وهو تصريح تحريضي بحت، كان يجب أن تتعامل معه الدولة بلا هوادة، وقال إنه تلقى وعدًا أمريكيًا برفع الدعم عن الإخوان وتأييدها لسقوط شرعية الرئيس مرسي حال استمرار التظاهرات ضد الإخوان أسبوعًا. مشاعري مختلطة ما بين خوف على مصر من يوم 30 / 6، ورجاء بأن تكون القشة التي تقصم ظهر المعارضة الخبيثة التي ترعى العنف ولا يهمها إسالة الدماء، وأميل إلى الرجاء، لأن ثقتي في الله لا سقف لها، أنه سيحفظ بلادي من كل سوء يراد بها، كما أنى على يقين أن حركة تمرد وقادتها يلعبون بالنار ويستجدون الدماء، ويحرضون على الغوغائية، ففي أي ديمقراطية في العالم تخرج مجموعات معارضة لإسقاط رئيس منتخب لم يمض سوى ربع مدته الدستورية في الحكم، بحجة أنه لا يتفق مع أمزجتهم وأيديولوجياتهم. ولا وجه للمقارنة بين الحالة السابقة للرئيس السابق، وما نحن يصدده، لأن الفرق كبير جدا أولاً بين الشخصيتين، ثانيًا الحالتين، فالأول عاث فسادًا في البلد طوال 3 عقود من الزمان وسلمها على طبق من ذهب لمجموعات من رجال الأعمال الفاسدين، فنهبوا خيراتها واستحلوا أراضيها بثمن بخس، وزاد الفقراء والمقهورون والمعتقلون وتفشت الأمراض وعلى سقف البطالة والتشرد الأطفالى وانتشر الظلم والمحسوبية والرشاوى والسلوكيات الإجرامية المنحطة، فالأخير مبارك جرف مصر وزاد ذلك بالانتخابات البرلمانية المزورة وانتخابات الرئاسة المسخرة 99%، كيف لعاقل أن يقارن إسقاط ذلك الطاغية بإسقاط رئيس جاء عن انتخابات شهد العالم بنزاهتها وحياديتها، ولم يتمكن حتى الآن من إظهار نتائج ايجابية ملموسة لجهده بسبب حجم الفساد المتراكم في كل مفاصل الدولة وهى السرطانات التي زرعها سلفه عبر 30 عامًا، شتان الفرق بين الحالتين، المقارنة ظالمة جدا، فاعدلوا هو أقرب للتقوى، واحقنوا دماء المصريين عمومًا.