فشلت أحدث محاولة للتهدئة بين القضاة والحكومة قام بها المستشاران حاتم الشربيني مساعد وزير العدل وعادل قورة رئيس محكمة النقض السابق، بهدف إيجاد حل وسط بين النظام والقضاة ينهي حالة التوتر الشديدة التي تحكم علاقة الطرفين في الفترة الأخيرة. وكشفت مصادر عليمة ل "المصريون" أن هناك حالة من الاستياء الشديد داخل نادي القضاة من إغلاق المحاكم يوم الخميس الماضي في سابقة هي الأولى من نوعها وهو ما خلق نوعًا من التشدد لدى القضاة ليقينهم أن أساليب تعاطي أجهزة الدولة مع القضاة وجموع الشعب الأسبوع الماضي تكشف عن أن النظام غير جاد في الوصول لحل منطقي للأزمة مع القضاة. وذكرت مصادر أن القضاة رفضوا مناقشة أي عرض للتهدئة مع النظام إلا إذا تنحى المستشار فتحي خليفة رئيس محكمة النقض (رئيس مجلس القضاء الأعلى) عن نظر قضية إحالة المستشارين محمود مكي وهشام البسطاويسي نائبي رئيس محكمة النقض وتراجع الدولة عن الحشد الأمني الرهيب الذي حدث في الأسبوع الماضي. فيما حذرت مصادر قضائية من وقوع مذبحة صباح يوم الخميس القادم لتزامن نظر قضيتي المستشار مكي والبسطاويسي مع انعقاد جلسة حكم النقض في قضية زعيم حزب "الغد" أيمن نور، خصوصاً أن الحشد الأمني سيكون مضاعفًا وهو ما سيخلق حالة من الاحتقان قد تتسبب في عواقب وخيمة. ولفتت المصادر إلى أن هذا التزامن بين قضيتي مكي والبسطاويسي ونظر قضية أيمن نور كان مقصودًا بهدف تشويه صورة القضاة وخلق إيحاء لدى الرأي بأن القضاة متورطون في العمل السياسي وأن نادي القضاة هو المسئول عن ضياع هيبة القضاة. في سياق متصل، علمت "المصريون" أن هناك وجهات ونظر مختلفة داخل نادي القضاة حول استخدام أسلوب الإضراب فهناك من يرى ضرورة اللجوء إليه في حالة استمرار المستشار فتحي خليفة في نظرة قضية لجنة الصلاحية إذا تم تأجيل القضية أو اتخذ قرار فيها. فيما يرى آخرون أن التأجيل قد يعطى فرصة للوصول إلى تسوية مع النظام لإنهاء الأزمة خصوصا أن تعامل جهات الأمن مع القضية قد أدى إلى وجود ضغوط أجنبية قد تجبر النظام على التراجع. فيما أبدى المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض استياءً شديدًا من قيام الحكومة بإغلاق المحاكم وانتهاك الدستور الذي ينص على أن جلسات المحاكم علنية، مشيرًا إلى أن هذا يعد دليلاً على عدم احترام الحكومة للدستور أو القانون. وانتقد مكي بشدة تزامن نظر قضية الإحالة إلى مجلس التأديب للمستشارين مكي والبسطاويسي مع نظر قضية الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد"، معتبرا أن هذا التزامن يعد أمرًا غير موفق من الحكومة وينذر بعواقب وخيمة، خصوصًا أن الحضور الشعبي سيكون مكثفا وسيقابله وجود أمني مضاعف مما ينذر بحوادث كارثة أمنية. وأكد مكي ان الحوار لا ينقطع بين القضاة وهناك مساع عديدة من رجال القضاء للتهدئة غير أنها لا تحمل أي مبادرات جديدة تستخدم كقاعدة لإنهاء الأزمة. من جانبه، يؤكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أن القضاة سيرفضون أي اتصالات أو مبادرات هدفها المساومة على مطالبهم الإصلاحية التي لن يتنازلوا عنها قيد أنملة فهذه المطالب تخص الوطن بأكمله ولا تخص طبقة القضاة. وأشار مكي التي أن القضاة علقوا اتخاذ أي إجراء بشأن الإضراب كأسلوب تصعيدي بعد الاعتصام إلى ما ستشهده جلسة الحكم يوم الخميس القادم فالقضاة يشترطون فض الحشد الأمني الذي كان موجودا الخميس الماضي في الجلسة القادمة والسماح للقضاة بحضور هذه الجلسة لضمان حدوث قدر من العلانية وكذلك تنحي المستشار فتحي خليفة عن رئاسة المجلس لأنه خصم للقضاة بسبب تصريحاته السابقة بأنهم مجرد قلة مارقة، مشيرًا إلى أن الإضراب سيكون قرارًا حتميًا في حالة صدور حكم ضدي أو ضد المستشار البسطاويسي. ويضيف مكي أن الإضراب قد يتخذ عدة أشكال وهي أنه قد يكون لمدة ساعة أو لساعات خلال يوم واحد حرصا على عدم تعطيل مصالح المواطنين وكذلك تأجيل جلسات القضايا غير المستعجلة كجزء من إضراب عام لإجبار النظام والحكومة على الاستجابة لمطالب القضاة. وأوضح مكي أن تأجيل نظر الجلسة إلى الخميس القادم ربما جاء بالمصادفة مع جلسة نور ولكنها مصادفة سيئة للغاية لأنها توحي بأن القضاة في نفس خانة السياسيين.