يعتبر التعليم في مصر هو مستقبلها الذي تصبو إليه لمواجهة طموحات الدول المتقدمة وتنمية القدرات المصرية لدفع مسيرة التنمية في مصر إلى الأمام، وقد أدى سوء التعليم في مصر إلى هروب الكثير من أبنائها إلى خارج مصر، بحثًا عن مستقبل أفضل لهم ولمعوا في الخارج وكان على رأس هؤلاء هو العالم المصري الدكتور أحمد زويل، والذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء بعد سفره للولايات المتحدةالأمريكية لتلقي التعليم بها، ورغم أن التعليم في مصر لا يجد الاهتمام الكافي من الدولة إلا أن الحكومة المصرية اهتمت بالتعليم الأجنبي وتركت التعليم الفني الذي كان من الممكن أن يدفع بها للأمام، لأنه القادر على تنمية مهارات الطلاب لخلق مبدعين ومخترعين مصريين. ويعتبر التعليم الفني هو أساس التنمية التكنولوجية في المجتمعات الحديثة، ومن هنا جاءت أهمية وضع معايير أكاديمية لقطاع التعليم الفني للارتقاء بجودته حتى تتم مواجهة التحديات التي يتعرض لها الوطن في الوقت الراهن والتعليم الفني هو عبارة عن نوع من التعليم يهدف إلى إكساب الفرد قدرًا من الثقافة والمعلومات الفنية والمهارات العملية التي تمكنه من إتقان أداء عمله، وتنفيذه على الوجه الأكمل.
التعليم الفنى وقد كان للمتخصصين في التعليم الفني رأي آخر في أسباب تدهور التعليم الفني في مصر وعد الاهتمام به من قبل الدولة فيقول حسن أحمد محمد، نقيب المعلمين المستقلين، إن المنظومة التعليمية مازالت تعاني من نفس الفكر السابق، وتطبق نفس الفكر ونفس السياسيات النظام السابق فالنظام الجديد لم يهدف بأن يطور المنظومة التعليمية كاملة، ولكنه كان الهدف الأساسي في تطوير التعليم هو تطوير الثانوية العامة فقط، وليس تطوير منظومة التعليم كاملة. وكان من الأولى تطوير المناهج وتغيرها حتى تكون ملائمة لكل الطلاب حتى إن قانون الكادر المعلمين لم يفرح به المعلمون للنهاية، لأنه ارتبط بقانون الأزهر. فالتعليم أصبح الآن عبارة عن نوع من التلقين والحفظ، وبالتالي فمن غير المنتظر أن يصبح الطالب مثقفًا في تحصيله للعلم مادام أصبح نفس أسلوب النظام السابق وأسلوب النظام الماضي، ولكن لابد في البداية أن نتعرف ما هي الطريقة الصحيحة لطريقة التعليم حتى نبني جيلًا قويًا يكون فيه الطالب مثقفًا وما هو الهدف من المراحل التعليمية. وأشار نقيب المعلمين المستقلين إلى أن الهدف الرئيسي من التعليم في المرحلة الابتدائية هو تعليم القراءة والكتابة والحساب وأحد اللغات لكننا نرى الآن عكس ذلك بكثير فنرى كثرة المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية، مما تجعل طالب الابتدائي في مرحلة اكتئاب دائمة ثانيًا، ويجب أن نعمل على أن نجعل الطالب يحب مدرسته، وذلك عن طريق القضاء على كثافة الفصول، ونظرًا لقلة الإمكانيات التي تعانيها فمن الممكن أن نتغلب على ذلك عن طريق أن يكون هناك مجموعة من الطلبة في حصة عملي ومجموعة أخرى في الجزء النظري. أما المرحلة الإعدادية فيجب أن يكون هدفها الأساسي هو استكشاف الطالب قدراته الحقيقة التي من خلالها سيحدد أن كان سيدخل لمرحلة التعليم الفني أو مرحلة التعليم الثانوي، وهل هو يحب الجانب العلمي المتمثل في الثانوية العامة أم أنه يحب الجانب العملي والتمثل في التعليم الفني، أما المرحلة الثانوية فالهدف الأساسي منها يجب أن يكون تدعيم اللغات وتدريس العلوم التي تؤهل للجامعة. وأكد نقيب المعلمين المستقلين أن التعليم الفني يواجهه عدة مشاكل الآن فلابد من تغيير المنظومة كاملة، لأنها من الممكن أن تتغير المنظومة وتحقق أرباحًا وتصبح من وزارة خدمية إلى وزارة إنتاجية ومن الممكن أن يدر أرباحًا هائلة، وذلك عن طريق التصنيع داخل ورش المدارس، فما المانع من أن تعاد تصليح سيارات الحكومة داخل أقسام الميكانيكا بالمدارس الفنية، وما المانع أيضًا من تصنيع العباءات داخل أقسام النسيج وغيرها من هذه العمليات التي لو استخدمت صحيحًا ستحول وزارة التربية والتعليم من وزارة خدمية إلى وزارة إنتاجية ونحن كنقابة المعلمين المستقلة قدمنا عدة مشاريع وعدة أفكار وعدة مقترحات إلى وزارة التربية والتعليم لكن الوزارة لم تستجب إلينا كالعادة.
أخونة التعليم وأضاف إن وزارة التربية والتعليم، تركز كل نشاطها وشغلها الشاغل الآن لأخونة التعليم في مصر، وذلك عن طريق اهتمامها غير العادي بالمدارس الخاصة، وذلك بسبب أن معظم أصحاب المدارس الخاصة هم رجال أعمال إخوان حتى إن المتحدث الرسمي بوزارة التربية والتعليم كان من الإخوان المسلمين، كما أنه هناك خصخصة للمدارس فنحن نجد أنه سيكون في كل مدرسة فصل تجريبي، وهو بالطبع ستكون مصروفاته أعلى من مصروفات التعليم العالي، وهذا إن دل سيدل على أنه سيخلق نوعًا من التمييز الطبقي داخل المدرسة الواحدة. أما عن التعليم في المدارس الأجنبية فقال نقيب المعلمين المستقلين إن مشكلة المدارس الأجنبية من المشكلات التي يعاني منها المصريين، وذلك لأن وزارة التربية والتعليم لم تشرف على هذه المدارس فالمدارس الأجنبية هي دولة داخل دولة، لأن الدولة التي تفرض مناهجها على هذه المدارس وفي نفس الوقت تعتبر المدارس الأجنبية هي نوع من تضييع الهوية العربية والإسلامية، لأن الطلاب ثقافتهم ستكون متجهة اتجاهًا آخر غير الثقافة العربية. بدوره قال الدكتور محمود أبو النصر، وكيل أول وزارة التربية والتعليم للقطاع الفني سابقَا، إنه بأي حال من الأحوال لن يتم مشروع النهضة الحقيقة في مصر إلا من خلال التعليم الفني الحقيقي والنهوض به، وأنه كانت هناك خطة واستراتيجية لتطوير منظومة التعليم الفني ليصبح قطاعًا إنتاجيًا وليس قطاعًا خدميًا ويكون مصدرًا من مصادر الدخل القومي. وأشار أبو النصر إلى أنه كان يتم النظر إلى التعليم الفني على أنه تعليم متدنٍ المستوى، نظرًا لضعف المستوى التعليمي الذي كان متبعًا من قبل فيه، وأن الوضع سيتغير في الفترة القادمة، نظرًا لاستراتيجية الجديدة في القطاع الفني الذي سوف يعتمد على تعليم الطلاب وتدريبهم في المدرسة، وتعيينهم بعد تخرجهم في وظائف مختلفة. وأضاف إنه يوجد حاليًا 2000 مدرسة فنية تخدم 2 مليون طالب، وستقوم الإستراتيجية الجديدة على بناء مدارس جديدة تستوعب عدد الطلاب، بالإضافة إلى تفعيل نظام اليوم الكامل بالمدرسة، وإضافة أقسام جديدة منها قسم الأمن والأمان، وقسم للتربية الأسرية وقسم السكرتارية، حتى نتابع التطور الموجود حاليًا. مؤكدًا أن القطاع الفني أجرى عدة برتوكولات تعاون مع العديد من الدول الصناعية الكبرى كألمانيا والصين وأمريكا وغيرها من دول العالم الصناعية الكبرى، وأن المدارس الفنية ستقوم بتصنيع وتسويق منتجاتها بصفة مستمرة، حتى تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي لديها. وأشار أبو النصر إلى أن أعداد طلبة التعليم الفني ضخم جدًا ويقترب من 6 ملايين طالب وعلينا أن نأخذ في الاعتبار أنه لم يجد لهؤلاء الشباب أي مستقبل لهم، فسينقلبون على المجتمع بكل شراسة، لذا وجب التحرك وجاء وقت العمل. وأن هناك خطورة حقيقية تقابل المصريين، وهي العمالة الآسيوية فهل يتم الاكتفاء بجلب العمالة المدربة من شرق آسيا أم نقوم بالأخذ بيد العمالة المصرية والتي بشهادة الجميع إذا أخذت حقها في التدريب والأجور، أفضل من العمالة الخارجية، لأن جلب العمالة الفنية المدربة من شرق آسيا والاعتماد عليهم بشكل كلى أمر في منتهى الخطورة، في ظل وجود الكم الهائل الموجود من العمالة الفنية المصرية، والتي من الواجب أن يأخذوا حقهم من فرص عمل كافية وتدريب كاف حتى يكونوا منتجين ناجحين ونعتمد كدولة على العمالة المصرية، ولا نحتاج إلى دعم خارجي. فيجب على رجال الأعمال التبرع لصالح هذه المدارس الفنية للتطوير من المعدات وأساليب التدريب، لكي يحدث تطور وتحسين في الإنتاج، ولكي يضمن رجال الأعمال أنه هذه التبرعات يتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب ويجب تواجد منظومة كاملة لذلك، لأنه عند ارتفاع الأداء أو التعليم الفني في مصر، فهذا ليس ارتفاعًا للتعليم الفني فقط بل هو ارتفاع للصناعة المصرية بأكملها.
الهروب من التعليم وللوقوف على وضع التعليم الفني في مصر كشفت أحدث دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حول قضايا التعليم في مصر، والتي أجريت على 2035 طالبًا وطالبة في 17 مدرسة للتعليم الفني الصناعي بالقاهرة الكبرى عن أن 42.8% من الطلاب يؤكدون أنهم سيلاقون حالة من تدني التقدير المجتمعي بعد التخرج و17.6% يكثرون الغياب من المدرسة، بسبب رؤيتهم أن التعليم الفني ليس له مستقبل مضمون و25.2% من أفراد العينة ذكروا أن اختيارهم للتعليم الفني بمثابة وسيلة للهروب من الثانوية العامة. وحول أسباب ظاهرة تغيب التلاميذ عن المدرسة أشار 34% من الطلاب إلى عدم الاهتمام بالدراسة و48.4% بسبب اللامبالاة و13.7%، بسبب عدم وجود ربط وضبط بالمدارس, كما كشفت الدراسة عن أن عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني بمصر يصل إلى مليون و430 ألف طالب منهم790 ألفًا و277 طالبًا بالتعليم الصناعي, والإقبال على التعليم الفني في مصر، وبخاصة الصناعي في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة. وأوضحت الدراسة أن المشكلات الحقيقية للتعليم الفني الصناعي تتمثل في تحول التعليم الفني الصناعي مع مرور الوقت، بسبب التفاعل بين العديد من المشكلات التي تواجهه إلى بوتقة يوضع فيها الفرد ليشعر من خلالها بتدني وضعه الاجتماعي وعدم جدوى ما يمر به من خبرات تعليمية في النهوض به مهاريًا واجتماعيًا واقتصاديًا, ومن ثم يبدأ الشعور بانخفاض تقديره لذاته وإعاقته عن تحقيق حاجته إلى الإنجاز والحصول على المكانة الاجتماعية المرغوبة لدى الجميع. كما أشار التقرير إلى ارتفاع كثافة التعليم الفني في بعض المحافظات إلى 51 طالبًا في الفصل الواحد مثل محافظة الجيزة، و44 طالبًا في محافظتي الإسكندرية وقنا، كما سجلت بعض المحافظات كثافات كبيرة ومزعجة في عدد الطلاب، فبعض محافظات الدلتا تشتكي من كثافة الطلاب فضلًا عن الصعيد بكفوره ونجوعه الذي لا يعلم عنها أحد. كذلك كان تطبيق نظام تعدد الفترات الدراسية بهدف تقليل الكثافة المدرسية والفصول ورغم سلبيات هذا على العملية التعليمية، حيث بلغت نسبة المدارس التي تتبع نظام الفترات إلى 6061% بالتعليم الزراعي وحده خلال الأعوام الماضية.
عجز المدرسين ولفتت الدراسة إلى وجود عجز في أعداد المدرسين فكان هناك عجز في مدرسي المواد الثقافية بالتعليم الفني وعددهم 8698 مدرسًا بنسبة 6.15 %، وقد شمل العجز 13 محافظة في مدرسي المواد الفنية النظرية وعددهم 16594 مدرسًا بنسبة 5.27 % وقد شمل العجز جميع المحافظات التي بها التعليم الفني الزراعي ماعدا محافظة جنوبسيناء، وبلغت نسبة العجز في محافظة أسيوط 69. 9 % والإسماعيلية 7.67% وبني سويف 7.62 % وشمال سيناء 65. 3 % . كما أظهر التقرير عجزًا واضحًا في أعداد الأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين في المدارس الزراعية بنسبة 258 طبيبًا، و320 مهندسًا زراعيًا وهذا ينبأ بمستوى الانحدار الذي وصلت إليه العملية التعليمية . كما أشار التقرير إلى وجود عجز في أعداد مدرسي المواد العلمية بالتعليم الفني 12195 مدرسًا بنسبة 8.17 % من العدد اللازم وظهر هذا العجز واضحًا في محافظتي الإسكندرية بنسبة 5.86% والفيوم بنسبة 82 % والسويس ومطروح بنسبة 100 % .
مخالفات جسيمة وكشفت الدراسة عن وجود عجز في مدرسين المواد الثقافية يصل إلى 888 مدرسا من إجمالي عدد مدرسين المواد الثقافية وتبين وجود مخالفات إدارية جسيمة في تعيين المدرسين، حيث تبين وجود 4026 مدرسًا غير حاصلين على مؤهلات عليا، وتم تعيينهم بالمخالفة للاشتراطات الوظيفية الواجب مراعاتها في شاغلي هذه النوعية من الوظائف ووجود 22 ألفًا و650 مدرسًا بنسبة 48% من إجمالي أعداد المدرسين في التعليم الفني الزراعي والتجاري غير مؤهلين تربويًا ولا علميًا. واستحوذ التعليم الفني الزراعي على نسبة مؤهلات غير مؤهلين تربويًا بجانب وجود 46 ألفًا و499 مدرسًا من إجمالي مدرسي المواد الفنية النظرية في التعليم الفني غير مؤهلين تربويًا واستحوذ التعليم الزراعي على أعلى النسب، وذلك بنسبة 3.71 % عام 2004 .
المباني التعليمية وأوضحت الدراسة أيضًا سوء حالة الكثير من المباني فمرافق وهيئات الإدارة التعليمية في حالة يرثى لها وحاجتها إلى عملية صيانة وترميم أو إحلال وإنشاء ومن مظاهر ذلك وجود تصدعات وشروخ بالحوائط والأسقف وصدأ الحديد ودورات المياه غير الآدمية، والتي تنبأ عن حالة من اللامبالاة بين المسئولين عن المنظومة التعليمية في مصر.
التعليم وسوق العمل وشددت الدراسة على أن التعليم الزراعي الثانوي غير مرتبط بسوق العمل، ولا ينجح خريجوه في الحصول على فرص عمل مناسب، وأن السنوات الأخيرة شهدت انهيارًا في مستوى التعليم الزراعي، وأن التعليم الزراعي ضل الطريق عن أهدافه الحقيقية بابتعاده عن مواقع الإنتاج، مما أدى إلى تخريج دفعات متتالية، لم تستطع أن تحصل على فرص عمل، بسبب انخفاض مهاراتها وأرجعت الدراسة سر فشل التعليم الزراعي إلى ارتفاع كثافة الطلاب بالفصول، مما أثر بالسلب على فرص التدريبات العملية.
أنواع التعليم الفنى وينقسم التعليم الفني إلى عدة أنواع منها التعليم الصناعي ويشمل 10 صناعات ينبثق من كل صناعة عدة شعب الميكانيكية والمركبات والبحرية وكهربية ونسجية ومعمارية وخشبية ومعدنية وتبريد وتكييف والهواء زخرفية، والتعليم التجاري ويشمل المدارس الثانوية التجارية مثل مبارك كول، والتي تضم مهنة مساعد فني إداري ومهنة سكرتارية طبية والمدارس الثانوية الفندقية (مبارك كول) أما عن المدارس الثانوية الفندقية وتضم الشعب الآتية شعبة المطبخ وشعبة المطعم و شعبة إشراف داخلي وشعبة الخدمات سياحية. والتعليم الزراعي فيشمل الدراسة بالمدارس الثانوية الفنية الزراعية المجالات الآتية الإنتاج الحيواني، وإنتاج الحاصلات البستانية، والتصنيع الغذائي، والعجائن، واستصلاح الأراضي، والميكنة الزراعية، وتكنولوجيا إنتاج وتصنيع الأسماك، و فني معامل، ومساعد بيطري، وتربية النحل، وديدان الحرير.
تحديات التعليم إن الحاجة لهذه المنظومة الحيوية من التعليم الفني في مصر ضرورية لسد الفجوة بين ما هو كائن وبين ما يجب أن يكون بمعني إحداث نقلة نوعية في مجالات العمل بالدولة من عمل تقليدي يوظف أساليب تقليدية قائمة على تكنولوجيا متواضعة ومستوى جودة منخفض إلى عمل عصري يرقى للمستوى العالمي من حيث توظيف تكنولوجيا المعلومات والتمتع بمستوى جودة متميز من خلال موارد بشرية تتمتع بالقدرات المهنية القيادية التي تحقق التطوير وتتبنى برنامج التحديث المستمر. حيث إن التدريب والتعليم المستمر له أهمية قصوى في نمو وتقييم الأعمال بمختلف أنواعها، وأنهما أساس تنمية مهارات وقدرات العاملين بتلك المنظمات التي تيسر لهم أداء العمليات الفنية والإدارية وتحليل المشاكل واتخاذ القرارات المتعلقة بأعمالهم وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحسين أوضاع التعليم والتدريب المهني في مصر منذ بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين وحتى الآن وما أسفرت عنه من نجاحات، إلا أن تلك الجهود تواجه مجموعة كبيرة من المشكلات والتحديات ومن أبرزها أنه تعاني عملية التدريب والتشغيل في مصر من غياب رؤية قومية للاحتياجات التدريبية ومن ثم خطة واضحة للتدريب، وقد أسهم هذا الأمر في مشكلات عدة، فمن ناحية لا توجد معرفة حقيقية بالاحتياجات التدريبية، كما لا يوجد تقييم ومتابعة للخريجين للتعرف على مدى استفادتهم من التدريب الذي حصلوا عليه، وكذلك غياب التقييم الدوري للعملية التدريبية ذاتها، ومن ناحية أخرى وفي ظل غياب خطة قومية واضحة للتدريب في مصر فقد أدى ذلك إلى عدم توزيع الموارد استنادًا إلى مدى نجاح مركز التدريب أو طبيعة العملية التدريبية، حيث إن هناك مراكز تدريب ناجحة لا تجد الموارد الكافية لاستمرارها يضاف إلى ذلك أن غياب خطة مركزية واضحة المعالم للتدريب والتعليم الفني في مصر أسهم في خلق فجوة بين الطلب والعرض في سوق العمل. ومن أهم التحديات أيضًا ازدياد عدد المشروعات الممولة من جهات خارجية تعمل في مجال تطوير التدريب والبرامج التدريبية، ونظرًا لعدم وجود رؤية واضحة لمنظومة التدريب ولا يوجد أي ارتباط أو تعاون بين هذه المشاريع، وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة وشاملة ومفصلة وتحدث بشكل دوري عن مراكز التدريب في مصر، وعدم إدارة التمويل المقدم إلى بعض المبادرات بشكل كفء، مما أدى إلى توقف التمويل وتعطيل تلك المبادرات.
تمويل التعليم يضاف لذلك أن التمويل في بعض الأحيان يتسم بعدم الانتظام، مما يؤثر على استمرارية بعض المبادرات والبرامج التدريبية مثل المشروع القومي لتأهيل شباب الخريجين، هذا رغم محاولات الحكومة زيادة ميزانية التدريب والتعليم إلا أن الميزانية الحكومية مازالت غير قادرة على توفير التمويل اللازم لرفع كفاءة الخدمة التعليمية والتدريبية بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية القائمة. ويضاف إلى قائمة التحديات التي تواجه التعليم الفني في مصر عدم وجود قاعدة بيانات عن سوق العمل واحتياجاته يُشكل أحد التحديات الأساسية التي تواجه عملية التعليم والتدريب والتشغيل في مصر، إذ إن توافر هذه القاعدة من شأنه العمل على خلق مزيد من التوافق بين جانبي العرض والطلب في سوق العمل. وكذلك عدم إرشاد المتدربين قبل بدء العملية التدريبية إلى مجالات العمل المرتبطة بالأنماط المختلفة من التدريب وتتسم عملية التدريب في أغلب الأحيان بانخفاض كفاءتها، وهو ما يرجع في بعض الأحيان إلى نقص الكوادر من المدرسين والمدربين الأكفاء مما يحول دون نقل واكتساب المعارف والمهارات، يضاف لذلك ضعف مشاركة القطاع الخاص في تصميم وإدارة تلك البرامج، مما يؤثر بالسلب على كفاءتها، وذلك في ضوء ما يتسم به القطاع الخاص من دراية واسعة باحتياجات سوق العمل.
مراكز التدريب وتعاني عملية التدريب من مصر من غياب آلية لتقييم عملية التدريب ومخرجاتها لمعرفة مدى استفادتهم وهو الأمر الذي ساهم في عدم تطوير عملية التدريب وضعف إدارة بعض مراكز التدريب، وهو الأمر الذي ينعكس في عدم الاستغلال الأمثل لتلك المراكز، ومن أمثلة ذلك: عدم حرص إدارة بعض مراكز التدريب على قيام المتدربين باستخدام الأجهزة المتاحة بأنفسهم لتخوفهم من إتلافها، وكذلك عدم توفير الخامات ومستلزمات التدريب على الرغم من وجود الأجهزة الحديثة التي لا يتم استخدامها، كما تعاني بعض مراكز التدريب من نقص في المعدات وعدم القيام بالصيانة الدورية لها. وتظل إحدى المشكلات التي تقابل التعليم الفني والتدريب المهني هي عدم اقتناع بعض من القائمين على القطاع الخاص بجدية وأهمية التدريب العملي فنجد أنه في بعض الأحيان يتم تكليف هؤلاء الطلاب بأداء بعض المهام في المصانع التي لا تمت بصلة للبرامج التدريبية المخططة لهم، لكي يحقق التدريب الغاية المرجوة منه، حيث يجب أن يقوم على رسالة واضحة تتبناها كل الأطراف، وتمثل هذه الرسالة الغرض الرئيسي من التدريب وإسهامه المتوقع وكذلك الصورة الذهنية التي نود صنعها لدي القائمين علي التدريب، والمستفيدين منه. الحكومة والتعليم الفني كانت الحكومات السابقة تتعمد وبشكل مدروس القضاء على التعليم الفني رغم أهميته الاجتماعية والاقتصادية، حيث إن هذه النوعية تستقبل 60% من الحاصلين على الشهادة الإعدادية، فيما تستغل الثانوية العامة 40% فقط من الخريجين، وهناك دول كثيرة قامت تنميتها الشاملة على أكتاف التعليم الفني وأصبحت دولًا متقدمة اقتصاديًا وصناعيًا، وعلى سبيل المثال الصين والدنمارك وفنلندا وألمانيا، حيث اعتمدت هذه الدول في تأهيل خريجيها على التعليم المزدوج حيث التدريب داخل المصنع والتدريس داخل المدرسة لمدة ثلاثة أيام فقط، وخلال السنوات الأخيرة نجح قطاع التعليم الفني في مصر في وضع استراتيجية قومية لتطوير التعليم الفني بشعبه الثلاث سواء كان صناعيًا أو زراعيًا أو تجاريًا لكن منذ متى نعتمد على نجاحات الدول التي سبقتنا في هذا المجال فهذه الاستراتيجية لكي يتم تنفيذها بدقة فعلى الدولة أن توفر ميزانية تقدر ب16 مليارات جنيه في خمس سنوات. غير أن المسئولين عن التعليم الفني في مصر يتعاملون معه كأنه درجة ثانية من التعليم ومن مظاهر ذلك عدم الاهتمام به ومعاملة خريجيه كأنهم عمالة لا وجود لها ويمنع عنهم استكمال دراساتهم الجامعية إلا بشروط مجحفة يصعب على الكثير منهم تحقيقها، نظرًا لأسلوب التعليم المتدني الذي تلقوه في المرحلة الثانوية الصناعية أو ما بعدها.