بالصور.. محافظ أسوان يستمع لمطالب ومشاكل أهالي أبو سمبل    افتتاح مسجد عزبة جابر بقرية الكاشف الجديد في دمياط    تظلمات بطاقات الخدمات المتكاملة 2024.. خطوات التقديم للحصول على بطاقة إثبات الإعاقة    منافذ حياة كريمة تبدأ توزيع اللحوم بأسعار مخفضة بالقاهرة    ارتفاع أسعار الذهب العالمية في البورصة ختام تعاملات اليوم الجمعة    غرفة سوهاج التجارية تبحث مع القوى العاملة توفير فرص عمل لأصحاب الهمم    لتحسين قاعدته الانتخابية وجذب ناخبين جدد، ترامب يلجأ إلى هذه الخطة    زيلينسكي: المساعدات الألمانية "أنقذت آلاف الأرواح الأوكرانية"    «فلسطين للأمن القومي»: نتنياهو يعتبر اغتيالات قادة حزب الله نصرا سياسيا له    حضور جماهيري ضعيف في مباراة مصر وموريتانيا (فيديو)    الاتحاد الوطني للقيادات الشبابية ينظم اللقاء الحواري الثاني في كفر سعد بدمياط    الكرة النسائية.. انسحاب فريق توت عنخ آمون بعد أول 45 دقيقة أمام بسيون    رزان وليد عبد السلام تحصد الميدالية الذهبية في بطولة كأس مصر للجمباز    تدخلت للصلح بينها وبين زوجها، اعترافات المتهمة بقتل صديقتها في أكتوبر    يسحب القاصر نحو فخ ويسبب الإدمان.. حظر «تيك توك» بات قريبا (تفاصيل)    مفقود منذ 100 عام، العثور على بقايا جثة متسلق إنجليزي في جبل إيفرست    كتاب الخواجاية ل فيموني عكاشة.. رحلة مؤثرة في أعماق الذاكرة الإنسانية    خلال 24 ساعة.. جيش الاحتلال يرتكب 4 مجازر بحق العائلات في غزة    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 112 مليون خدمة مجانية خلال 71 يومًا    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 11-10-2024 بالتعاملات المسائية    مفاجأة غير متوقعة لأصحاب برج الجدي في النصف الثاني من أكتوبر.. ماذا يحدث؟    بالصور- ضبط مخزن زيت طعام مجهول في سرس الليان    «الداخلية» توجه قوافل بالمحافظات مزودة بوحدات إلكترونية لتقديم خدمات الأحوال المدنية    كشف حساب زيارة الرئيس السيسي لإريتريا (فيديو وصور)    بلومبرج: بايدن ضغط على نتنياهو لاقتصار الرد الإسرائيلى على أهداف عسكرية    كوريا الشمالية تتهم جارتها الجنوبية بإلقاء منشورات على عاصمتها    روبوتات تسلا.. خدعة الذكاء الاصطناعي أم مستقبل واعد| فيديو    دار الأوبرا المصرية تتصدر محركات البحث قبل انطلاق مهرجان الموسيقى العربية بساعتين    "مريم الخشت" تتصدر التريند بعد حفل زفافها    وزارة العمل تعلن 3000 فرصة عمل في مشروع محطة الضبعة النووية.. رابط التقديم    تتراوح من الاكتئاب إلى الانفصام، أعراض وعلامات المرض النفسي لدى الأطفال والبالغين    جمعية رعاية مرضى الكبد تطلق قافلة طبية شاملة بدمياط    الاستئناف على حبس التيك توكر كروان مشاكل في قضية حيازة سلاح أبيض| غدا    طلاب جامعة المنوفية ينجحون في تحرير 4744 مواطنا من الأمية    ضمن جهود مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.. الصحة تنظم دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية من خلال فروع الهيئة بالمحافظات    جنوب سيناء تطلق برنامجًا رياضيًا احتفالًا باليوم العربي للمسنين    ضمن مبادرة بداية.. ندوات ومحاضرات لأئمة الأوقاف في شمال سيناء    الأنبا توماس يشارك في ورشة العمل "القادة الدينيين وبداية جديدة لبناء الإنسان"    دويدار يؤكد.. ثنائي الأهلي سيكونوا كبش فداء عند خسارة مبارياته القادمة    الصعيد في عيون حياة كريمة.. مدينة إسنا تحصل على دعم كبير برعاية مجلس الوزراء    دار الإفتاء توضح فضل زيارة مقامات آل البيت    الأردن يدين استهداف الاحتلال الإسرائيلى لقوات اليونيفيل جنوب لبنان    وكيل صحة سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزي ووحدات الرعاية الصحية    فضل الدعاء للأب المتوفي في يوم الجمعة: مناجاةٌ بالرحمة والمغفرة    بالتزامن مع الاحتفال بذكرى بنصر أكتوبر.. تنسيقية شباب الأحزاب تعلن عن استراتيجيتها الجديدة    تعرف علي حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    سفيرة مصر في زامبيا تطالب الكنيسة بتوسيع خدمات المستشفى القبطي    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة سيارات النقل بالأقصر    الصحة: اغلاق عيادة يديرها أجانب مخالفة لاشتراطات التراخيص بمدينة نصر    للنصب على المواطنين، حبس صاحب أكاديمية وهمية لتعليم التمريض بالإسكندرية    ترامب يتعهد بإلغاء الضريبة المزدوجة على الأمريكيين المقيمين بالخارج حال الفوز    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    تغيرات حادة في أسعار الحديد والأسمنت بمصر: التقلبات تعكس الوضع الاقتصادي الحالي    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة الجمعة 11 أكتوبر    تصفيات أمم أفريقيا| منتخب مصر بسعي لمواصلة الانتصارات علي حساب موريتانيا    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمح مصر.. وكهنة المعبد!
نشر في المصريون يوم 15 - 05 - 2013

وجرَّد كهنة المعبد حملة غير مسبوقة لجمع محصول القمح من المزارعين وتخزينه بمعرفتهم؛ حتى لا تنجح خطة نبي الله يوسف، عليه السلام، في ادخار القمح؛ انتظارًا لسنوات الجدب والقحط، والتي تحدَّث عنها القرآن الكريم في سورة «يوسف»؛ {تّزًرّعٍونّ سّبًعّ سٌنٌينّ دّأّبْا فّمّا حّصّدتٍَمً فّذّرٍوهٍ فٌي سٍنًبٍلٌهٌ إلاَّ قّلٌيلاْ مٌَمَّا تّأًكٍلٍونّ 47}(يوسف)، وجمع الكهنة ما أمكن جمعه من المزارعين بأضعاف سعر السوق وخزنوه في مخازنهم، بينما كان قرار يوسف توزيع بطاقات أو صكوك على كل من يبيع الدولة محصوله من القمح؛ ليسترد منه ما يشاء عندما تُقْبِل السنوات العجاف.. سنوات الجفاف.
وعندما حدث القحط، وهجمت سنوات الجفاف.. ذهب الكهنة ليُخرجوا مخزونهم فوجدوه قد افترسه السوس والعفن! فأسقط في أيديهم، وفجع المزارعون الذين باعوا لهم محاصيلهم، فقد كان الاتفاق على البيع بثمن أعلى من السعر الذي عرضه يوسف، عليه السلام، على أن يستردوا من مخازن الكهنة ما يحتاجون عند القحط، لكن ذلك كله بات هباءً منثورًا، بينما مَنْ سلَّم يوسف قمْحَه قدَّم ما معه من مستند وقت القحط فبات في مأمن، وحصل على ما يحتاج من القمح.. يومها كان الذين باعوا قمحهم للكهنة منخدعين بدعايتهم المضلّلة، وكانوا يحاولون الوقوف في صفوف صرف القمح من خزائن يوسف عليه السلام، لكنهم لا يحملون ما يثبت أحقيتهم في قمحهم، ولما استحكمت أزمتهم وكادوا يُقبِلون على مجاعة قاتلة، لم يقبل سيدنا يوسف بذلك، وأمر بمنحهم ما يحتاجون من القمح.. وتلك أخلاق النبوة.
على الجانب الآخر، أُصيب الكهنة بالصدمة، وهُزموا شرَّ هزيمة في آخر معاركهم ضمن حربهم الطويلة على يوسف الصديق.. وتخطت مصر السنوات العجاف التي تنبأ بها يوسف، وعاشت أزهى عصورها، وتبدد كيد الكهنة، وزال صولجانهم، وتهدمت معابد كذبهم، واستقرت نهايتهم في مزبلة التاريخ.. هكذا تروي القصة المستوحاة من القرآن، والتي تحولت إلى مسلسل رائع شاهده ويشاهده الملايين.
لقد طافت بي تلك المشاهد وأنا أتابع حرائق حقول محصول القمح المتتالية في مصر، وافتعال الأزمات في توريده، وسط أخبار عن ترتيبات وتهديدات من كهنة هذا الزمان لإفشال موسم حصاد هذا العام الذي وصل الإنتاج فيه إلى معدل غير مسبوق، وبما يمكن أن يقفز بمصر إلى الاقتراب من الاكتفاء الذاتي.
لقد أسفرت حملة كهنة هذا الزمان -حتى كتابة هذه السطور- عن حرق ما يقرب من 215 فدانًا يصل إجمالي إنتاجها حوالي 5590 إردبًا، باعتبار أن متوسط إنتاج الفدان يصل إلى 26 إردبًا.
ووفقًا لتسلسل الأحداث، فقد بدأت العمليات المجهولة لإحراق محصول القمح في 26/4/2013م؛ حيث أتت النيران على فدان و8 قراريط بمحافظة سوهاج.. وفي نهاية الشهر، التهم حريق 12 قيراطًا بالمنوفية، وذلك بعد يوم واحد من احتراق 7 أفدنة أخرى، ليس هذا فحسب، بل التهمت الحرائق في اليوم نفسه 5 أفدنة من القمح بقرية «صناديد» بطنطا بمحافظة الغربية، وفي 1 مايو أنقذت العناية الإلهية 10 أفدنة من الإتلاف بعدما نشب حريق في أجران القمح بقرية «الصعيدي» بالفيوم، وفي اليوم التالي (2 مايو) قام مجهولون بإحراق فدان في «أبو صوير» بمحافظة الإسماعيلية، وتسببت الحرائق في إتلاف إنتاج 26 فدانًا من بينها مزرعة بالمنيا، وإتلاف إنتاج 11 فدانًا، إضافة إلى 10 أفدنة تمت السيطرة على النيران قبل تلف القمح، وفي «مشروع الصالحية الزراعي» بمحافظة الشرقية التهمت النيران 153 فدانًا، ومازال المتهم بالحادث حتى الآن هي أبراج الضغط العالي!
تلك عيِّنة من الحرائق، ومازالت النيران تُضْرم في حقول جديدة خلال كتابة هذه السطور، وأعتقد أن تلك الجريمة لن تتوقف حتى تأتي على أكبر مساحة من القمح؛ لإفشال مصر من الاقتراب من الاكتفاء الذاتي من هذا الغذاء الحيوي.
والذين يخططون لتلك الجريمة وينفذونها لا يسعون فقط لإفشال الرئيس وإسقاط الحكومة، وإنما يسعون للبقاء على مصر وشعبها رهينة للغرب وسطوته في أهم طعامها، فرغيف الخبز هو سيد الطعام في مصر؛ ولذلك فهو يساوي في أهميته أسلحة الجيوش، وقد ظل احتياج مصر له سيفًا مصلتًا على رقاب الشعب يسوقه إلى التبعية الذليلة لسياسات الغرب بواسطة حكومات فاسدة وفاشلة، ولذا فإن تحول مصر من أكبر مستورد للقمح في العالم إلى الاكتفاء الذاتي يكسر هذا السيف، ويرفع سطوة التبعية عن كاهل شعبها.. هي إذن معركة تحرير جديدة للإرادة والقرار، وذلك ما يفجِّر غضب الغرب من جانب، ويحرِّك أحقاد كبار المستوردين الذين امتلأت كروشهم بمليارات السمسرة، وامتلأت كروشهم بمليارات القمح المغشوش الذي ملأ أجساد المصريين بأمراض فتَّاكة، وإن شاء الله تعالى ستتحول هذه المليارات نارًا في كروشهم يوم القيامة.
ولقد تابعنا خلال العقود الماضية ضغوط الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي على مصر؛ حتى لا تفكر في الاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وقد كشف الراحل يوسف إدريس في مقال له ب«الأهرام» في تسعينيات القرن الماضي عن خطاب رسمي من صندوق النقد الدولي للنظام المصري آنذاك؛ يحذر من زراعة مساحات إضافية من القمح وإلا ستتوقف المساعدات، وخضع النظام للتهديد، وتحولت تلك المساحات لزراعة الفراولة والكنتالوب!
إن القمح يعدُّ أمْنًا قوميًا بالنسبة لمصر، والاكتفاء الذاتي منه لا يقل أهمية عن حماية الأرض والحدود من أي عدوان؛ ولذلك فأنا أستغرب لماذا لم تضع الحكومة المصرية، وهي تحقق إنجازها الكبير بالاقتراب من الاكتفاء الذاتي، لماذا لم تضع خطة تأمين مُحْكَمة لمزارع القمح وعمليات توريده وتخزينه بمشاركة الجيش والشرطة واللجان الشعبية؟ فكهنة العصر لن يتوقف مكرهم، ولن تتوقف محاولتهم لتدمير ما يستطيعون من ذلك المحصول، وأسأل الله تعالى أن يحبط مكرهم )وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ(.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.