زيارة فخامة رئيس جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مرسي إلى دولة البرازيل حملت الكثير من الدلالات والنتائج الإيجابية والرسائل الهامة التي ستساهم بلا شك في ازدهار العلاقة بين بلدين يتطلعان إلى مستقبل أفضل ومكان متقدم بين دول العالم المختلفة. حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس محمد مرسي في قصر رئاسة الجمهورية البرازيلية حيث كانت في انتظاره رئيسة البرازيل السيدة "ديلما روسيف"، وأطلقت مدفعية الحرس الجمهوري 21 طلقة في الهواء ابتهاجًا بقدوم الرئيس المصري يعكس أهمية هذا الرئيس المنتخب بإرادة شعبية بعد ثورة عظيمة والسيدة "ديلما روسيف" تفهم هذه الأمور جيدًا فقد كانت سجينة سياسية خلال شبابها وقاومت الدكتاتورية العسكرية حتى وصلت إلى سدة الحكم وهذا ما حدث مع الرئيس محمد مرسي. ويمثل حرص الرئيس البرازيلي السابق "لولا" على لقاء الدكتور محمد مرسي بعدًا آخر للتأكيد على مدى حرص البرازيل على تعزيز مفاهيم الديمقراطية وكامل رضاها عن مسيرة التحول الديمقراطي السلمي في جمهورية مصر العربية. وخلال مأدبة الغذاء التي أقامتها رئيسة البرازيل "ديلما روسيف" على شرف رئيس جمهورية مصر العربية، تم تقديم عصير الفواكه بدلًا من الخمر احترامًا للدين الإسلامي وكذلك لشخصية الدكتور محمد مرسي ويحمل هذا العمل تغيرًا مهمًا في بروتوكولات السياسة الخارجية لجمهورية مصر العربية. خلال كلمتها أكدت رئيسة البرازيل بعض الأمور المهمة التي تفتح آفاق المستقبل وتقوية العلاقات مع جمهورية مصر العربية باعتبارها الدولة الأهم والركيزة التي يجب الاعتماد عليها لتكون بوابة ليس فقط للعالم العربي وإنما لإفريقيا والعالم الإسلامي. بدأت السيدة ديلما كلمتها بتشرفها وفرحتها لاستقبال زعيم مصر الجديدة، وأكدت أن مصر تعيش مرحلة من التغييرات الكبيرة والتي تعكس قوة الحركة الشعبية لبناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وأن الإدارة المصرية الجديدة سوف تكتب صفحة جديدة في تاريخ العلاقة مع دولة البرازيل وتعزز الشراكة بين البلدين الكبيرين، وأنها شعرت بكامل الارتياح لتوقيع أكثر من اتفاقية للتعاون المشترك في المجالات التجارية والصناعية والثقافية، وأن البرازيل بكامل الاستعداد لنقل خبرتها في السياسات الاجتماعية ومشاريع القضاء على الفقر والجوع للجانب المصري، وأشادت ببرامج الحكومة المصرية والتي تتنامى بشكل جيد. ومن خلال الكلمة بدى واضحًا الدعم القوي من حكومة البرازيل للتغيير الذي حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير، وأن الإدارة البرازيلية قد اتخذت خطوات مهمة لتشكيل أجندة جديدة للتعاون مع جمهورية مصر العربية في مجالات الطاقة والعلوم والتكنولوجيا ومنظومة الدفاع والثقافة والتعليم. أكدت رئيسة البرازيل دعمها الكامل لزيارة الدكتور مرسي لمدينة "ساو باولو" قاطرة أمريكا اللاتينية ولقائه برجال الصناعة والتجارة هناك، وهذا يعكس اهتمام دولة البرازيل بهذه الزيارة التاريخية ووجوب استثمارها بشكل كامل في تعزيز جوانب التعاون المختلفة. رحبت رئيسة البرازيل بجهود الرئيس مرسي لتكثيف وتطوير العلاقة مع البلدان النامية وخصوصًا دول الجنوب والسعي لإقامة عالم متعدد الأقطاب تسود فيه مفاهيم العدل والتضامن والعدالة الاجتماعية، وأكدت دور مصر والبرازيل في التأكيد والسعي لإرساء تلك القيم. محور الصراع في الشرق الأوسط نال اهتمامًا خاصًا في كلمة رئيسة البرازيل، وأكد أهمية التغلب على الشلل الذي يسيطر على عملية السلام في الشرق الأوسط، وأهمية دور مصر في تلك العملية وأبدت استعداد البرازيل للوقوف جنبًا إلى جنب مع الإدارة المصرية للتغلب على تلك العقبات. المحور الأخير في كلمة رئيسة البرازيل هو تأكيدها تأثر التراث البرازيلي بموروث الحضارة الإسلامية في الأندلس وما تضمنته تلك الحضارة من مفاهيم التعايش السلمي، وكذلك تأثير الحضارة الإفريقية ذات الأصول الإسلامية في حضارة البرازيل في المجالات الزراعية والصناعية والثقافية كافة والفنون المختلفة. وأنهت رئيسة البرازيل كلمتها بالثناء على المنحدرين من أصول عربية والذين يصل عددهم 12 مليون نسمة، وقالت إنهم اندمجوا في المجتمع البرازيلي وتركوا آثارًا واضحة في مجلات الطب والتجارة والأدب وتطوير الدراسات الأكاديمية والسياسية، وأكدت دور هؤلاء المنحدرين من أصول عربية في إقامة جسر للتعاون المشترك بين البرازيل والبلدان العربية. كلمة رئيسة البرازيل "ديلما روسيف" عكست فهم الإدارة البرازيلية لمرحلة التحول الديمقراطي في مصر واهتمامهم بمتابعة ما يدور على الساحة المصرية، وتقديرهم لدور الدكتور محمد مرسي كأول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية وعقدهم آمالًا كبيرة لإقامة تحالف مع جمهورية مصر العربية يعزز التعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية كافة. كما حمل الخطاب تقديرًا للثقافة الإسلامية ودور المسلمين الأفارقة في نهضة البرازيل، وكذلك دور المهاجرين العرب المسيحيين والمسلمين في دفع اقتصاد دولة البرازيل إلى الأمام وأهمية تواجدهم ودورهم الرئيسي في زيادة أواصر التعاون المشترك بين البرازيل والبلدان العربية المختلفة. كلنّا أمل في استثمار تلك الزيارة التاريخية للدكتور محمد مرسي لدولة البرازيل من أجهزة الدولة المختلفة داخل جمهورية مصر العربية، والعمل على الاستفادة من تجربة البرازيل الرائدة في مجالات الاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية. رئيس مجلس مشايخ البرازيل