شهد المؤتمر الاستثنائي ل"وزراء الإعلام العرب"، جدلا واسعا بين الدول العربية حول مسألتي إنشاء المفوضية العربية للإعلام، وقرار الكونجرس الأمريكي بشأن الأقمار الصناعية التي تتعاقد مع قنوات صنفتها كقنوات تحض على العنف والإرهاب في العالم العربي وهي أربع قنوات (المنار والأقصى والرافدين والزوراء). وعلمت "المصريون"، أنه تم تأجيل الحسم في قضية "إنشاء مفوضية الإعلام العربي" للدورة الاستثنائية التي سيعقدها الوزراء خلال المرحلة القادمة، بعد أن أخفق الوزراء العرب في التوصل لتسوية حول هذا الخلاف، خاصة بعد أن تبنت مصر والسعودية الاتجاه بإنشاء المفوضية، فيما أبدت سوريا وقطر والجزائر ولبنان تحفظات على المفوضية باعتبارها أداة للرقابة على الإعلام في العالم العربي. وامتدت الخلافات إلى قرار الكونجرس الأمريكي بحظر بث بعض الفضائيات بدعوى التحريض على ما يسمى "الإرهاب"، بعد أن رفضت سوريا تعاطي الدول العربية بأي شكل مع القرار، باعتباره يمثل قيدا على حرية الإعلام خصوصا المقاوم، فيما أيدت مصر والسعودية إخضاع الأمر للدراسة. في غضون ذلك، قرر مجلس وزراء الإعلام العرب عقد دورة استثنائية للجنة الدائمة للإعلام بمشاركة خبراء قانونيين وإعلاميين من الدول العربية والمؤسسات والهيئات العربية الممارسة لمهام إعلامية، لمناقشة الملاحظات الواردة من الدول العربية على مشروع قرار إنشاء مفوضية للإعلام العربي، على أن يعرض المشروع على الدورة العادية لمجلس وزراء الإعلام العرب في يونيو القادم، تمهيدا لإقراره في دورة استثنائية لمجلس وزراء الإعلام العرب خلال شهر أكتوبر من عام 2010. من جانبه، أكد عمرو موسى الأمين العام للجامعة، أن الجميع مطالبون بالعمل على وقف بث الكراهية، لافتا إلى أن بعض القنوات الفضائية الأمريكية تبث الكراهية ضد العرب، قائلا: "إن المسألة ليست من طرف واحد وإنما من الطرفين، ونحن جميعا مطالبون بالعمل على وقف على ذلك". وأضاف موسى خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الاتصال المغربي خالد الناصري رئيس مجلس وزراء الإعلام العرب عقب اجتماع المجلس، أنه دار نقاش حول إنشاء مفوضية الإعلام العربي وقرار مجلس النواب الأمريكي والموجه فيه اتهامات إلى بعض عناصر الإعلام العربي بالحض على الإرهاب، مؤكدا أنه تم تكليف بعثة الجامعة في واشنطن لإنهاء هذا الموضوع من خلال الاتصال بالقنوات الفضائية الأمريكية التي تبث الكراهية ضد العرب. وأكد أنه شرح فكرة إنشاء مفوضية للإعلام العربي كفكرة سابقة، وأنها لم تنشأ لتراقب أو لتستخدم مقصا أو عصا وليس هذا من سلطتها بعد أن تبين أن الوثائق السابقة التي كانت محلا لشكوك وثائق استرشادية وليست ملزمة، مشيرا إلى أن هناك التباسا ذهنيا ونفسيا في العالم العربي، وأن هناك شيء من الشك بوجود مؤامرة . وأوضح موسى، أن المفوضية لها مشروع يدخله بعض التعديلات والأفكار، وسوف تحال إلى مجموعة من الخبراء لإبداء تعديلات الدول العربية عليها لصياغة مشروع جديد معدل يطرح على مجلس وزراء الإعلام العرب في يونيو لإقراره. ونبه في رده حول إمكانية تصدى المفوضية المقترحة للتراشق الإعلامي العربي – العربي، على ضرورة تفرغ الدول العربية لما هو موجه إليها، سواء بالنسبة لصراع الحضارات أو المشاكل القائمة أمامها، أو في قضايا التخلف العام. وفي تعقيب موسى على أسئلة الصحفيين حول القضية الفلسطينية، قال: "مهما عملنا فإننا مقصرون في حق القضية الفلسطينية وأول من قصر هم المتسببين في النزاع الفلسطيني"، مضيفا أن الجامعة مطالبة بإعطاء دعم أكبر للقضية الفلسطينية. ورفض اتهام الجامعة بأنها تصدر أقوالا لا أفعالا تجاه القضية قائلا: "لا أقبل القول بأن الجامعة تعطى أقوالا وليست أفعالا لأن الجامعة العربية أعطت الكثير.. فهناك أموال كثيرة دفعت لإعادة البناء في الأراضي الفلسطينية والكشوف موجودة .. أما من ينتقد الجامعة لكونها تصدر بيانات وقرارات فهذا هو عملنا .. فنحن لسنا رئاسة أركان حرب كما أنها ليست مصرفا ، نحن ننسق مع الدول العربية التي تقدم مبادرات وأموال من خلال الجامعة العربية، رغم ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من تدمير للبنية التحتية التي تقوم الدول العربية بدفع أموال لإعادتها من جديد". من جانبه ، قال وزير الاتصال المغربي خالد الناصري رئيس مجلس وزراء الإعلام العرب: "إن عمرو موسي كان قد بادر منذ عدة سنوات بطرح هذا الموضوع وتعاملت معه الدورة السابقة لمجلس وزراء الإعلام العرب بإيجابية، حيث أن موضوع المفوضية لا يمكن التعامل معه على أنه موضوع خاص بجامعة الدول العربية، بل هو موضوع ملك للسادة وزراء الإعلام العرب. وحول القرار الأمريكي، اعتبر الناصري أنه تدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن القرار الأمريكي لم يصدر حتى الآن وسوف يمر على جهات أمريكية عديدة قبل الموافقة عليه، قائلا: "نحن نتحرك ولسنا مكتوفي الأيدي وبعثة الجامعة العربية في واشنطن تتحرك وكذلك وزراء الخارجية العرب"، موضحا أن هذا الموضوع ليس هو الموضوع الخلافي الأول بين العرب والولايات المتحدةالأمريكية. وفي تعقيبه على مدى قدرة مجلس السفراء العرب في أمريكا لحل هذه المشكلة نيابة عن وزراء الخارجية، قال خالد الناصري إن السياسة الدولية هي حراك وأخذ ورد وموازين قوى وتحرك بمستويات متعددة، لافتا إلى أنهم يستخدمون كل الأوراق المتاحة أمامهم، خاصة وأن مجلس السفراء العرب قد تحرك بالفعل في هذا الموضوع ووزراء الخارجية أيضا لهم دور فيه.