حركة "شباب 6 ابريل"، نظمت استفتاء عبر موقعها الإلكتروني وصفحتها على "فيس بوك"، شارك فيه كما تقول الحركة نحو 18 ألف شخص، خلص في نتائجه النهائية إلى أن أهم حدث سياسي لعام 2009، كان إعلان محمد البرادعي ترشحه "المشروط" على منصب الرئاسة. قالت الحركة أيضا أن الاستفتاء اختار أستاذ العلوم السياسية د. حسن نافعة كأفضل شخصية لعام 2009، في حين نال د. عبد الحليم قنديل أسوأ شخصية في العام نفسه! والحال أن الاستفتاء ثري بالدلالات والمعاني، على رأسها "زيف" ما يسمى ب"الحراك السياسي" الذي بدأ منذ عام 2004 إذ ظلت الحياة السياسية المصرية، وإلى اليوم تفتقر إلى ابداع سياسي حقيقي، وربما كان آخر ابداعاتها هي حركة "كفاية" قبل أن يأفل نجمها بالتدرج وتحل محلها حركة " شباب 6 ابريل" ثم توالد العشرات من الحركات المشابهة التي تحاكي الحركة الأم "كفاية" بدون أية اضافات حقيقية تتحول من مجرد حركات احتجاجية إلى أدوات ضغط لها هيبتها لدى صانع القرار الرسمي. الدلالة الأهم في الاستفتاء، والتي تعزز الرأي ب"زيف" هذا الحراك، هو ان الأخير بعد ست سنوات من عمره، لم يفرز قيادة شعبية واحدة يمكن أن يلتف حولها قطاع من الرأي العام لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، إذ بدت النخبة تبحث عن "رئيس مفترض" بين شخصيات من خارج كل الأطر التي نشطت في السنوات الست الأخيرة، وجميعها تحظى ب"شرعية" دولية "وليست "محلية" سقطت بعضها في الطريق ولم يتبق إلا "البرادعي"!. وعندما يظهر استفتاء "شباب 6 ابريل" أن ترشح الأخير المشروط هو أهم حدث سياسي لعام 2009، فإن ذلك يعتبر أكبر إدانة للمعارضة وللمستقلين وللنخب الأخرى التي آوت إلى الظل اختياريا، ونقضا لمقولة "مصر ولادة" إذ تمخض "الحراك" فولد مرشحا "مستوردا" من الخارج! الاستفتاء كشف أيضا عمق الانقسام والقطيعة بين الحركات الاحتجاجية وغياب التواصل فيما بينها، إذ لا يمكن أن يكون الشق الخاص بأفضل شخصية وكما أوردته شباب 6 ابريل، إلا تعبيرا عن القطيعة وتنامي نزعة الاقصاء والتهمش للحركات الاحتجاجية المنافسة ومساندة كل حركة للرموز والشخصيات التي كانت من صنعها، إذ لا يمكن النظر لاختيار نافعة كأفضل شخصية لعام 2009 وادراج قنديل في قائمة الشخصيات الأسوأ للعام ذانه، إلا في سياق نزعة الاستئصال المطمورة لدى النشطاء المصريين، مهما اتشحوا بوشاح ليبرالي يغالي في خطابه التنويري والتعددي.. إذ يظل حسن نافعة هو ابن الحركات التي جاءت على حساب تفكيك "كفاية" وعلى رأسها شباب السادس من ابريل، فيما يظل قنديل هو ابن حركة كفاية ونجمها الذي لا يكل نشاطا وحركة وحيوية، فيما تبقى "كفاية" هي "النموذج" الذي يحاكيه كل ما جاء بعدها من حركات، ما جعلها تمثل عبئا نفسيا على قادة الحركات الجدد، خاصة بعد أن كشفت التطورات الأخير بأنهم يفتقرون إلى القدرة على الابداع والابتكار. [email protected]