طرحت على الساحة في مصر والعالم عدد من القضايا الخاصة بالقضية الفلسطينية وعلاقتها بمصر وتطورات الوضع هناك، وازدادت الحاجة لمعرفة عدد من الأجوبة على الاستفسارات الملحة حول الشأن الفلسطيني. لذا التقت "المصريون" بالشيخ عبد الكريم أبو عمر - القائد السلفي في غزة -، والمهندس محمد أبو اليزيد -عضو الهيئة العليا وأحد المؤسسين لحزب النور الفلسطيني الذراع السياسية للدعوة السلفية في فلسطين-، واللذان أكدا في حوارهما مع "المصريون" على أهمية فهم طبيعة العلاقة بين مصر وفلسطين وضرورة تدارك أي أزمات طارئة بين البلدين، وإلى نص الحوار.. بداية نريد أن نعرف ما هو وضع الدعوة السلفية في فلسطينوغزة خصوصًا؟ لدينا في غزة عدد من المؤسسات والجمعيات السلفية مثل جمعية دار الكتاب والسنة، وجمعية ابن باز التي كانت تعد القسم العسكري للدعوة السلفية في فلسطين. وفكرنا يمثل الإسلام الوسطي ونحارب الفكر التكفيري ولا نقر به، حتى أن بعض جماعات السلفية الجهادية بدأت تقتنع بأنه لابد من ممارسة العمل السياسي. ولذلك نحن كسلفيين في فلسطين قررنا خوض العمل السياسي وبدأنا العمل في إنشاء حزب النور الفلسطيني هل من الممكن أن تحدثوننا عن تجربة حزب النور الفلسطيني ؟ جاء التفكير في ضرورة تسييس حزب النور - الذراع السياسي للدعوة السلفية في فلسطين- حرصًا منا أن يكون هناك أطراف فاعلة أخرى في الشأن الفلسطيني، خصوصًا من السلفيين الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من الفلسطينيين وقد بدأنا التشاور مع مشايخ الدعوة السلفية في فلسطينوغزة واستقرينا على ضرورة إنشاء الحزب، وتقدمنا بأوراقه إلى حكومة حماس، وواجهتنا عدد من المتاعب والمصاعب ولكن أخيرًا تم الموافقة على إنشاء الحزب، وسيتم الإعلان عن تدشينه رسميًا قريبًا وسنخوض الانتخابات التشريعية المقبلة. ونكون الآن أفرعًا للحزب في الضفة الغربية وفي الشتات ليشمل الحزب جميع طوائف فلسطين. ما هي طبيعة علاقتكم مع مصر؟ علاقة الفلسطينيين بمصر بشكل عام جيدة للغاية بحكم التاريخ الجغرافيا والعلاقات الإنسانية، ونحن نحاول بعد الثورة أن نعود إلى ما كانت عليه العلاقات الشعبية والسياسية بين مصر وفلسطين، والتي أفسدها نظام مبارك من ناحيته لسنوات عديدة. بما أنكم تتبعون المنهج السلفي، ما هي طبيعة علاقتكم مع الأحزاب الإسلامية المصرية؟ علاقتنا طيبة بعدد من الأحزاب الإسلامية، ليس في مصر فقط وإنما في عدد من الدول العربية لكن في مصر لنا وضع خاص معهم فنحن نحاول فتح قنوات اتصال عديدة مع الشعب المصري والحكومة المصرية ومع الحركات والأحزاب الإسلامية على وجه الخصوص، حيث إنها توافقنا في الفكر والمنهج، وقابلنا وفودًا مع عدد من الأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها أحزاب النور، والوطن، والشيخ حازم أبو إسماعيل، وغيرهم. ما الحل لمشكلة الأنفاق من وجهة نظركم؟ الأنفاق طريق بديل لكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، وتعد المتنفس الوحيد لنا لعبور البضائع والاحتياجات الأساسية لنا، فإذا فتحت المعابر بشكل دائم لنقل الأفراد والبضائع فلن تكون لنا حاجة للأنفاق. كما أن هناك بعض المعوقات والمشاكل على الأنفاق خصوصًا لدخول وخروج الشباب ونقل البضائع، والأنفاق ليست بين سيناءوغزة فقط، وإنما لدينا شبكة أنفاق كبيرة داخل غزة منها القتالية لنقل الأسلحة والتدريبات، ومنها المدنية لنقل البضائع. ما رأيكم في جهود إنجاز المصالحة الفلسطينية حتى الآن؟ المصالحة الفلسطينية على رأس أولويات احتياجات الشعب الفلسطيني، ويجب أن تنجز في أقرب وقت، وبهذه المناسبة أقدر دور الرئاسة والحكومة المصري في دفع مبادرات المصالحة الفلسطينية للأمام. ونحن كدعوة سلفية وحزب النور الفلسطيني لدينا مبادرة مهمة لإنجاز المصلحة وسنعرضها قريبًا على الأطراف الفلسطينية وعلى الرئاسة في مصر باعتبارها راعية للمصالحة. ما هي بنود هذه المبادرة التي تقدمتم بها للمصالحة الفلسطينية؟ نقترح أن يتم طرح بنود المصالحة لاستفتاء على الشعب وهو الذي يقرر، وبعد استفتاء الشعب من يرفض من الجانبين الانصياع يجب أن يجبر على ذلك، ومن الممكن أن يضغط الرئيس مرسي والحكومة المصرية على حماس لإنجاز المصالحة الفلسطينية، نحن كسلفيين رمانة الميزان بين فتح وحماس، وهم محبوبون جدًا عند القادة هناك ومن الممكن أن نتدخل بشدة لإنجاز المصالحة. ما هي خططكم لدعم الحزب؟ نحن نعتمد حتى الآن بشكل كبير على الدعم الذاتي للحزب، ولكن نحاول أن نحصل على بعض المساعدات من بعض الدول العربية، ولكن لن نقبل بأي مساعدات مشروطة من أي طرف من الأطراف، ولن نقبل بما يضر قضيتنا الأم القضية الفلسطينية كيف تنظرون إلى الوضع في سيناء؟ أمن سيناء من أمن فلسطين ولن نقبل بأن يتعرض أمن سيناء للخطر، وكل ما يقال عن محاولات لتوطين الفلسطينيين في سيناء مجرد إشاعات وافتراءات. كما أننا لا نستخدم الأنفاق لإلحاق أي ضرر بسيناء أو إدخال مخدرات أو أسلحة وإنما نستخدمها فقط لإدخال البضائع لفلسطين. وكيف تصل الأسلحة إلى المجاهدين في غزة؟ هناك عدة طرق منها التصنيع المحلي لبعض الأسلحة البسيطة، وهناك تهريب لبعض الأسلحة عن طريق بعض الدول مثل إيران والسودان وليبيا ثم تدخل غزة عن طريق الأنفاق أو عن طريق البحر، ومنها من يتم تطويره وتجميعه داخل الأراضي الفلسطينية. ماذا تعرفون عن مجلس شورى المجاهدين؟ مجلس شورى المجاهدين هو إحدى الجماعات التي تجاهد في غزة ضد الكيان الصهيوني، وهو مكون من عدد من المجاهدين الإسلاميين، ولا علاقة له بمجلس شورى المجاهدين في سيناء إلا التشابه في الاسم فقط، ومن الممكن أن يكون أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم تيمنًا بمجلس شورى المجاهدين في فلسطين. كيف تلقيتم نبأ استشهاد الجنود المصريين في سيناء رمضان الماضي؟ تأثرنا جدًا بها، فالجيش المصري يمثل بالنسبة لنا قيمة كبيرة، حين قتلوا جنود القوات المسلحة في سيناء على الحدود بكى عليهم كل الفلسطينيين. وأعتقد من تحليل للموقف أن من قتلوا الجنود المصريين هم قوات خاصة إسرائيلية، فمن السهل أن يدخلوا إلى مصر وينفذوا عمليات لهم خصوصًا في ظل تردي الوضع الأمني في سيناء. وبعد أن نفذوا عمليتهم اختطفوا فلسطينيين وألقوا بهم في المدرعة المسروقة ثم أحرقوها، كما أن هناك بعض الحركات الجهادية في سيناء مخترقة من الموساد الإسرائيلي والسي أي إيه "المخابرات الأمريكية" لاستخدامهم في مثل تلك الأحداث وإلصاقها بالإسلاميين. ما هو برنامجكم الانتخابي السياسي؟ برنامجنا السياسي يتمثل في عدة نقاط: التأكيد على حق العودة واللاجئين القدس الموحدة عاصمة لنا نقبل بحدود 67 كحل مؤقت من منطلق فقه الواقع، ولكن نتطلع إلى إقامة دولة 48 لسنا ضد المفاوضات مع الكيان الصهيوني سواء مباشرة أو غير مباشرة، ولكن بدون التنازل عن الثوابت والحقوق ولن نعترف بالعدو ولا بأحقيته للأرض إعادة إعمار غزة تحقيق علاقات قوية لفلسطين مع الشعوب العربية والإسلامية والعالمية كيف ترون دور دول الخليج في القضية الفلسطينية؟ دول الخليج العربي كانت لها مواقف شجاعة تجاه القضية الفلسطينية وفي دعم الشعب الفلسطيني في محنته أمام العدوان الصهيوني، وليس الخليج فحسب، العالم العربي والإسلامي أجمع الكل ينادي بحقوق الشعب الفلسطيني، ويدعم هذه الحقوق. وهناك الكثير من الوفود الرفيعة المستوى والشعبية زارت قطاع غزة والأراضي الفلسطينية – وأيضًا من جميع الدول - جاءت لتساند شعبنا أمام آلة الحرب الصهيونية. ونحن حزب النور نثمن هذه الزيارات والموافق الإيجابية الشجاعة لكننا ندعوهم إلى تقديم المزيد والمزيد من المساندة والدعم لشعبنا وليس الدعم المادي فحسب وإنما السياسي والمعنوي وبكافة أشكاله من أجل إنهاء معاناة شعبنا الفلسطيني. وخصوصًا الأسرى الذين يعانون الويلات والآلام في سجون الظلم والانتقام التي يمارسها الاحتلال. نسأل الله تعالى أن يفرج كربهم وأن يفك أسرهم وأن يردهم إلى أهليهم سالمين غانمين. ما رأيكم للدور الإيراني في المنطقة؟ في بداية الأمر نحن أهل السنة والجماعة السلفيين لا نعادي أحدًا لا من الشعوب ولا المجتمعات وكذلك الطوائف والمذاهب الآخرى، بل رسالتنا مع الجميع يحكمها السلام والمعاملة الحسنة والحوار بالتي هي أحسن. إيران دولة شيعية لا يجمعنا بهم لا منهج ولا سياسة ولا مصالح مشتركة. أي نعم إيران لها تواجدها ونفوذها المصطنع في المنطقة لكن هذا لا يعني أبدًا وجود علاقات بأي نوع معها، وذلك لأن شعوب الوطن العربي لا تحبذ ولا تشجع على إقامة علاقات مع إيران ليس لكونهم شيعة فحسب وإنما للطريقة التي يستخدمونها في الحكم والسلطة في إيران، والتي دائمًا على حساب الضحية وهم أهل السنة في الأحواز وغيرها، فالحكومة المركزية في إيران تمارس الظلم والاستبداد والقهر والقتل والاضطهاد بما لا يخطر على قلب بشر في حق أهل السنة في تلك البلاد. ومؤخرًا موقف إيران من المجازر والجرائم التي يرتكبها جيش المجرم بشار الأسد في حق الشعب السوري البطل. وكذلك مساندتهم الولاياتالمتحدة والدول الغربية في حربها على أفغانستان والعراق وكذلك تدخلها السافر في دول الخليج واحتلالها الجزر الإماراتية العربية الثلاث. فإيران نذير شر، والعالم كله يعلم أن مصدر القوة لهذا العالم تكمن في السيطرة على الوطن العربي، وهناك أربع جهات تحاول بث أذرعها في للعب في المنطقة، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، والاحتلال الصهيوني، وأوروبا، وإيران الشيعية. وهذا الذي يجمع بين سياسة إيران وسياسة الدول الغربية (صراع النفوذ)، فلا يوجد بينهم صراع عقيدة أو منهج، إنما النفوذ والهيمنة والتحكم في الشعوب. ولذلك فإننا نعتبر الخطر الذي يحدق بالعالم العربي من جهة إيران أكبر بكثير من خطر الولاياتالمتحدة والاحتلال الصهيوني، فإيران هي سليلة الدولة الصفوية التي قامت على دمار الناس وأشلائهم ولابد لكل ظالم من هاوية. كيف تقيمون وضع حماس في غزة وبماذا تطالبونهم؟ حماس الحركة هم إخواننا على كل حال وفي كل حال وهم شركاء الوطن والدين والسلاح، نحترمهم ونضع أيدينا في أيديهم، ونتعاون على البر والتقوى، وننصح لهم ولا نجد حرجًا بالتعاون معهم. أما حماس الحكومة فنحن نخطئهم في الطريقة التي يديرون بها البلاد (فما هكذا تورد الإبل) نعم حماس أخطأت ومازالت على خطأ في إدارتها لقطاع غزة. فحماس انفردت بنفسها في الحكم والسلطة وكأنها وحدها على الساحة، وذلك بعدما سيطرت على القطاع في مواجهات 2006 و 2007. كان عليها بعدما دانت لها البلاد والعباد في قطاع غزة أن تؤسس لحكومة وطنية تشاركية من الكفاءات والأحزاب الأخرى حتى يستطيع التعامل مع الكل من أهل القطاع. ثم إن لها أخطاءً أخرى في التعامل مع الجماعة السلفية في القطاع من خلال سياسة التهميش وتفويت الفرصة على السلفيين والسيطرة على المساجد ومنع الخطباء من الصعود على المنبر وتقوم بملاحقة السلفيين المجاهدين وسجنهم ومراقبتهم في بيوتهم وأماكن سكنهم. ما رؤيتكم للانتخابات البرلمانية الفلسطينية؟ لن تكون هناك انتخابات برلمانية في غزة إلا بعد أن تكون هناك انتخابات برلمانية في مصر، حتى تتفرغ مصر للوضع في غزة والضغط على الطرفين لإنجاز المصالحة ثم عمل الانتخابات. ومن ناحيتنا سنقوم بعمل بعض التحالفات مع المستقلين وربما بعض الأطراف الأخرى لنحدث توازنًا في البرلمان والحكومة الفلسطينية المقبلة.