أشكروه فهو من منحنا الحرية والديمقراطية هبة ومنة منه، قدسوه فهو من أجرى الانتخابات في موعدها رغم أنه كان يستطيع تأجيلها، أجِلّوه فقد سمح لمن فاز بالانتخابات بتشكيل الحكومة، اصنعوا له تمثالا فهو حامي الوطن والحريص على مصلحته، رمِّزوه فبرنامجه هو الوحيد الذي يصلح لشعبنا وما دونه هباء، قدِّروه فهو الزاهد في الحكم والكرسي والصلاحيات، ألا تذكروا أنه استقال من رئاسة الوزراء بعد أن منعه عرفات من ممارسة صلاحياته، احترموه فهو أبو القانون والدستور، إنه عبّاس رئيس السلطة والزعيم الواحد الأوحد حامي الفساد والإفساد ورموزه، إنه عبّاس الذي أصدر قرار بدء الحرب الأهلية اليوم دفاعاً عن الفساد وحفاظاً على مصالح المفسدين. لم يحرك عبّاس ساكناً وأبناء شعبنا يسقطون ليل نهار على أيدي المجرمين من أجهزة الوقائي وفرقة الموت، لم يتأثر لنزيف دماء ضحايا الفلتان، ولا لأنّات الجرحى، لم ير ولم يسمع ولم يعرف، أو ربما الأمر لا يعنيه، فالشعب الفلسطيني آخر همه، ولديه أولويات أهمها التنديد بالعمليات حتى ولو من جنوب أفريقيا، ومنها مد يده في ذكرى النكبة لحكومة قامت قبل يوم من كلمته وعرضه بقتل واغتيال سبعة من أبناء الشعب الفلسطيني لم يذكرهم عبّاس بكلمة واحدة، وعلى رأسها انهاء قضية 6 مليون لاجيء يتآمر عليهم وعلى حقهم في العودة. لكن الهمام عبّاس احتد وانتفض وأصدر أوامره أخيراً، ليس لمواجهة الاجتياحات، ولا للدفاع عن الشعب الفلسطيني، ولا لوقف الفلتان والفوضى التي تثيرها أجهزة جل عناصرها من التنظيم الذي يرأسه، لكنها أوامر لمواجهة وزير داخليته الذي اتخذ قراراً واضحاً لمواجهة الفساد والفوضى، وهو ما يمس بعباس وزمرته بشكل مباشر، فهكذا قرار سيعني محاسبة رؤوس الفتنة أذرعة عبّاس من أمثال دحلان وعصابته، وهذه القوة ربما نجحت فيما فشل فيه وزراء قبله، لذلك وجب التصدي لها ولو بإراقة الدماء حفاظاً على هيبة الفساد ورموزه. عبّاس أبو الديمقراطية كما أرادوا لنا أن نصدق زوراً، يريد أن يجمع كل شيء في يده محولاً فلسطين إلى نزوة شخصية فاشلة يسميها برنامجه الانتخابي الذي فشل وسقط وبالثلث، وفي سبيل ذلك لا يتوانى عن الوقوف بوجه ما يفترض أنها حكومته، فيعتبرها مذنبة حتى تثبت براءتها وهي سابقة لا تصدر عن عاقل، ويعتبرها وأمام الصحافة العالمية في السويد مسؤولة عن الحصار الجائر مانحاً صك البراءة للإحتلال، ويحمّلها عبر جيش الناطقين الجدد باسمه وباسم تنظيمه مسؤولية الفلتان والفوضى وهو ما أكده الطيب عبد الرحيم اليوم وماهر مقداد في تصريحات تقطر حقداً. ترى ما الذي استفز عبّاس بهذا الشكل، ولماذا هذا السيل من التصريحات والبيانات والاحتجاجات، وما هو خطر قرار الوزير والذي يتحمل مسؤوليته كاملة، لا أجد سوى اجابة واحدة: الخوف من كشف المستور من جرائم "المناضلين" و"القيادات"، والخوف من فتح ملفات تطال رؤوس الفساد والفتنة، وتحقيق نجاحات تكشف زيف ادعاءات الحماية والأمن التي تغنى بها عباس وزمرته، ويكشف فشل من أصدروا البيان تلو البيان ضد الآخرين عبر واجهتهم أبو خوصة الذي انقلب اليوم على وزارته السابقة لتصبح بعد شهرين من قلعه منها وزارة فاشلة يقودها فاشلون، ترى ماذا حقق عبّاس ووزاراته السابقة لفرض سيادة القانون وفرض الأمن؟ سنوات مرت أبناء شعبنا يسقطون يومياً شهداء وجرحى على إيدي قوات الإحتلال أو أذنابهم من المجرمين، سنوات من العربدة والبلطجة والزعرنة، سنوات من الإعتداء على المؤسسات الفلسطينية، سنوات من انعدام الأمن والأمان، عشرات الآلاف من العناصر الأمنية ازدادت عشرات أخرى من الالاف خلال الأشهر البسيطة الماضية، سنوات وسنوات وآلاف مؤلفة من العناصر الأمنية لم تكن كافية ليتحرك عبّاس، لكن بمجرد أن يُتخذ قرار لمواجهة كل هذه المآسي، تتحرك نخوة عبّاس لمواجهة من يريد مواجهة الفساد. بتدرج بطيء، لكنه مستمر ومتواصل تتحول الأمور في فلسطين إلى نظام القائد الأعلى أيSupreme Leader، فالرواتب لن تمر إلا عبر عبّاس، والمعابر والإعلام والأمن والمحاكم وكل شيء في يد عبّاس، ومرجعية الجميع كما يريدها هي أيضاً في يده بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الفاقدة للنصاب والشرعية، وكل الوزارات في يده ولا يجوز نقل أو ترقية موظف دون موافقته، وهكذا نبقى جميعاً رهائن عبّاس ونزوات عبّاس وقرارات عبّاس، فإن مات أورحل نموت معه ونرحل!! أخيراً أقول أين أنت يا عبّاس من الحصار والإغتيال والإجتياح والإعتقال والفوضى، وما دمت قادراً على تحريك الأجهزة الأمنية بقرار كما فعلت الليلة، فلماذا تقاعست عن اتخاذ هذا القرار سابقاً، وأقول أنه لو كان من فائدة واحدة لقرار سعيد صيام اليوم فكفاه أنه فضح وكشف وعرى هذه الزمرة، التي فقدت كل صفات الحياء والخجل، ولا يحضرني إلا قصيدة الشاعر الكبير أحمد مطر والمعنونة "حكاية عبّاس": عباس وراء المتراس، يقظ منتبه حساس، منذ سنين الفتح يلمع سيفه ، ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه، بلع السارق ضفة، قلب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس، بقيت ضفة لملم عباس ذخيرته والمتراس، ومضى يصقل سيفه ، عبر اللص إليه، وحل ببيته، أصبح ضيفه قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه ؛ صرخت زوجة عباس: ضيفك راودني، عباس ، قم أنقذني ياعباس، أبناؤك قتلى، عباس، عباس اليقظ الحساس منتبه لم يسمع شيئا ، زوجته تغتاب الناس صرخت زوجته : "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا، قلب عباس القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداس ، أرسل برقية تهديد، فلمن تصقل سيفك ياعباس؟ وقت الشدة إذا، اصقل سيفك ياعباس ولا نامت أعين الجبناء [email protected]