إنتقد المحلل الأمريكي، كون هالينان، صندوق النقد الدولي متهماً المنظمة الدولية بأنها تتآمر مع الولاياتالمتحدة لوضع مصر على طريق الإنقلاب العسكري. وقال هالينان، المحلل بمعهد "فورين بوليسي إن فوكس" الأمريكي للأبحاث، أنه عندما يلمح زعيم سياسي بارز بالمعارضة بأن الإنقلاب العسكري قد يكون أفضل من الفوضى الحالية، وعندما تقترح مؤسسة مالية كبرى برنامجاً إقتصادية من المؤكد أنه سيسبب إنفجار إجتماعي، فإن هذا يعني أن هناك ثمة شئ يتم التخطيط له، وهو ما يدعو للتساؤل: هل يتم إعداد مصر لإنقلاب عسكري؟ ونقل هالينان في تقريره عن طارق رضوان، الباحث بالمجلس الأطلسي في واشنطن، قوله أن تدابير التقشف في ظل حالة عدم الإستقرار السياسي التي تعيشها مصر غير مجدية بالمرة، مشيراً إلى أن الرئيس مرسي يواجه بالفعل عصيان مدني في الشوارع، وإحتجاجات بشكل إسبوعي إن لم يكن يومي، وإشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأنه "لا يريد أن يزيد الطين بلة". ويرى هالينان أن الأمر المثير للحيرة في مطالب صندوق النقد الدولي هو أنها تتعارض بشدة مع دراسة أجراها كبير الإقتصاديين بالمنظمة، أوليفر بلانشارد، مؤخراً والتي خلصت إلى أن خفض الإنفاق وزيادة الضرائب لا تؤدي إلا لتفاقم حالة الركود، وأن الإنفاق التحفيزي أكثر فعالية في إنعاش الإقتصاد. وأضاف قائلاً أنه لا يخفى على أحد ان الولاياتالمتحدة ليست متحمسه لحكم الرئيس مرسي، مشيراً إلى وزير الخارجية الأمريكي، جون كوري، تعهد في زيارته الأخيرة للقاهرة بتقديم المساعدات لمصر فقط في حالة إتخاذها تدابير التقشف المؤلمة. ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة هي أكثر الدول نفوذاً في صندوق النقد الدولي، وأن نفوذها يفوق نفوذ اليابان والألمانيا وفرنسا مجتمعين، وأن إتفاق مطالب صندوق النقد الدولي مع مطالب وزير الخارجية الأمريكي ليس من قبيل الصدفة. وأشار إلى أن القاهرة قامت بتأخير طلب القرض من صندوق النقد الدولي مراراً خوفاً من رد الفعل الذي قد يحدثه تنفيذ شروط القرض وخاصة فيما يتعلق بخفض الدعم على الوقود. واعتبر أن مخاوف إدراة الرئيس مرسي في محلها، فمصر بلد يصعب حكمها بدون رضا أهلها إلا إذا قام الحكام بإستدعاء الجيش القوي. فسكان مصر الذين يتجاوز عددهم 83 مليون نسمة يتمركزون في الدلتا والشريط الضيق المطل على نهر النيل، وعدة مدن في منطقة القناة، وهذا التركيز يجعل أحجام المظاهرات هائلة، كتلك الأعداد التي شهدتها المظاهرات التي أطاحت بحكم الرئيس مبارك في عام 2011، مشيراً إلى أن حكومة مرسي إكتشفت ذلك مؤخراً في أعقاب الحكم بالإعدام على عدد من أبناء مدينة بورسعيد، والذي أعدى لإنفجار الأوضاع في المدينة، مما دفع الرئيس مرسي للإستعانة بالجيش لإستعادة الأمن والنظام. وأشار المحلل الأمريكي إلى تصريحات عدد من قادة المعارضة من بينها تصريحات عصام الإسلامبولي، القيادي بحزب الكرامة والتيار الشعبي، لصحيفة "الأهرام ويكلي" التي قال فيها أن مصر لا تواجه فقط عملية سياسية معقدة ولكنها تواجه أيضاً تحديات إقتصادية مزعجة، بالإضافة إلى الخطورة في أن يقوم المواطنين بحمل اسلاح ضد بعضهم البعض، مشيراً إلى أن الأمور قد تصل إلى مرحلة يصبح تدخل الجيش فيها "أمراً حتمياً". كما أشار إلى تصريحات محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، لبوابة الأهرام، والتي قال فيها أنه على الرغم من أنه لا يأمل في أن يستولى الجيش على السلطة، ولكنه يرى أنه "من الأفضل أن يحكمنا الجيش على أن تحكمنا المليشيات الإسلامية". واعتبر هالينان أن الشائعات التي إنتشرت مؤخراً عن كون جماعة الإخوان المسلمين تمتلك نحو 5 آلاف عنصراً مسلحاً، تحمل قدر كبير من المبالغة، كما أن الحديث عن استعداد حماس للدفع بمقاتليها منم غزة للدفاع عن الإخوان المسلمين في مصر لا يبدو واقعياً نظراً للفتور التي تشهده العلاقات بين حماس وحكومة الرئيس مرسي في الآونة الأخيرة. بالإضافة إلى تحذيرات وزير الدفاع، الفريق عبد الفتاح السيسي، من محاولات "أخونة" الجيش، وتلميحاته بأن الإضطرابات التي تشهدها البلاد قد تؤدي إلى إنهيار الدولة. وشدد هالينان على أن مثل هذه التصريحات عندما تصدر عن مؤسسة مثل القوات المسلحة المصرية فإنها تدعو لليقظة والإنتباه، خاصة بالنظر لتدخلات الجيش في عدة مناسبات في مصر من بينها الإنقلاب العسكري عام 1952 الذي وضع الرئيس جمال عبد الناصر على سدة الحكم، وإدراك أن مبارك إستمر في الحكم بإحكام قبضته على الجيش، وأنه عندما تراجع الجيش في 2011 سقط حكمه. وتابع مشيراً إلى أن السياسات الخارجية التي تبنتها مصر في الآونة الأخيرة لا تتماشي مع مصالح الولاياتالمتحدة وخاصة إعادة العلاقات مع إيران، وإنتقاد الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والجولان، وأن الولاياتالمتحدة طالما كانت أكثر إرتياحاً تجاه الديكتاتوريات في الشرق الأوسط على الحكومات الديموقراطية الإسلامية. ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة تتمتع بقدر من النفوذ مع الجيش المصري من خلال المساعدات العسكرية البالغ قيمتها 1,3 مليار دولار والتي تقدمها له سنوياً. واختتم المحلل الأمريكي تقريره بعدد من التساؤلات: هل تصريحات المعارضة حول إحتمال حدوث إنقلاب عسكري هي مجرد مناورة سياسية تهدف لإرغام حكومة مرسي على أن تكون أكثر شمولية، أم أنها تمهد الطريق لإنقلاب عسكري؟ لماذا يتجاهل صندوق النقد الدولي نتائج دراسته فيما يتعلق بمعايير التقشف والدفع ببرنامج من شأنه فقط أن يشعل مقاومة ضخمة؟ ولماذا تدعمه الولاياتالمتحدة؟ وانتهى قائلاً أن مصر تتطلع إلى صيف سيشهد إرتفاع في الأسعار، ومعدلات البطالة، وإنقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، وتزايد الإضطرابات الإقتصادية، مشيراً إلى أنه إذا كانت البلاد رقعة من الشطرنج، فإنه سيبدو أن العديد من القطع تصطف للهجوم على الملك.