أقرت اللجنة المشتركة من لجنتي الصحة والشئون الدستورية بمجلس الشعب أمس برئاسة الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس، مشروع نقل وزراعة الأعضاء البشرية، وقررت إحالته إلى مجلس الشورى لإبداء الرأي بشأنه، وسط مخاوف قوية من استغلال القانون الذي يبيح نقل الأعضاء من ميت لآخر حي في المتاجرة بالأعضاء الآدمية، حيث يمنح القانون للجنة الثلاثية التي يتم تشكيلها داخل المستشفيات المسموح لها بإجراء عمليات نقل الأعضاء، صلاحية إعطاء الترخيص بالتبرع. فقد وافقت اللجنة على تكليف لجنة طبية ثلاثية في كل منشأة مرخص لها بنقل الأعضاء البشرية من الأشخاص الموتى إلى الأحياء تضطلع بمهمة إثبات الموت ثبوتا يقينا تستحيل بعده عودته إلى الحياة، على أن يكون ذلك بإجماع الأصوات، حيث ستلتزم اللجنة بإجراء الاختبارات الإكلينيكية والتأكيدية اللازمة للتحقق من ثبوت الموت. وطلب الدكتور سرور إضافة عقوبة القتل العمد لمن يقوم بنقل عضو من ميت إلى آخر حي قبل التثبت من الموت، وأوضح في أعقاب انتهاء اللجنة من الموافقة على مشروع القانون، أن مجلس الشعب سوف ينتظر رأي مجلس الشورى في المشروع رغم أنه ليس مكملا للدستور، وذلك لأن الرئيس مبارك أحاله إليه نظرا لحساسيته وأهميته، وأن المجلس أمامه شهر واحد ليقر مشروع القانون. وشهدت المناقشات جدلا شديدا بين النواب بسبب تخوفهم من ارتكاب جريمة قتل لمرضى جذع المخ للاستيلاء على أعضائهم الصالحة للزراعة للأحياء مثل القلب والكبد والرئتين، حيث اقترح بعض الأعضاء أن تتألف اللجنة من خمسة أطباء متخصصين بدلا من ثلاثة، على أن يكون بينهم طبيب شرعي. واعترض بعض النواب على ترك مهمة تحديد الموت للأطباء فقط، وطالبوا بتدخل المشرع لوضع تعريف أكثر تشددا لتحديد الموت، وأوضح الدكتور سرور أن التشريع لا يضع تعريفا للموت أو معايير شروطه فالمشرع ليس طبيبًا وإنما يترك ذلك للجنة العليا لنقل الأعضاء البشرية التي يشكلها وزير الصحة بصفتها هي المتخصصة، وأشار إلى إمكانية الطعن في قرارات اللجنة أمام القضاء الإداري والمحكمة الدستورية العليا. من جانبه، أكد الدكتور حمدي السيد رئيس اللجنة أن هناك 18 دولة إسلامية طبقت عمليه تشخيص موت الدماغ ولم تعد حالة واحدة للحياة، موضحا أن اللجنة الثلاثية ستضم طبيب مخ وأعصاب وطبيب رعاية مركزة وتخدير وطبيب قلب. وكانت أكثر المواد إثارة للجدل ضمن مشروع القانون المطروح منذ 12 عاما هي المادة 12 الخاصة بتحديد الموت، فبينما تراجع نواب "الإخوان" عن تشددهم إزاءها، عبر كرم الحفيان النائب عن الحزب "الوطني" عن رفضه بشدة لأية إشارة لموت جذع المخ واعتباره موتا يقينا، وقال إن جسد الإنسان في هذه الحالة مازال ينبض بالحياة ومازالت الحرارة تسري في جسده ويكون تحت العلاج، وهو صاحب مصلحة في أن يتواصل علاجه ولو حدث ذلك تكون اللجنة الثلاثية الطبية التي ستقرر ذلك قد قضت بالإعدام وستكون جريمة خطيرة، مؤكدا أنه ضد الاعتراف بموت جذع المخ ويجب أن تكون هناك وفاة كاملة لكل مراكز الحس في المخ موتا نهائيا لا رجعة فيه. بدوره طالب النائب الدكتور حمدي حسن المتحدث باسم كتلة "الإخوان" برفع عدد أعضاء اللجنة إلى 15 عضوا بدلا من ثلاثة أعضاء، وذلك "لأن مجتمعنا في بداية التجربة"، وتساءل: أين الاعتمادات المالية التي تخصص لتنفيذ هذا القانون، خاصة وأن "الحكومة اليوم فتحة صدرها وتقول إن القانون للفقير قبل الغني"، ما دعاه للتساؤل قائلا: أين الاعتمادات المالية لإجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية حتى يضمن الفقير إجراء مثل هذه العمليات، وأكد أن القانون يعتمد بشكل أساسي على توافق مدني ومدى اقتناع الشارع، وضرب مثلا بقانون القرنية قائلا إنه لم يحدث حوله اقتناع بعد تمريره. في حين طالب الدكتور محمد البلتاجي عضو كتلة "الإخوان" بضرورة الانتباه للعقوبات في هذا القانون لنكون أمام منظومة عقوبات رادعة وكافية للتعامل مع المتجاوزين في هذا القانون، وقال إن الجميع متفق على التعجل بإصدار هذا القانون، وطالب بزيادة عدد أعضاء اللجنة العليا إلى 15 عضوا. بينما أيد النائب طلعت السادات مشروع القانون، وقال إن مواده قاطعة ولا مجال للتشكيك في الأطباء المصريين أصحاب التقنية والنزاهة التي تسمح لهم بتحديد الوفاة. فيما أكد النائب مجدي علام أن الرأي العام في حيرة من العديد من النقاط التي تحتاج إلى ردود واضحة، وتساءل: كيف تختص لجنة بتحديد الوفاة وهي نفسها ذات اللجنة التي تحدد فاعلية بعض أعضاء جسم الإنسان، وطالب بضم عضوين لأعضاء اللجنة الثلاثية وهما مفتشا الصحة وطبيب شرعي. من جهته، طالب النائب جمال الزيني بضرورة سرعة الانتهاء من هذا القانون، وقال إنه لا يجب أن يتأخر أكثر من ذلك، مشيرا إلى أن القانون يحمي الفقراء قبل الأغنياء والوضع الحالي يخدم الأغنياء فقط.