صور.. رئيس جامعة بورسعيد يتفقد المدينة الجامعية للطالبات    وزارتا الشباب والاتصالات تنفذان مبادرة "قدوة تك" لتمكين المرأة باستخدام التكنولوجيا    وكيل تضامن الشيوخ: يجب وجود فلسفة للتحول في برامج الدعم ومستهدفاتها    جون كيربي: الخارجية الأمريكية لا تشعر بالحاجة لإجلاء رعاياها من إسرائيل ولبنان    تقارير إعلامية: مجلس شورى حزب الله اختار خليفة حسن نصر الله    الشغب يوقف ديربي الريال وأتلتيكو مدريد    تجديد حبس عاطلين لحيازتهما 2 كيلو حشيش بالمعصرة    النيابة تطلب تحريات مصرع طالبة سقطت من دار للمغتربات في الإسكندرية    المطربة غادة رجب تغني على مسرح نقابة الصحفيين في حضور وزير الثقافة    «عايزنا نفهم الناس».. تعليق مهم من عمرو أديب على كلمة الرئيس في حفل أكاديمية الشرطة    « الجهاد الإسلامي»: حزب الله لم يفقد القدرة على القتال بعد اغتيال حسن نصر الله    لأول مرة في السوق المصرية.. هواوي توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    مصر تتوج بذهبية التتابع المختلط ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 عامًا    وزير الطيران المدنى: إنشاء مطار برأس الحكمة تزامنا مع حركة التعمير الكبيرة    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد    فرح تحول لمأتم.. مصرع شاب وإصابة آخر خلال زفة بالأقصر    توجيهات عاجلة لمحافظ الإسكندرية بشأن شارع توت عنخ آمون -صور    إصابة 3 أشخاص في حادث دراجة نارية بكفرالشيخ    غدا.. قطع التيار الكهربائي عن 3 أحياء بمدينة طور سيناء    وفاء عامر ل"حديث القاهرة": ندعم الشعب اللبناني في كل الأزمات ولبنان ستمر من الأزمة    وزير الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 93 مليون و822 ألف خدمة مجانية خلال 59 يوما    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ مبادرة القضاء على سوء التغذية بمدارس المحافظة (صور)    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة البحرية خلال اليومين المقبلين    الجمهور يحتشد حول زينة أثناء تصويرها فيلم بنات الباشا في طنطا.. (صور وفيديو)    السيسي: مصر من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا    كاف يكشف عن خطأ حكم الفار في لقاء الأهلي والزمالك بالسوبر الأفريقي    ضمن مبادرة «بداية».. الثقافة تفتتح مؤتمر «مستقبل تأهيل ذوي الإعاقة» بالقاهرة    جامعة سوهاج توافق على لائحة «نظم المعلومات المكتبية والإعلام الرقمي» بكلية الآداب    سليمان يحتفل بثاني ألقابه في السوبر الأفريقي مع الزمالك    النصر ضد الريان.. تريزيجيه: هدفنا تحقيق الفوز.. واللعب تحت الضغط ممتع    انطلاق صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بندوة «التعليم إلى أين؟»    نائب محافظ دمياط تبحث عملية تطهير خزانات المياه بمبانى الجهات الحكومية    العاهل الأردني يعرب عن تقديره للخدمات الطبية لتقديم الدعم للفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية    وزير الثقافة يتفقد معرض نقابة الصحفيين للكتاب ويفتتح حفل توقيع ديوان جمال بخيت    مستشار البنك الدولي السابق: الدعم العيني هو الأفضل لمصر بشرط    100 ألف.. فيلم "عنب" يتراجع في تحقيق الإيرادات    مستشفى لا ملهى !    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    السيطرة على حريق محدود فى محطة وقود بالشرقية    1640 شهيدا و8408 مصابين جراء عدوان إسرائيل على لبنان منذ أكتوبر الماضي    دعاء زهران: حماية أمن مصر أولية قصوى للقيادة السياسية في ظل اشتعال المنطقة    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    حملة مكبرة لإزالة أماكن النباشين بمدينة الإسماعيلية    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق مع اتحاد الكرة على تفاصيل المرحلة المقبلة    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    عرض "الصندوق" في افتتاح الدورة السابعة لأيام القاهرة للمونودراما    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم وقف الانتخابات وإحالة القانون للدستورية..نظرة تحليلية

أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب وإحالة قانون الانتخابات رقم 2 لسنة 2013 إلى المحكمة الدستورية العليا لبيان مدى مطابقته للدستور، ويمكن القول إن المحكمة قد أسست مجمل قضاءها في هذا الحكم على أسس أربعة هي:
1- المحكمة ارتأت أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية ليس عملاً من أعمال السيادة وبالتالي يحق لها مراقبة مشروعيته.
2- قالت المحكمة إن النظام المصري في ظل دستور 2012 تحول من النظام الرئاسي إلى النظام المختلط الذي تتقاسم فيه السلطة بين رئيس الدولة والحكومة، ولم يعد لرئيس الدولة ذات السلطة التي كان يتمتع بها في إصدار القرارات في ظل دستور 1971، ومن ثم ارتأت المحكمة أن إصدار رئيس الجمهورية لقرار دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم "باطل" لأنه يخالف نص المادة 141 من الدستور التي تنص على أن يمارس رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، أي أن المحكمة ارتأت أن قرار دعوة الناخبين ليس من اختصاص رئيس الجمهورية منفردًا، بل يشترط لصحته أن تكون ممهورة بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص ثم توقيع رئيس الجمهورية، حيث إن توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص هو الدليل على عرض الأمر عليهما.
3- قالت المحكمة إن رئيس الجمهورية لا يحق له إصدار القوانين قبل أن يعرضها على مجلس الوزراء، لأن سلطة إصدار القوانين من السلطات التي يجب أن يمارسها رئيس الجمهورية بواسطة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء، ومن ثم فإصدار رئيس الجمهورية منفردًا لقانون انتخابات مجلس النواب صدر بالمخالفة لنص المادة 141 من الدستور أيضًا.
4- ارتأت المحكمة أن مجلس الشورى كان يجب عليه عرض مشروع القانون على المحكمة الدستورية مرة أخرى بعد إجراء التعديلات التي أشارت إليها المحكمة الدستورية في تقريرها، تحقيقًا لمفهوم الرقابة السابقة، وكان يجب عليه عرض كافة نصوص قانوني مباشرة الحقوق السياسية وانتخاب مجلس النواب على المحكمة، وعدم الاكتفاء بعرض النصوص التي تم تعديلها فقط.
ومن ثم قالت المحكمة إن القانون يخالف الدستور من وجهتين هما إصداره من قبل رئيس الجمهورية منفردًا دون عرضه على مجلس الوزراء، ولعدم عرض التعديلات على المحكمة الدستورية مرة أخرى، لذا قضت بإحالته إلى المحكمة الدستورية لتتبين مدى مطابقته للدستور.
وبنظرة عامة يمكن إبداء عدة ملاحظات على مجمل الموضوع تتمثل في:
1- منذ البداية كنت مؤيدًا لإعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية حتى وإن كان نص الدستور ليس دالاً على وجوب العرض، وذلك قطعًا للجدل، وفي ذات الوقت للحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة وخاصة مجلس النواب القادم، مخافة الحكم بحله بعد تكوينه، دفعًا لما سيترتب على ذلك من أثار سياسية واقتصادية يجب توقّيها.
2- تكمن أهمية حكم محكمة القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات وإحالة القانون للمحكمة الدستورية في أن ذلك قد يكون سببًا في الحسم المبكر للجدل الدائر حول وجوب إعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية – بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع أسانيده – وما سيترتب على ذلك إمكانية حل مجلس النواب بعد تكوينه، ومن قم فقد يؤدي صدور هذا الحكم المبكر إلى إعادة تعديل القانون من جديد بعد استيفائه ملاحظات المحكمة الدستورية، ثم إعادة عرضه عليها قبل إصداره إنهاء لهذا الجدل وحفاظًا على استقرار مؤسسات الدولة.
3- إحالة قانون انتخابات مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية ليس معناه أن المحكمة ستقضي يقينًا بعدم دستورية هذه النصوص، أو أنها ستقضي بوجوب عرض التعديلات عليها قبل الإصدار، أو أنها ستعطي لنفسها الحق في أن تبسط رقابتها اللاحقة على القوانين التي تخضع لرقابة سابقة، فكل هذه اجتهادات ستعرض على المحكمة الدستورية التي سيكون لها القول الفصل والملزم للكافة.
4- تبنِّي المحكمة الدستورية لأي رأي في هذا الصدد لن يكون سهلاً أو هيّن الوصول إليه، خاصة فيما يتعلق بضبط فكرة التحقيق الكامل لمفهوم الرقابة السابقة، في ظل صراحة نص المادة 177 من الدستور التي تحذر صراحة عدم جواز خضوع هذه القوانين للرقابة اللاحقة مرة أخرى من قبل المحكمة، وفي ذات الوقت عدم وجود نص يلزم مجلس الشورى بوجوب عرض التعديلات على المحكمة الدستورية مرة أخرى، وفي كل الأحول فإن ما ستقضي به المحكمة سيكون قضاءًا ملزما للكافة ولكنه أيضا سيكون مثار جدل شديد على المستويين القانوني والسياسي.
5- فيما يتعلق بما قضت به محكمة القضاء الإداري من أن قرار دعوة الناخبين ليس عملاً من أعمال السيادة التي تنأى عن رقابة القضاء، فإنه – في تقديري- قضاء يخالف الأحكام المستقرة في أحكام مجلس الدولة في هذا الصدد، فمع التسليم بأن تقييم العمل القانوني هل هو عمل من أعمال السيادة أم لا، أمر يخضع لتقدير المحكمة التي تنظر الدعوى، إلا أنه يمكن القول أيضًا إن موضوع دعوة الناخبين هو أمر محسوم تقريبًا في قضاء مجلس الدولة منذ فترة طويلة، حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا – وهي المحكمة الأعلى في سلم درجات التقاضي في مجلس الدولة – متواترة على أن قرار دعوة الناخبين يعد عملاً من أعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القاضي الإداري.
6- محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها قالت إن الدستور الجديد جعل النظام السياسي المصري نظاما مختلطًا ( برلماني – رئاسي) وليس نظامًا رئاسيًّا، وأسست المحكمة على ذلك أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين صدر مخالفًا لنص المادة 141 من الدستور، لأنه أصدره منفردًا غير ممهور بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص، وهذا القول محل نظر من عدة وجوه تتمثل في:
• أن المحكمة بداية مارست دور القاضي الدستوري وليس القاضي الإداري، فالمحكمة قررت بصريح عبارتها أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين قد صدر مخالفًا للدستور، والقطع بأن النص مخالف للدستور من عدمه ليس دور القاضي الإداري، بل هو دور القاضي الدستوري، فالقاضي الإداري دوره يقف عند تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، عند الدفع بذلك من الخصوم، أو بالإحالة من تلقاء نفسه للمحكمة الدستورية، وليس مختصًا بأن يقطع بمخالفة النص للدستور من عدمه، ومن ثم – في تقديري – فإن ما قررته المحكمة في هذا الصدد ينطوي على نوع من التعدي على اختصاص المحكمة الدستورية المنوط بها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين واللوائح وفقا لنص المادة 175 من الدستور.
• اجتهاد المحكمة في هذا الصدد في ذاته محل نظر، لأن نص المادة 127 من الدستور ينص صراحة في موضع آخر على أن قرار دعوة الناخبين هو من اختصاص رئيس الجمهورية، ولم يشترط النص من قريب أو من بعيد ضرورة عرض القرار على رئيس الوزراء أو على الوزير المختص، وقواعد التفسير ثابتة على أن إعمال النص أولى من إهماله أو تأويله، وأن النصوص يكمل بعضها بعضًا وأن النص لا يفسر مجتزأً عن باقي النصوص.
• أيضًا فإن صريح نص المادة 22 من قانون مباشرة الحقوق السياسية يقرر صراحة اختصاص رئيس الجمهورية بتحديد موعد الإدلاء بالأصوات، مع مراعاة أن هذه المادة تندرج ضمن نصوص قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهو من القوانين الأربعة التي تخضع للرقابة الدستورية السابقة، أي أن هذا النص كان ضمن النصوص التي من حق المحكمة الدستورية الاعتراض عليها حال إن وجدت فيه مخالفة لنص المادة 141 من الدستور كما ذهبت محكمة القضاء الإداري.
وربما يرد على ذلك بأن نص المادة 22 لم يكن ضمن النصوص التي تم تعديلها في القانون، ومن ثم لم يرسلها مجلس الشورى إلى المحكمة الدستورية ضمن النصوص التي أرسلها، ومع أن ذلك القول له وجاهته، إلا أنه يمكن الرد على ذلك بأن نص المادة 177 من الدستور يفرض على المحكمة الدستورية اختصاصًا صريحًا ببسط رقابتها على كامل مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومن ثم لا يتصور أن يخفى هذا الفهم على المحكمة الدستورية، وأن تكتفي فقط ببسطت رقابتها على النصوص التي أرسلت إليها في منأى عن باقي النصوص المكملة لهذا المشروع، خاصة وأن النصوص التي أرسلت للمحكمة خاصة المادتين 1 و4 من القانون رقم 2 لسنة 2013 والتي عرضت على المحكمة الدستورية، وهو ما يستتبع ضمنًا النظر في كل نصوصه للتأكد من تناسقها وتناغمها مع أحكام الدستور، ومن ثم لا يتصور أن المحكمة الدستورية لم تبسط رقابتها على كل النصوص المكونة له، وإلا عد ذلك تقصير منها في أداء الالتزام المفروض عليها بموجب المادة 177 من الدستور.
وحتى مع التسليم جدلاً بأن نص المادة 22 لم يكن في حسبان المحكمة الدستورية عند رقابتها للتعديلات التي أرسلت إليها، إلا أنه يمكن القول أيضًا إن محكمة القضاء الإداري قد تعدت اختصاصها في رقابتها على هذا النص، لأنها راقبت مدى دستوريته لا مدى مشروعيته، وهو ما يعد تدخلاً أيضًا في اختصاص المحكمة الدستورية كما سبق.
7- واستكمالاً لذات النهج الذي اتبعته محكمة القضاء الإداري في حكمها من ممارستها للرقابة على دستورية نصوص القانون، قالت المحكمة إن رئيس الجمهوري لا يجوز له أن يصدر القوانين منفردًا، بل يجب أن يكون القانون ممهورًا أيضا بتوقيع رئيس الوزراء، ومن ثم فإن قانون انتخابات مجلس النواب صدر مخالفًا أيضا لنص المادة 141 من الدستور، وهذا القضاء بجانب أنه نوع من رقابة الدستورية لا المشروعية كما سبق، وأنه نوع من تخطي المحكمة لاختصاصها القانوني واعتداء على اختصاص محجوز للمحكمة الدستوري، بجانب كل ذلك فهو أيضًا محل نظر من عدة وجوه هي:
• محكمة القضاء الإداري خالفت صراحة نص المادة 104 من الدستور، والتي تنص على سلطة رئيس الجمهورية دون غيره في إصدار القوانين والاعتراض عليها، حيث تنص المادة على أن "يبلغ مجلس النواب رئيس الجمهورية بكل قانون أقر، ليصدره خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إرساله، فإذا اعترض عليه رده إلى المجلس خلال ثلاثين يومًا من ذلك التاريخ".
• المحكمة جردت رئيس الجمهورية من أهم سلطاته تقريبًا بجعلها رهنًا بإرادة مجلس الوزراء، ابتداء من إصدار القرارت وانتهاء بإصدار القوانين ، ومن ثم جعلته رئيسًا شرفيًا لا يتمتع بسلطات فعلية.
• المحكمة تعاملت مع سلطات رئيس الجمهورية على أننا في ظل نظام برلماني وليس نظامًا مختلطًا، ففي ظل النظام البرلماني يشترط بالفعل التوقيع المجازور لرئيس الوزراء بجانب رئيس الجمهورية، على أساس أن رئيس الجمهورية رئيس شرفي ليس مسؤولاً سياسيًا، وتقع المسؤولية السياسية كاملة على الوزراة، ومن ثم يجب موافقته وتوقيعه المجاور لتوقيع رئيس الجمهورية، أي أن المحكمة أكدت في بداية حكمها على أن النظام الذي جاء به الدستور الجديد هو نظام مختلط، ثم فسرت نصوص هذا الدستور تفسيرًا يتسق مع النظام البرلماني وليس المختلط، والذي يكون فيه رئيس الجمهورية مسؤولاً سياسيًا وليس رئيسًا شرفيًا.
• بعض نصوص الدستور أوجبت صراحة أخذ رئيس الجمهورية لرأي الحكومة قبل إصدار بعض التصرفات القانونية، مثال ذلك نص المادة 148 الخاصة بشروط فرض حالة الطوارئ، وبمفهوم المخالفة فإن المشرع الدستوري لو رغب في التوقيع المجاور لرئيس الوزراء على الإطلاق، لما نص على ذلك صراحة في شأن بعضها وترك البعض الآخر دون نص.
• وأيضًا مما يقطع بأن هذه الوجهة التي ارتأتها المحكمة هي وجهة محل نظر أن إحدى مسودات الدستور ( المسودة المنشورة في 10/11/2012) كانت تنص في المادة 144 منها على أن: "يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء؛ ويجب لنفاذ توقيعاته في "شئون الدولة" توقيع رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء المختصين ، عدا ما يتصل منها بالدفاع والامن القومي والسياسية الخارجية للدولة والسلطات المنصوص عليها بالمواد142 ، 148 ، 149 ، ، 150 ، 152 ،153 من الدستور. ولا تعفى أوامر رئيس الجمهورية ، الشفهية أو المكتوبة ، الحكومة من المسئولية".
• وحيث إن هذا النص تم العدول عنه من قبل المشرع الدستوري في الصياغة النهائية التي أقر بها الدستور، وجاء نص المادة 141 الموازي لنص المادة 144 من المسودة المذكورة خاليًا من هذا النص، فهو دليل قاطع على أن إرادة المشرع الدستوري لم تتجه إلى ذلك، ويقطع بأن نص المادة 141 لا يشترط التوقيع المجاور لرئيس الوزراء أو الوزير المختص لنفاذ القرارات أو القوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية.
8- أما فيما يتعلق بوجوب عرض تعديلات قانون الانتخاب على المحكمة الدستورية مرة أخرى بعد إجراء التعديلات المطلوبة - ومع أنني مؤيد لفكرة العرض منذ البداية درءًا للجدل وحفاظًا على استقرار البرلمان القادم – إلا أنه مع ذلك يجب توضيح ما يلي:
• مصر عرفت الرقابة السابقة على دستورية القوانين منذ تعديل المادة 76 من دستور 1971 عام 2005، حيث نص التعديل على وجوب عرض مشروع قانون انتخابات الرئاسة على المحكمة الدستورية قبل إصداره.
• منذ ذلك التاريخ وحتى الآن قامت المحكمة بممارسة الرقابة السابقة على دستورية القوانين خمس مرات فقط بالإضافة إلى المرة الأخيرة التي راقبت فيها مشروع قانون انتخابات البرلمان وقانون مباشرة الحقوق السياسية.
• في 3 مرات فقط من الخمس مرات السابقة كان للمحكمة مآخذ دستورية على النصوص المعروضة عليها، وفي هذه المرات الثلاث كانت المحكمة تكتب تقريرها موضحة فيه مآخذها الدستورية على النصوص المعروضة عليها ثم ترسل التقرير إلى السلطة التشريعية، ثم تقوم السلطة التشريعية بإجراء التعديلات ثم إصدار القانون مباشرة دون إعادة عرضه على المحكمة
• ويستخلص من ذلك أنه لا يوجد عرف دستوري، أو سوابق قضائية تلزم السلطة التشريعية بإعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية قل إصدار القانون، وأنه في جميع المرات لم يحدث أن أثيرت فكرة ضرورة عرض التعديلات مرة آخرى على المحكمة، لا من قبل الأفراد ولا الهيئات، بما في ذلك المحكمة الدستورية ذاتها.
• ولتمام الفائدة فإن هذه المرات الثلاث التي كان للمحكمة فيها مآخذ دستورية على النصوص المعروضة عليها هي:
1- في عام 2005 وبعد تعديل المادة 76 ( قبل ثورة يناير ) وفي أول مرة تطبق فيها الرقابة السابقة في تاريخ المحكمة الدستورية، تم عرض مشروع قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 على المحكمة الدستورية، وأصدرت المحكمة تقريرها في 26 يونية سنة 2005، والذي قررت فيه المحكمة أن الفقرة الثالثة من المادة (5) والمواد 22 و 49 و 54 و55 من مشروع القانون المعروض غير مطابقة لأحكام الدستور، ثم أرسلته لمجلس الشعب الذي قام بإجراء التعديلات، ثم قام مباشرة برفعة لرئيس الجمهورية لإصداره.
2- في عام 2012 ( أي بعد الثورة ) أرسل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفه السلطة القائمة بمهام التشريع آن ذاك، مشروع قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 بعد تعديله إلى المحكمة الدستورية لفحص مدى دستوريته، وأصدرت المحكمة تقريرها بجلسة 17 يناير 2012، والذي قررت فيه أن المواد ( 5 ، 11 ، 33 ) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض، والمادة الثالثة فيما تضمنته من إلغاء المادة (18) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، غير مطابقة لأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، ثم أرسلت تقريرها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي قام بإجراء التعديلات، ثم أصدر القانون مباشرة دون إعادة عرضه على المحكمة .
3- في عام 2012 وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة قام مجلس الشعب قبل حله بتعديل بعض أحكام قانون الانتخابات الرئاسية، ومن ثم قام بعرض التعديلات على المحكمة الدستورية، والتي أصدرت تقريرها بجلسة 16 مايو 2012، والذي قررت فيه أن نص الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، المستبدلة بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون الماثل، وكذا نص المادة (6) مكررًا المضافة إلى القانون رقم 174 لسنة 2005، لا يتفقان وأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، ثم أرسلت تقريرها إلى مجلس الشعب الذي قام بإجراء التعديلات، ثم قام برفعه مباشرة إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي قام بإصداره أيضًا دون إعادة عرضه على المحكمة.
وبناء على ما سبق، وحيث إن نص المادة 177 لا يفهم منه صراحة وجوب عرض التعديلات مرة أخرى على المحكمة، وحيث إنه أيضًا لا توجد سوابق أو أعراف دستورية توجب هذا الاتجاه، إذن فالأمر محل اجتهاد، والجهة المنوط بها حسم هذا الأمر في النهاية هي المحكمة الدستورية وليس محكمة القضاء الإداري، ومن ثم كان الأولى – في تقديري- ألا تقطع محكمة القضاء الإداري في الأمر، وكان أولى بها أن تكتفي بإحالة الأمر للمحكمة الدستورية، وإلا فما فائدة الإحالة بعد أن حسمت المحكمة أمرها بأن عدم العرض يعد مخالفة دستورية، وقضت في الموضوع بناء على ذلك؟.
ملاحظتان أخيرتان:
أولهما أنني أؤيد الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ليس بهدف إلغاء الحكم وإجراء الانتخابات، بل بهدف عرض حيثيات هذا الحكم على المحكمة الإدارية العليا لتقول فيها رأيها، لما تمثله هذه الحيثيات من سوابق قضائية في غاية الأهمية حال تأييدها، ولكن في ذات الوقت أتمنى أن يقوم مجلس الشورى بالتوازي بإعادة تعديل قانون الانتخابات وعرضه على المحكمة الدستورية بعد استيفاء كافة الملاحظات التي أشارت إليها المحكمة الدستورية في تقريرها، حتى ولو حكمت المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري.
ثانيهما: أن مبدأ الفصل بين السلطات يعد مظهرًا مستقرًا في النظم الديمقراطية المعاصرة، وهو ضمانة لعدم تغول سلطة على اختصاصات سلطة أخرى، ومن ثم يجب التعامل بعناية فائقة مع النصوص التي تنظم هذه الاختصاصات، وبناء على ذلك يجب على كل سلطة من سلطات الدولة أن تراعي استقلال السلطة الأخرى، وفقًا للضوابط الدستورية الحاكمة.
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.