اعتادت إيران ومنذ انتهاء حربها مع العراق عام 1988على تنظيم العديد من المناورات العسكرية سنويا لمختلف صنوف قواتها المسلحة " وقد وسعت من هذه المناورات لتشمل قوات الأمن الداخلي ومليشيا الباسيج ( التعبئة الشعبية ) المكلفة بقمع الاعتراضات والانتفاضات الشعبية التي تندلع بين فترة و أخرى في المدن و الأقاليم حتى بلغ عدد هذه المناورات أكثر من خمسة مناورات في العام الواحد كان آخرها المناورات التي انتهت قبل العيد والتي نظمتها قوات الدفاع الجوي لغرض التدريب على حماية المنشآت النووية من خطر ما أسمته السلطات بالهجمات المحتملة . وفي كل مناورة تستعرض إيران أسلحة جديدة و مختلفة بينها صواريخ قابلة لحمل رؤوس نووية وغواصات وطائرات حربية متطورة وأنواع أخرى من الأسلحة التي إذا ما استخدم بعضها فان أثارها التدميرية لا تقل عن الأضرار التي تخلفها القنبلة النووية . وقد اعتادت إيران في بياناتها السياسية على تبرر لجوئها الى تكديس هذه الترسانة من الأسلحة الفتاكة بزعم انها مستهدفة فيما خطابها الأيدلوجي يخالف ذلك تماما فهو يؤكد على ان تكديس السلاح وسيلة لتحقيق الحلم الإيراني التاريخي الرامي الى أعادة الإمبراطورية الفارسية وفرض الهيمنة على المنطقة بأكملها . وعلى الرغم من استعاضت هذا الخطاب بكلمة " تصدير الثورة ونشر مذهب التشيع " بدلا من كلمة " الإمبراطورية الفارسية " إلا ان ذلك لم يغير في أصل الهدف والغاية التي ينشدها نظام الملالي " فالحديث الأخير الذي أدلى به وزير الخارجية الإيرانية الأسبق و المستشار الحالي لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي " الدكتور علي اكبر ولايتي الذي دافع فيه عن الإمبراطورية الفارسية وامتدح أكاسرة فارس والذي انتقد فيه أيضا بشدة المؤسسات الثقافية و الإعلامية الإيرانية على تجاهلها حضارة ودور تلك الإمبراطورية و أكاسرتها على حد تعبيره" فهذا الحديث يحمل من الدلالات الكثيرة و يكشف عن حنين إيران الى ماضيها الغابر " خصوصا وان حديث ولايتي هذا قد جاء بعد يومين فقط من إعلان بعثة تنقب أوروبية العثور على رفات عشرات الآلاف من الجنود الفرس في الصحراء المصرية كانوا ينون غزو مصر ولكن جميعهم هلكوا بعد ان أضلوا الطريق . إيران التي تبرر لجوئها الى امتلاك الأسلحة الفتاكة " ومنها مساعيها الحثيثة للحصول على السلاح النووي " بحجة الدفاع عن النفس" تناست ان خطة حصولها على السلاح النووي قد وضع يوم كانت في حربها الطاحنة مع العراق وكانت حينها في موضع الهجوم وتحتل مساحات واسعة من الأراضي العراقية " ففي تلك الأيام اقترح قائد الحرس الثوري آنذاك اللواء "محسن رضائي" على الخميني البدء في امتلاك السلاح النووي " وهذا ما كشف عنه الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني في مذكراته التي نشرت قبل ثلاثة أعوام . كما ان فكرة تأسيس جيش إيراني ( عظيم ) فكرة خمينية بحتة " فهو صاحبة فكرة جيش العشرين مليون جندي " وهذه الفكرة لم تنتهي بموت الخميني بل أصبحت إستراتيجية يعمل النظام الملالي على تحقيها . و هذا ما يبرر المخاوف التي تنتاب دول المنطقة من التسلح الإيراني حيث دأبت إيران وعلى لسان الكثير من قياداتها في التهديد باستخدام ترسانتها العسكرية ضد دول و منشآت حيوية في منطقة الخليج العربي وهذا بحد ذاته دليل على ان إيران لم تبني هذه الترسانة من اجل الدفاع عن نفسها كما تزعم حيث ان الذي يجني السلاح للدفاع عن النفس لا يلجئ الى التهديد والوعيد و ابتزاز الآخرين كما يفعل نظام طهران اليوم. أضف الى ذلك إذا كان نظام الملالي يزعم انه يحضا برعاية و دعم تام من قبل الإمام المهدي المنتظر وان المهدي هو من يختار الوزراء وأعضاء الحكومة الإيرانية" حسب تصريح عدد من المرجعيات الدينية المؤيدة للرئيس احمدي نجاد " فمما الخوف إذا؟. أليس المهدي قادر على حماية إيران من أعداءها" ام أنهم يشكون في ذلك؟ . لقد صرح العديد من أركان النظام الإيراني وقادته الروحيين ان لجوء طهران الى بناء ترسانة عسكرية و إعداد جيش قوي" الغاية منه ان يكون هذا الجيش والقوة تحت أمرة الإمام المهدي المنتظر عند خروجه !!!" فيما الروايات الشيعية " وخاصة روايات الحركة المهدوية منها " تقول ان عدد جيش المهدي عند خروجه لا يتجاوز ال 330 فردا وهو بهذا العدد سوف يسيطر على العالم . كما تؤكد تلك الروايات ان المهدي عند خروجه سوف يعطل عمل جميع المعدات العسكرية في العالم ويحولها الى تراب " و انه سوف يحارب بأسلحة تقليدية كالسيوف والرماح والسهام ويستخدم الخيل والبغال والحمير والإبل وسيلة لتنقل "وفي أحيان كثيرة سوف يلجئ الى المعجزات للانتصار على أعداءه . إذا طالما ان المهدي لديه القدرة على تعطيل عمل جميع أنواع الأسلحة "التقليدية وغير التقليدية " و ان عدد جيشه لا يتجاوز الثلاثة والستون فردا وانه قادر على خرق العادات واستخدام الغيبيات بكل سهولة لتحقيق غايته" فهل من حاجة تبقى للترسانة العسكرية الإيرانية وجيش العشرين مليون إيراني ؟. من المؤكد ان هذه الروايات وغيرها لم توضع إلا لتحقيق غايات شريرة في نفوس حكام إيران " قديمهم و حاضرهم" ولكن على الولي الفقيه وأعوانه ان يعودوا الى التاريخ و يتعظوا به " فان جدهم الأعلى " اسماعيل الصفوي " الذي أقام هذه الدولة "مات و لم يستطع ان يحقق حلم الحركة الشعوبية في إعادة الإمبراطورية الفارسية " وان إمامهم الخميني الذي حذا حذو اسماعيل الصفوي " مات هو الأخر متجرعا كأس السم حسب قوله ولم يستطع تحقيق حلم ما سمي بتصدير الثورة" ومن قبله رضاخان بهلوي و ملوك القاجارية و الأفشارية كانوا قد لعبوا بورقة المهدي المنتظر ولكنهم جميعا خسروا هذه اللعبة لانها ببساطة ورقة محروقة . فالمهدي و من خلال اسمه يتضح جليا انه مصلح وما يسعى أليه حكام إيران هو الخراب والدمار . و شتان ما بين مصلح ومفسد في الأرض . كاتب احوازي