إذا قمنا بإجراء مقارنة بسيطة بين مرض أنفلونزا الطيور الذي أصابنا الهلع والخوف منه وقت ظهوره وبين مرض أنفلونزا الخنازير الحالي, والذي تزداد المخاوف من انتشاره عالميا ووصوله إلى وباء ! , نرى أن مرض أنفلونزا الطيور حينما ظهر كان أخطر بمراحل كثيرة من مرض أنفلونزا الخنازير لو صدقت الأقاويل والإدعاءات حول خطورته آنذاك, ثم جاءت أسباب المخاوف والهلع من هذا المرض نظرا لأننا نحن البشر قد يكاد لا يمر يوما علينا دون تناول وجبة من الوجبات المكتظة بلحوم الطيور سواء كانت الوجبة ( جاهزة من المطعم أو مطبوخة في المنزل), بل أن هناك نوعية من الناس لا تأكل إلا لحم الطيور !!, والسبب الثاني أن بلادنا مليئة بمزارع الدواجن وغيرها من الطيور الأخرى, فضلا عن المحلات التجارية المنتشرة في أماكن عديدة والتي تبيع الطيور بكافة أنواعها إن كانت مذبوحة أو حية والسبب الثالث أن الكثير من الأسر في بلادنا العربية والإسلامية خاصة القرى والمناطق الفقيرة التي تقوم بتربية الطيور في منازلهم, وعلى أثر ذلك كانت المخاوف من مرض أنفلونزا الطيور كبيرة من جانبين أولا: من العدوى من شخص مصاب بالمرض, ثانيا: من الطيور الموجودة في كل مكان , لدرجة أن البعض أمتنع عن أكل لحوم الدجاج أو أي نوع آخر من الطيور, خوفا من انتقال المرض إليهم, ورأينا أيضا كيف تخلص الكثير من الناس من الطيور الموجودة في منازلهم أو في مزارعهم, بالإضافة إلى الإجراءات الوقائية الكثيرة التي قامت بها حكومات الدول ضد هذا المرض, وبفضل الله وكرمه تم القضاء على هذا المرض تقريبا ولم يعد هناك أي تخوف من تناول أي طعام به لحوم الطيور, وهانحن الآن وبعد الانتهاء من الضجة الإعلامية الكبرى التي صاحبت مرض أنفلونزا الطيور جاء الدور على أنفلونزا الخنازير لتقوم بحملة أخرى ولكن على نطاق واسع, فعلى الرغم من أن مرض أنفلونزا الخنازير والإصابة به مقتصرة على العدوى فقط وفي صعوبة بالغة يمكن انتقاله من إنسان لإنسان ذلك لأننا كمسلمين قد حرم علينا الله عز وجل أكل لحم الخنازير كما قال جلا شأنه في سورة البقرة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173), إلا ان الخوف والهلع من مرض أنفلونزا الخنازير والإصابة منه لا يزال يسيطر على الكثير من الناس, لدرجة أن البعض قام بإلغاء فريضة الحج هذا العام برغم نيته السابقة بأدائها خوفا من انتقال المرض إليه!! , إن الحديث عن أنفلونزا الخنازير بداعي وبدون داعي والتي تتناوله بعض وسائل الإعلام المختلفة كل آن وآخر ,جعل الكثير من الناس يربطون بين هذه الحملة الإعلامية المبالغ فيها والأزمة المالية العالمية التي أصابت دول العالم في أواخر العام الماضي وخاصة الدول الصناعية الكبرى,والتي تضررت بسببها الكثير من المؤسسات والشركات الكبرى وبالطبع نالت شركات ومصانع الدواء العالمية حيزا كبيرا منها, فكان الترويج لهذا المرض جزءا لتعويض شركات ومصانع الأدوية عن الخسائر التي لحقت بهم في تلك الأزمة, وكان الدكتور توم جيفرسون وهو خبير دولي في الأنفلونزا قال لمجلة المانية معروفة أسمها ''دير شبيجل'' في العدد الذي نشر قبل ما يزيد عن أربعة أشهران هناك مبالغة في الكلام عن أنفلونزا الخنازير على الرغم من إنها لا تختلف كثيرا عن الأنفلونزا العادية, لذلك أرى أن ليس هناك أي داعي من المخاوف الحاصلة الآن بشأن هذا المرض فقط علينا بالوقاية منه والتعامل معه مثل أي تعاملنا مع الأمراض الأخرى, وإن شاء الله تعالى قريبا تنتهي هذه الضجة والمخاوف الحاصلة الآن بشأن ما يسمى بأنفلونزا الخنازير ليكون مصيرها هو نفس مصير أنفلونزا الطيور وجنون البقر .... ألخ [email protected] كاتب مصري مقيم في السعودية