لم يسلم مشروع القطارة الذي ذكرته في مقالي السابق من بعض الاعتراضات، شأنه في ذلك شأن مشروع النيل والكونغو الذي تحدثت عنه في مقالٍ أسبق، سأحاول في هذه المساحة أن أستعرض عددًا من تلك الاعتراضات وكيف يمكن الرد عليها، وسيكون هذا العرض على شكل حوار بين شخصين كما فعلنا في ردنا على شبهات مشروع النيل والكونغو: • تكلفة هذا المشروع مكلفة جدًا، والبلد لن تتحمل الإنفاق عليه o التكلفة لا تقارن بالفوائد التي نجنيها من جراء هذا المشروع، وإذا افترضنا أن الظروف الاقتصادية الحالية لا تسمح للدولة بالإنفاق على هذا المشروع، فأين دور رجال الأعمال والمستثمرين؟ وأين دور وزارة التعاون الدولي التي يمكن لها أن تعرض على دول حوض البحر المتوسط أن تساهم في هذا المشروع طالما أنه سيحمي شواطئ هذه الدول من طغيان مياه البحر عليها نتيجة زيادة منسوبه في السنوات القادمة (راجع مقالي السابق الذي ذكرت في إحدى فقراته أن المنخفض سيستوعب نصف كمية مياه البحر الزائدة في الأعوام المقبلة، وسيخفف بنسبة كبيرة من الأضرار المترتبة على زيادة منسوب البحر وغرق السواحل المطلة عليه). • لن تسمح لنا أمريكا وإسرائيل بالمضي قدمًا في هذا المشروع... ستضع العراقيل أمامنا. o وهل من المفروض أن ننتظر موافقة هذه الدول؟!!! • سمعت أن القوات المسلحة ترفض هذا المشروع، لأنه سيقسم صحراءنا الغربية إلى قسمين وسيصعب تأمين حدودنا الغربية. o جغرافيًا، العكس هو الصحيح، فقد كان هذا المنخفض وما يزال منطقة وعرة يصعب عبورها بالمركبات أو بالمعدات الثقيلة، أما عندما يتحول المنخفض إلى بحيرة، فسيكون من السهل الانتقال فيه بحرًا، ومن الممكن إنشاء ميناء حربي داخل البحيرة، وأيضًا القناة نفسها (قناة القطارة التي ستربط المنخفض بالبحر المتوسط) من الممكن إنشاء العديد من الكباري والجسور عليها، وحفر الأنفاق أسفلها... لن يكون هذا المشروع عائقًا أبدًا في طريق سرعة انتشار القوات المسلحة في الجزء الغربي من البلاد إذا لزم الأمر. عامةً، الوسيلة المثلى لتأمين الأرض هي التنمية العمرانية الحقيقية واستيطان الناس في المنطقة، ومشروع ضخم كهذا المشروع من شأنه أن يؤسس لنهضة عمرانية ملموسة في هذه المناطق القاحلة. • هناك اكتشافات بترولية داخل المنخفض، هل نضحي بالبترول كي نصنع بركة مياه مالحة؟ o أولًا: هي ليست بركة مياه، بل هي بحيرة عظيمة، أكبر بحيرة صناعية في العالم، فرجاءً لا داعي للتقليل من شأنها. ثانيًا: الكمية البترولية المكتشفة ضئيلة جدًا ولا تستحق أن نترك مشروعًا اقتصاديًا هائلًا من أجلها. ثالثًا: وما المانع من أن يستمر التنقيب عن البترول حتى بعد أن يتحول المنخفض إلى بحيرة؟ أليس هناك حقول بترول ذات إنتاجية كبيرة يتم استخراجها من أعماق البحار؟ أليس جزءًا كبيرًا من إنتاجنا البترولي يتم استخراجه من خليج السويس؟ • هناك مخاوف من تسرب المياه المالحة إلى خزان الماء الجوفي في الصحراء الغربية وسيؤثر على عذوبتها، هل نضحي بمياهنا الجوفية وهي كنز استراتيجي لنا؟ o من أهم أهداف مشروع القطارة هو توليد كمية هائلة من الطاقة الكهرومائية المتجددة والرخيصة، ومن الممكن استغلال جزء من هذه الطاقة في عمليات تحلية ماء البحر، فتعوض بالتالي كمية الماء الجوفي العذب الذي قد نفقده. ومن الممكن أيضًا استبدال فكرة توصيل ماء البحر بفكرة توصيل ماء النيل (فرع رشيد)، وبالتالي ستكون البحيرة عذبة وليست مالحة... ذكرنا في مقالنا السابق أن مشروع القطارة هو أكثر من فكرة بأكثر من وسيلة. • هناك مخاوف لدى العلماء من أن كمية المياه الهائلة التي تكفي لملء هذا المنخفض الهائل قد تؤدي إلى زيادة إمكانية حدوث زلازل في تلك المنطقة. o عندما يتكلم العلماء أتوقف أنا، لن أجادل وأقلل من إمكانية حدوث هذا أو عدم حدوثه أصلًا، ولكني أرى أن أي مشروع له سلبياته وإيجابياته، وحسم الأمر هو القياس أو المقارنة بين السلبيات والإيجابيات، فإن رجحت كفة الإيجابيات فلننطلق على بركة الله، وإن كانت الأخرى فلن يعدم المصريون أفكارًا جديدة ومشروعات واعدة سترى بإذن الله النور على أرضنا الطيبة.