قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير الجمعة، إن الرئيس المصري محمد مرسي غير مسرور من سلوك وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي ورئيس أركانه صدقي صبحي، إلا أنه من ناحية أخرى لا يستطيع تحمل مزيد من الاضطرابات في حال إقالتهما. وذكرت أنه قبل عدة أيام انتشرت شائعة بموجبها يعتزم الرئيس مرسي إقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان من منصبيهما، وسارع مكتب مرسي إلى نفي الأمر، مضيفة أن حقيقة عدم إقالة الرئيس لوزير الدفاع لا تتعارض مع التوتر القائم في مصر بين المؤسسة العسكرية وبين "الإخوان المسلمين". وأضافت أنه عندما أطاح مرسي في أغسطس الماضي بحسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، وعين بدلاً منه عبد الفتاح السيسي لم تكن هناك مسيرات حزن وحداد في شوارع القاهرة. وأشارت إلى أن طنطاوي وعلى الرغم من قراره الذكي والحكيم بدعم الانتفاضة الشعبية والثورة، كان لا يزال يعتبر جزءا لا ينفصل من نظام مبارك، ولكن بسبب احتياج نشطاء الثورة لدعم أمني ينقذهم من يد الشرطة ويمنع سفك الدماء، أصبحت وظائف الجنرالات في مأمن بسبب دعمهم للجماهير. ولفتت إنه عندما أطيح بطنطاوي سارع النشطاء بالمطالبة بمحاكمته على الجرائم التي قام بها خلال فترة الرئيس السابق حسني مبارك، وكان هذه فرصة لمرسي كي يضيف مرسي لنفسه صلاحيات كانت للمجلس العسكري ولطنطاوي الذي ترأسه. ومع تعيين السيسي انتشرت تقديرات بأنه من المتوقع أن يمر الجيش المصري ب "عملية أسلمة" من قبل "الإخوان المسلمين"، وفي إسرائيل كان هناك من اهتم بالتحذير من الخطر والتهديد الذي سينشأ نتيجة للتغيير في الجيش المصري الأمر الذي قد يقطع أي صلة أو علاقة بين القاهرة وتل أبيب، بحسب الصحيفة. وتابعت: "لكن هذه التوقعات أثبتت خطأها، فالتعاون العسكري بين إسرائيل وبين قيادة الجيش المصري وإن كان لا يشبه الوضع كما كان إبان النظام السابق، لكن لا توجد قطيعة بل العكس، ففيما يتعلق بما يحدث في قطاع غزة ومحاربة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء يوجد تعاون وطيد بين الجانبين". وتساءلت: "الأمر غير الواضح هو هل سيتخذ الجيش قرارات مستقلة، على سبيل المثال المعركة التي يديرها للقضاء على أنفاق التهريب بين سيناءوغزة، وهل المفاوضات غير المباشرة التي تدرى مع حماس بتطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار وفتح المعابر، تمت إدارتها بشكل منفرد من قبل الجيش المصري أم ان مرسي تدخل في الأمر؟". وذكرت أن تقارير إعلامية مصرية تحدثت عن توبيخ مرسي للجيش بسبب إغراق أنفاق غزة بمياه الصرف الصحي، ووفقا للمحللين هناك فإنه هذه العملية هي التي أدت الرئيس إلى الرغبة في إقالة السيسي، بالفعل المستشار الأمني للرئيس عصام الحداد، أوضح أن القاهرة لن تسمح بعمليات تهريب أسلحة وأفراد بشكل قد يمس بالأمن المصري، لكن حماس بعثت رسالة احتجاج لمرسي على أنه يضر بمواطني قطاع غزة ويساعد تل أبيب بشكل ضمني. وقالت "هاآرتس" إن اهتمام الجيش المصري بما يحدث في سيناء وسلوكه فيما يتعلق بحماس لم يتسببا في التوتر بين قيادة الجيش ومرسي، في ديسمبر عندما بدأت في القاهرة مظاهرات ضخمة ضد قرار مرسي بضم صلاحيات له والحث على صياغة الدستور، بادر السيسي بعقد لقاء مع قادة حركات المعارضة وفتح حوار وطني معهم، وهو ما رأى فيه مرسي تدخلا لا يغتفر في إدارة شئون الدولة وطالب السيسي بعدم عقد اللقاء . ولفتت إلى أن السيسي استجاب لكن لم يصمت، ففي تصريحات علنية غير مسبوقة حذر من أن استمرار الاضطرابات من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مصر، وكان هذا بيانا مباشرا وقويا ضد قدرة مرسي لإدارة الأزمة، ومؤخرا جدا عندما بادر مرسي نفسه بفتح حوار مع حركات المعارضة، قوبل بمعارضة قادة جبهة الإنقاذ الوطني، فهؤلاء وافقوا على عمل حوار بشرط أن تكون قيادة الجيش موجودة، وهو ما رأى فيه مرسي مساسا مباشرا بمركزه ومحاولة لإقامة سلطة بديلة من قبل الجيش. وذكرت الصحيفة أن الشكوك القائمة التي سادت بين مكتبي الرئيس ووزير الدفاع زادت وتفاقمت عندما حذر عدد من قادة الإخوان المسلمين مرسي بأنه إذا لم يقم بكبح تدخل الجيش، فمن شأنه أن يجد نفسه أمام انقلاب عسكري، ومن الممكن أنه في ظروف أخرى كان سيجد مرسي سببا لخلع السيسي وعدد من القيادات البارزة في الجيش، لكن في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات البرلمانية، كل قرار يغير موزون من شأنه أن يدفع بسببه "الإخوان المسلمون" ثمنا سياسيا باهظا. وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إن كل مساس بالجيش سيمنح إنجازات للمعارضة التي تنشر الآن أنباء عن تغلغل رجال الإخوان المسلمين لصفوف القوات الأمنية، والمنطق السياسي يقول لمرسي أنه عليه أن يمتنع عن الاصطدام مع الجيش، لكن مرسي أثبت أن المنطق السياسي لا يكون أمام عينيه دائما.