يحدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما معالم أجندته في الفترة الثانية من ولايته الرئاسية في خطابه عن حالة الاتحاد يوم الثلاثاء القادم . وفي خطابه الذي يبنيه على خطاب تنصيبه الثاني سيطرح أوباما تفاصيل جدول الأعمال طويل المدى لحكومته الذي سيضاف لسجله . وسيظل الاقتصاد هو الموضوع الأول على رأس هذه الأجندة ، حيث من المتوقع ، كما فعل اليوم في خطابه الاسبوعي ، أن يحذر من عواقب التخفيضات التلقائية في الانفاق الحكومي على الاقتصاد الذي يتحسن ببطء ، وفي الوقت ذاته سيوازن أوباما بين ذلك وبين أولويات أخرى مثل الهجرة والحد من الأسلحة النارية في الولاياتالمتحدة . وبتنصيبه لولاية ثانية ، فقد توفرت لأوباما مساحة من الحرية ليكون أكثر قوة في السير وفقا لرؤيته ، لأنه لا يواجه تحديات إعادة انتخابه مرة أخرى ، إلا أنه بحاجة في نفس الوقت إلى تحديد الأهداف التي يمكنها أن تجتذب تأييد الأغلبية . وكان خطاب تنصيب أوباما لولاية ثانية في 21 يناير الماضي قد اتسم بالقوة والتصميم وسيكون عليه أن يحدد ما إذا كان سيستمر في هذا النهج أو يتخذ موقفا يسهل على الجمهوريين النظر في التعاون معه . ويشير المراقبون إلى أن أوباما لا يملك الآن كل مقاليد الأمور في يده ، وإذا أراد بالفعل أن يحقق تغييرا ، فعليه أن يعمل على تشكيل تحالف وائتلاف وهو ما لن يتمكن منه إذا لم يكن عمليا حقا. وأضافوا أن أوباما صنع لنفسه مكانا في التاريخ في ولايته الأولى بعد أن حقق انتصارات أمام الجمهوريين فيما يتعلق برفع الضرائب وإدخال اصلاحات تشريعية على نظم الرعاية الصحية والمالية ، حيث وفرت الطموحات التي وردت في خطاب تنصيبه وعدا للديمقراطيين وكما وجهت تحذيرا للجمهوريين بأنه لم يحقق كل ما في جعبته بعد . ويتطلع أوباما إلى إضافة إنجاز آخر إلى سجل ولايته الأولى بتشريعات في مجال الهجرة والحد من الأسلحة النارية في البلاد ، كما أشار في خطاب تنصيبه إلى أن حقوق المثليين وتغير المناخ لا تزال ضمن أولوياته . ويدرك البيت الابيض أن الوقت يتفلت ويمكن أن يمر قبل أن يحقق الرئيس ما يريد ويدخل في معارك تصيبه بالتعثر ، وهو ما دعا أوباما إلى تكرار دعواته للكونجرس لسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة . ويتحلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بروح قتالية عالية منذ فوزه بالولاية الثانية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمام الجمهوريين ، الذين لا يزالون يسعون أيضا إلى تحقيق تقدم بعد هذه الانتخابات التي كانت مخيبة لآمالهم وخسروا فيها البيت الأبيض إضافة إلى مقاعد في مجلسي النواب والشيوخ . وجاء اختيار الجمهوريين للسناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا للرد على خطاب أوباما عن حالة الاتحاد ، حيث أن روبيو (42 عاما) من أصول كوبية وهو مخلص كما يقول بعض الجمهوريين عنه ، وهو ما نفاه وقال على حسابه على تويتر "لست المخلص والمخلص الوحيد هو عيسى المسيح" ، كإشارة إلى أن الحزب الجمهوري يريد أن يستعيد توازنه بتحقيق انجازات ملموسة ويبحث عن زعيم جديد ، ولكي يفوز أوباما بانتصارات تشريعية، فسوف يكون عليه العمل مع الجمهوريين وليس الضغط عليهم وسحقهم. وعن خطاب أوباما الثلاثاء القادم ، قال مسئول كبير سابق في الإدارة الأمريكية: "أعتقد أنه سيكون بإمكان أوباما اختيار لهجة تصالحية في هذا الخطاب ، حيث أن الرئيس يدرك أكثر من أي شخص آخر أن الطريقة الوحيدة لتحقيق أهدافه ستكون من خلال التعاون مع الجمهوريين ومساعدتهم له" . ومن جانبه ، قال كين لندبيرج، وهو خبير استراتيجي جمهوري ، إن خطاب أوباما يجب أن يكون أكثر شمولا ، لأن خطاب تنصيبه لولاية ثانية أصبح أجندة لمدة ولايته الثانية وهو يختلف جذريا عن خطاباته خلال حملته الانتخابية . وأضاف لندبيرج: "بداية من الرعاية الصحية وانتهاء بالتخفيضات الضريبية التي تم تطبيقها في عهد الرئيس السابق جورج بوش، فإن الرئيس أوباما يسير بشعار (إما طريقي أو لا شيئ) وأفضل رسالة يمكن أن يوجهها الرئيس أوباما للكونجرس هي (دعونا نعمل معا.. وأنا أعني ذلك هذه المرة) " . ويقول مساعدون في البيت الابيض إن الرئيس أوباما سيتناول في هذا الخطاب مسارا متدرجا للأمام بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء .