شنع الإخوان على مبادرة حزب النور ولقائه بجبهة الإنقاذ للبحث عن مخرج من أزمة الوطن والحريق المشتعل، وقالوا: كيف يقبل حزب إسلامي أن يضع يده في يد "جبهة الخراب"؟ وبعد أقل من يومين فقط كان الدكتور محمود عزت عضو مكتب الإرشاد والدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة يأخذان الدكتور البرادعي وحمدين صباحي بالأحضان وتنقل الكاميرات ممازحات الكتاتني والبرادعي ويوقعون جميعًا على "مبادرة" جديدة، وبموجب المبادرة والميثاق الذي وقعه الإخوان وذراعهم السياسية لن يجوز لأي عضو بالإخوان أو الحزب أن يتحدث بشكل غير لائق عن جبهة الإنقاذ أو ينابذهم بالألقاب أو يصفهم بأنهم "جبهة الخراب" أو يتعرض لهم بأي شتيمة أو كلام غير لائقٍ، ومن يفعل ذلك فقد خان العهد ونقض الميثاق، ويأثم شرعًا وخلقًا، بموجب توقيع الجماعة والحزب، قال الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة إن كل المطالب، وكرر: كل المطالب، مطروحة للحوار والنقاش ولا يوجد أي مطلب مستبعد من الحوار والنقاش، وأعتقد أن ما حدث يعطي درسًا سياسيًا مبكرًا لبعض "الطيبين" الذين كانوا "ملكيين أكثر من الملك" واستعجلوا إدانة مبادرة النور وهاجموها وأبدوا استهجانهم للقاء مع جبهة الإنقاذ وأحزابها والحديث عما اعتبروه "غير قابل للتفاوض أو النقاش"، وحتى مطلب حكومة إنقاذ وطني جديدة وعاجلة قالت رئاسة الجمهورية إنه مطروح الآن بجدية للحوار، وقال الدكتور أيمن علي القيادي بالإخوان المسلمين ومستشار الرئيس إن الرئاسة تدرس هذا المطلب الوطني الآن ولا تستبعده، وبغض النظر عن أن هذا الكلام مناقض لما أعلنته الرئاسة في ألمانيا وفي القاهرة ومن حضروا حوارها الأخير بأن الرئيس رفض الطلب، وبغض النظر عن أن الإخوان والحرية والعدالة وضعوا الشروح والتفسيرات والمبررات التي جعلتهم يرفضون تمامًا فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية الآن، وأن الوقت ضيق، وأنه لا معنى لها، وأن الحكومة الجديدة تتشكل بعد انتخابات البرلمان، بغض النظر عن ذلك كله، إلا أن الشاهد منه أن الارتباك هو سيد الموقف، وقد سبق وكتبت هنا أن التردد أمام المطالب الوطنية المنطقية والتأخر غير المبرر في الاستجابة للممكن منها ومحاولة الرهان على الوقت لتجاهل الأمر كله والتعلق بغرور السلطة والكرسي، لن يكون في صالح الرئيس أو حزبه، وقد يعقد الأمور أكثر ويرفع سقف المطالب أكثر، وكان ينبغي أن تكون هناك دروس وعبر كافية مما حدث للسابقين عندما تأخروا في الاستجابة للمطالب المعقولة والممكنة فانتهى الأمر إلى ما نعرف. لا يصح ولا يعقل أن يتصرف الإخوان في مؤسسات الدولة باعتبار أنهم وحدهم الكفاءات القادرة على إدارتها وبقية المصريين همل وعجزة، ولا يصح ولا يعقل أن يتحدث الإخوان باعتبار أن كوادرهم هي وحدها المؤتمنة على الدولة ومصالحها وبقية المصريين والأحزاب خونة أو مشكوك في ولائهم للوطن، ولا يصح ولا يعقل أن يتحدث الإخوان عن أن الجماعة هي وحدها التي يمثل اجتهادها وسلوكياتها المشروع الإسلامي، فما قالوه فهو الحق وما رفضوه فهو الباطل، ولا يصح ولا يعقل أن يصبح كل حزب أو تيار يقدم رؤية أو اجتهادًا أو مطالب مختلفة عن ما يقابلها عند الإخوان أو حتى ضد الإخوان واجتهادهم هو خائن وعدو وجاهل ومتآمر ويستحق ضرب النار، هذا الخطاب العصبي والإقصائي والمتشنج يعطي رسالة سيئة للغاية للرأي العام، ويشعر الجميع بالقلق من أن يتوسد أصحاب تلك "العقليات" للقرار الأمني والسياسي وينفردوا به في الوطن، وقد بدأت أسمع الأسبوع الماضي كوادر للإخوان وحزب الحرية والعدالة وهي تتساءل وتبحث عن جهاز "الأمن الوطني" ولماذا لا يتم استدعاؤه لمواجهة مخططات "جبهة الخراب"، أي أن "شيطان" أمن الدولة الذي كنّا نواجهه ونستبشعه عندما كنّا في خنادق المعارضة والنظام يستخدمه لسحقنا وتهميشنا، أصبح هو الحل والبديل الذي نبحث عن "تفعيله" الآن ونستدعيه ضد خصومنا عندما أصبحنا على كراسي الحكم. [email protected]