تظل أحداث يوم الاستفتاء (المهزلة) تطل برأسها كلما حاول الإنسان الانشغال عنها بما يستجد من أحداث لأن الذي أريق على أعتاب نقابة الصحفيين وحول ضريح سعد زغلول في هذا اليوم كان شرف الأمة، والجريمة كانت من البشاعة بحيث استهجنها بوش (بطل أبو غريب وجوانتانامو) وهذه الواقعة ستجد مكانها في التاريخ المصري في سياق دخول خيل نابليون الأزهر وحادثة دنشواي وحريق القاهرة. وحتى لا يضيع شرف بناتنا المعتدى عليهن بين القبائل بسبب ما يعتقده البعض عدم وجود جدية كافية من النيابة العامة في القيام بواجبها عن الأمة .. أقول لمن لم يشاهد الواقعة أن القائمين بهذه الفعلة الوضيعة رأيتهم بأم عيني وهم جنود الأمن المركزي الذين يرتدون الملابس المدنية الذين رأيناهم قبل ذلك في صحن الأزهر (كخيل نابليون) يضربون المتظاهرين ويرشونهم بالمخدر، وهؤلاء المسوخ ومن أمرهم ومن تستر عليهم ممن تجردوا من المرؤة والنخوة والرجولة والإنسانية أراهم كما كان يقول الأستاذ سيد قطب عن أمثالهم داخل السجن، كان يقول رحمه الله (دعابة) أظنهم المعنيين في قوله تعالى "ويخلق ما لا تعلمون". وشاء الله أن تكون الفضيحة بالصوت والصورة وأصبحت شرائط وصور الواقعة تنافس شرائط الراهب المشلوح وشرائط الراقصة مع رجل الأعمال المحبوس. بعد الواقعة وبعد زوال الصدمة الأولى خشيت أن يتصرف النظام بطريقة ذكية ويحول الفضيحة إلى نصر سياسي. وذهب خيالي بعيداً إلى عمان (الأردن) حينما أقدمت الموساد على محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وقام حرس مشعل بالقبض على الجناة وتسليمهم إلى الحكومة الأردنية وكانت فضيحة بكل المقاييس شبيهة بفضيحة النظام المصري، لكن الملك حسين (غفر الله له) حوّل الفضيحة إلى نصر سياسي عندما أجبر الإسرائيليين على كشف سر السم المستخدم في الاغتيال وإرسال الدواء المضاد، كما قامت إسرائيل بالإفراج عن الشهيد أحمد ياسين والسماح بعودته إلى غزة.. قلت ذهب خيالي بعيداً إلى عمان وتذكرت الواقعة السابق ذكرها وخشيت أن يتصرف النظام المصري بذكاء ويحول الفضيحة إلى نصر سياسي أو على الأقل يمتص آثارها المحلية والدولية، وتخيلت سيناريو محتمل مفرداته كالآتي: 1. السيد الرئيس يقيل وزير الداخلية وعددا من كبار الضباط 2. السيد الرئيس يعتذر علناً لبناتنا المعتدى عليهن 3. السيد الرئيس يحول أفراد الأمن القائمين بالاعتداء إلى محاكمة فورية 4. السيد الرئيس يقيل عددا من قيادات الحزب الوطني المتورطين في الفضيحة 5. السيدة سوزان (حرم رئيس الجمهورية) بصفتها رئيسة المجلس القومي للمرأة تدعو لاجتماع طارئ وتدين ما حدث وتعلن تضامنها مع المعتدى عليهن وترفع بالتضامن مع الفتيات قضية ضد وزارة الداخلية لكن والحمد لله لم يخيب النظام سوء ظني به وتصرف بحمق يحسد عليه إذ توالت التصريحات الرسمية حول الواقعة مشكلة فضيحة جديدة وبدلاً من امتصاص أثر الفضيحة تداعت الموجات الارتدادية للفضيحة مما جعل النظام شبه أضحوكة محلياً ودولياً، عند ذلك لم أجد شيئاً أصف به حالة النظام المصري إلا القول " الموت حمقاً"