لو كل كلب ألقمته حجرًا *** لصار الصخر مثقالاً بدينار أقول ذلك بمناسبة ذلك الجنون والهوس الذى اكتوت به صحافة الغرب الأوروبى والأمريكى وإعلامه العبثى المنحط، فلم يعد لهم شاغلا سوى محاولات مستمرة لإغاظة العالم العربى والإسلامى وإثارة حفيظته: 1- إما بنشر رسوم قديمة مسيئة للمسلمين تتناول نبينا صلى الله عليه وسلم بما ليس فيه من رسوم سخيفة وأفلام بذيئة وغيرها من الأغراض السيئة، فلا لهم إلا السباب والشتم، فهم يعلمون جيدًا أن كل ما يفعلونه لا يمت للحق والصدق بصلة، بل هو باطل وكذب وافتراء على الله ورسوله. 2- أو بإعادة نشر ما سبق نشره فى بلاد أوروبية أخرى. 3- أو الترويج لرسوم مسيئة جديدة فى ذات المسألة ونشرها بمختلف طرق النشر الورقية القديمة أو الطرق التكنولوجية والإلكترونية الحديثة سواء القنوات التليفزيونية وصفحات النت والمواقع الإلكترونية أو صفحات التواصل الاجتماعى مثل الفيسبوك وتويتر وغيرها. لقد غضب المسلمون فى جميع بلاد الأرض وماجوا عندما نشرت الرسوم الدنماركية المسيئة، قبل الثورة المصرية فى 25 من يناير 2011م وغيرها من الثورات العربية، ومع ذلك لم تتوقف تلك البذاءات التى يصدرها الغرب الأوروبى والأمريكى إلينا دون جريرة، فقد كرروا إساءاتهم لنا ولنبينا صلى الله عليه وسلم، دون سبب مفهوم إلا الكراهية والحقد والحسد. وأسوأ الأعداء وأشدهم لججًا ما كان حسودًا..! كل العداوة قد ترجى مودتها *** إلا عداوة من عاداك عن حسد إنهم لا يرتدعون بمظاهراتنا وحرق أعلامهم وشعرات تعاديهم أو تلعنهم، فلن يوقف السفهاء منهم صياح الشباب وتمزيق الأعلام وإحراقها، فهذا لن يردعهم ولن يخيفهم منا، فلزم أن يكون ردنا أبلغ من ذلك وأقوى وأشد إيلامًا من مظاهرات وصراخ، فقد بالغوا فى سفاهاتهم وسبابهم لنا حتى تعدوا بها إلى وصف ردودنا عليهم بأنها توافه الأفعال، فيقول الحاقد الحسود: مال هؤلاء المسلمين يثورون لأتفه الأسباب..! إنهم لا يعرفون الحب ولا يوقرون المقدس، بل لا يوقرون الله سبحانه وتعالى ولا يعظمون أنبياء الله ورسله، فقد انساقوا وراء عقيدة اليهود فى الأنبياء وأنهم بشر لا عصمة لهم، فقتلوهم ووصموهم بأقذع وأحط الأوصاف، فقد وقعوا فى السيدة العذراء واتهموها بما ليس فيها وأساءوا الأدب مع الله سبحانه وتعالى، فجعلوا له ابنًا جل شأن الله عما يقول المشركون وعلا علوًا كبيرًا، فكان أن أصابتهم لعنة الله تعالى فى كل كتاب أنزل على لسان أنبيائه ورسله كما فى قوله سبحانه وتعالى: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ*كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ". (المائدة : 78 - 79). إن هؤلاء السفلة الأوغاد ممن يتربصون بنا يكرهوننا حسدًا من عند أنفسهم، فلو آمنوا لعرفوا أن فضل الله تعالى عطاء لا يناله إلا أولياؤه، فهو اصطفاء واجتباء، فحسدهم لرسول الله تعالى وحسدهم لنا على نعمة الإسلام نتيجة جهلهم وكفرهم، فهو جهل مركب لأنه فيه رد لحكم الله وقضائه وقدره وتعطيلا - حاشا وكلا - لمشيئته سبحانه وتعالى وإرادته جل شأن الله وعظم سلطانه وتباركت أسماؤه، فقد كفروا بكل طريق، فلا شأن لهم بالفضائل والقيم الراقية ومحاسن الأخلاق، فليس لهم حظاً فى الطيبات والصالحات من الأعمال، فلا خلاق لهم فى الآخرة، فقد باعوا آخرتهم بدنياهم، فقد اشتروا كل ما هو حسى ومادى وأدنى شيء فيها من لذاتها الفانية، فعطلوا عقولهم وصمت أسماعهم وعميت أبصارهم عن الحق والحقيقة، فباعوا كرامتهم وتنازلوا عن شرفهم بأرخص ما فى الدنيا وأدنى شيء فيها من لذات ومتع وشهوات كلها زائلة ومنقضية، فلا بقاء لها، فكل لذة من لذات الدنيا وزينتها وحب المال والشهوات وإن عظمت لا بد أن يعقبها ألم على قدرها؛ يذوقه من لا عقل له فى دنياه، ويتألم به ألم الأبد وعذاب الخلد، فلا ينفعه يومئذ لوم ولا ندم. فعلام نبكى ونثور ونضرب ونهيج الدنيا ثم لا شيء، بل إن من بيننا ومن أبناء جلدتنا وملتنا من أصحاب الصحف والمتشيخون ما يعيب ديننا ويقع فى نبينا صلى الله عليه وسلم أكثر ما يقع فيه عدونا وحسادنا؟ إنهم يسخرون ويحتقرون كل ما هو طيب وحسن ونافع وجميل وحق وعدل ومتسامح ونبيل؛ يسخرون من الفضيلة والعفة والشرف والشجاعة والأمانة والكرم ومكارم الأخلاق، يهيلون التراب على كل دعوات الرحمة والحق والعدل والمحبة والسلام فيستهينون بالقيم الحضارية البناءة والراقية، فلا تفتأ يفاجئونك بما يسوؤك من أخبار وأفلام ورسومات سيئة؛ وبلا مقدمات أو سبب معلوم سوى الحقد والعداوة والحسد، فبدلا من أن تسود علاقات التراحم والتعارف والتعاون والعدالة والأمن والسلام بين الناس، مما يعظمها ديننا الحنيف ويحض عليها رسول الإسلام سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم؛ بدلا من قيم الحق والعدل والمساواة واحترام الإنسان لأخيه الإنسان صار الإنسان الغربى يحتقر أخيه الإنسان ويحسده ويعاديه بلا جريرة ارتكبها سوى دوافع الصهيونية العالمية (الصهيونية + الصليبية). لقد وصل الأمر إلى التحريض على نشر الفوضى بين الشعوب العربية والإسلامية وإهدار الدم..! لماذا يحسدوننا..؟ – مع أننا بفطرتنا شعوب طيبة محبة لا نعادى إلا من يعادينا؛ هكذا تعلمنا من كتابنا وسنة نبينا، فقد أمرنا أن نحكم بالعدل ولو كان خصمنا من شانئينا حتى لو كان من أعداء ديننا.. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". (المائدة : 8) إنه أمر مستغرب لا يعرف أحد علله وأسبابه وغاياته إلا نشر الكراهية والبغضاء بين الغرب الأوروبى والأمريكى وبين المسلمين، ناهيك عن زيادة نار الفرقة والخلاف الحاد بين الأنظمة المتورطة فى ذلك وبين المسلمين فى كل بقاع الأرض. أو كلما هدأت النفوس وظن العقلاء من هنا وهناك أن الاحترام المتبادل والمنافع المتبادلة فى سبيل التطور والرقى الأخلاقى والبناء الحضارى وحماية حقوق الإنسان وحريته وكرامته باتت رهن التوقير والعناية والرعاية لكل ما هو طيب وفاضل وحسن وجميل؛ أو كلما ظننا ذلك فاجأتنا تلك الأنظمة المعادية التى لا ترعوى فتبذل كل جهدها فى تحريض إعلامها الهابط على الإساءة للعرب والمسلمين، بل يتعدى ذلك الإساءة إلى الإسلام ورسول الإسلام – حاشا وكلا، فقد حفظ الله تعالى دينه وعصم نبيه صلى الله عليه وسلم – فلا طاقة لهم به. ولولا أن صاحب الخلق العظيم أخبرنا أن المسلم ليس بذيئًا ولا سبابًا ولا طعاناً ولا لعاناً ولا فحاشًا لكان لنا مع من يهجونه أمرا آخر، فقد نهينا أن يسخر بعضنا من البعض الآخر "فلا يسخر قوم من قوم"، ولكن - لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا. تلك ليست دعوة للسكوت عن مثل هذه البذاءات، ولكن للصمت والسكوت حكمة تطلب أحيانا كثيرة، فليس دوما يكون الرد الصاخب مؤثرًا بخاصة فى مثل هؤلاء الذين تبلدت عواطفهم وضعفت أفهامهم وعقولهم وانحطت نفوسهم، فهم كالبهائم وأضل سبيلا. [email protected]