حماتى مزعجة جدًا، تتدخل فى تفاصيل حياتنا، تعيب على تربية أولادنا، تعطينى ملاحظات على طبيخى، أستغرب لماذا لا تكن سيدة لطيفة ولا تتدخل فيما لا يعنيها وتعيش ما بقى من عمرها فى هدوء شيخوختها. هل تعرفين عزيزتى الزوجة أن تنفيذ نصيحتك القيمة معناه تجميد هذه السيدة وتهميشها تمهيدًا لانسحابها من الحياة لتسقط بعد ذلك فى براثن الاكتئاب أو الزهايمر؟ هل تعرفين أنها لا تقصد أبدًا أن تتسلط عليكِ أو تظهر عيوبك، وكيف تفعل وأنت وزوجك فى عينيها مازلتما صغارًا تشعر بالمسئولية تجاهكم وتريد توجيهكم لما فيه مصلحتكم من وجهة نظرها ولا أكثر من ذلك. هل تعرفين أن زوجك الرجل الذى ترينه كبيرًا وقوامًا عليك والذى يشغل منصبًا محترمًا ورجلاً "ملو هدومه" هو لا يزيد فى قلبها عن ذلك الطفل الذى حملته بجوار قلبها وكان بينهما حبل سرى يربطه بها، وإن انقطع هذا الحبل بالنسبة له تاركًا ندبة ظاهرة فى بطنه، فإن امتداد الحبل ما زال ثابتًا بداخلها، ولذلك فإن قلبها العنيد يأبى إلا أن يراه طفلها وكفى. هل تعرفين أنها لو تخلت عن أداء أى دور فى الحياة سوف تمرض وتصبح عبئًا حقيقيًا على الجميع ووقتها ستقولين ليتنى تركتها تمارس الأدوار البسيطة جدًا الباقية لها فى الحياة، فذلك أتقى وأفضل وأنسب لكل الأطراف. دعيها تقل ما تشاء وتنصح كما تريد واستمعى لها بابتسامة مقبلة على الحياة فأنت الزوجة الشابة وأم الأبناء والزوجة المحبوبة ووضعك بكل تأكيد أقوى وأفضل فلا تبخلى عليها بالمودة وسترد لك أضعافًا مضاعفة وفورًا. أول من سيرد لك الجميل هو زوجك نفسه، فلا تتخيلى ماذا يفعل به حبكِ لأمه وحسن معاشرتكِ لها، حتى لو لم يقل لكِ أو يصارحكِ، فإن هذا الفعل البسيط منكِ مجرد التقبل والتغاضى والتبسم، سيجعلكِ تنغرزين فى صميم فؤاده وتبدين فى عينيه فاتنة الفاتنات، وكيف لا وقد صالحتِه على نفسه وضممته وأمه معًا فى أحضانك. ثم هناك دعوات حماتكِ لكِ، إنها أصدق وأنجع من دعوات أمكِ، لأن حبها فطرى، أما حماتكِ فحبها مكتسب بفضل حسن خلقكِ وتربيتكِ الصالحة. ثم هناك دفتر الأيام، الذى سرعان ما تتساقط أوراقه بسرعة فائقة لتجدى نفسك فى لمح البصر مكانها، وتفاجئين بأن طفلك صار رجلاً له زوجة حلوة صغيرة، فهل يرضيكِ أن يتجهم وجهها كلما فتحتِ أنتِ فمك بكلمة واحدة؟ وأن تؤول مواقفك دائمًا لغير صالحها وتكاد تواجهكِ بقولها: كنت أمه وأنجبت وربيت وانتهى دوركِ، شكرا لكِ مع السلامة، وتغلق الباب فى وجهكِ وهى تقول (خلاص مش عايزين النهارده). الأهم من كل ذلك جزاء فعلك من رب العالمين الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، والذى خص الأم تحديدًا بوضع خاص، يقول تعالى فى سورة الإسراء: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرًا)، طبعا معانى الآيات الكريمة معروفة، واستفاض فيها علماؤنا الأجلاء ولى ملاحظة صغيرة، أن الإنسان ينهر أو يقول أفًا، عندما يسمع مالا يعجبه، إذن هذا احتمال وارد أن تقول الأم كبيرة السن ما لا يعجبنا بمقاييسنا، وبالرغم من ذلك فليس لنا أن نناقشها أو نعاتبها أو ننتقدها أو نعبر عن رفضنا بأبسط أسلوب ولو بقولة أفٍ ولكن نتقبل بصدر رحب. دعوها تتشبث بالحياة، دعوها تمارس دورها كحماة وأم الرجل وجدة الأطفال ولا تحاسبوها حسابًا عسيرًا ستكون بركة حياتكم وسببًا لرزقكم ومعينًا للحب وقلبًا نابضًا بالدعاء لكم تقصدونه كلما ضاقت بكم السبل.