إذا لم تحدث مفاجآت، وإذا سارت الأمور وفق موازين القوى الحالية، فإن التيار الإسلامي سيحقق الغالبية المريحة في البرلمان المقبل بدون أي شك، وفي تقديري، وفق نتائج الاستفتاء الأخير والمقارنات مع نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة والاستفتاء السابق أيضًا والخط البياني الذي يمكن استخلاصه من تحولاتها، فإن التيار الإسلامي سيحصل على ما بين 50% و60% من مقاعد البرلمان المقبل، ويمكن للتيار الإسلامي أن يعزز من نسبته بشكل أكبر في الانتخابات إذا حدث تنسيق شامل فيها يصل إلى حد النزول بقائمة واحدة للأحزاب الإسلامية، وهو أمر مستبعد إلى حد كبير بحسب ما ترشح لي من معلومات مباشرة من خلال حوارات مع قيادات عدة أحزاب إسلامية لأن هناك تباينًا واسعًا في تقدير النسبة المستحقة لهذا الحزب أو ذاك، والنسبة التقديرية السابقة للإسلاميين لا تعني بالضرورة أن النسبة الأخرى ستذهب إلى المعارضة أو جبهة الإنقاذ بشكل تلقائي، فتجربة انتخابات 2005 كشفت عن أن "المستقلين" يمثلون كتلة مفاجئة وكبيرة، ويمكن أن تغير أي موازين، وقد اضطر نظام مبارك إلى استقطاب الأعضاء المستقلين الذين فازوا من أجل أن يضمن أغلبيته الساحقة بعد أن تمكنوا من هزيمة مرشحيه، ومن ثم فإن المستقلين يمكن أن يحققوا ربع مقاعد البرلمان المقبل، والمستقلون عادة غير مؤدلجين، وبوصلتهم لها طابع اجتماعي، ولكنهم أقرب إلى التحالف مع القوى السياسية التي تملك مفاتيح القرار السياسي في الدولة، بغض النظر عن توجهها السياسي. ويمثل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان صدارة المشهد الانتخابي في الحالة الإسلامية بلا منازع، وستكون حصته هي الأكبر بين فصائل التيار الإسلامي باعتبار أنه الأكثر خبرة في إدارة المعارك الانتخابية وعمليات الحشد والتنسيق، كما أنه يمتلك قاعدة انتخابية صلبة تمثل نقطة انطلاق له من أرضية مرتفعة، إضافة إلى أن قطاعات كثيرة في المحافظات ستعتبره شئنا أم أبينا حزب رئيس الجمهورية، أيضًا سيحتفظ حزب النور، رغم الانشقاق، بحضوره كقوة ثانية متفردة، لأن قاعدته الانتخابية كبيرة في عموم المحافظات، كما أن مرشحيه عادة يحظون بالاحترام والقبول وتأييد الرموز الدعوية السلفية الكبيرة يحقق دعمًا جماهيريًا كبيرًا لقوائم الحزب بدون شك، وتبقى المساحة بعد الأول والثاني غير حاسمة وغير واضحة المعالم، فهناك حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية والمرشح حصانًا أسود في الانتخابات المقبلة بين الإسلاميين خاصة في الصعيد، والمؤكد أنه سيحقق هذه المرة حصادًا أفضل كثيرًا من حصاده في التجربة السابقة، بعد أن استعاد كوادر مهمة وعزز خبراته وبذل جهدًا شعبيًا تعبويًا جيدًا للغاية، كذلك فإن تحالف حزب الوطن مع تيار الشيخ حازم أبو إسماعيل يمكن أن يحقق مفاجأة، إذا أحسن اختيار مرشحيه وقوائمه ولم يستسلم للاعتماد على القبول الشعبي لأبو إسماعيل كداعم رئيسي لمرشحي الحزب، أيضًا فإن حزب الوسط حقق حضورًا جماهيريًا وإعلاميًا وسياسيًا في المرحلة الماضية كان مبهرًا للغاية، وكشف عن امتلاكه كوادر سياسية من أفضل ما في مصر حاليًا، وستتوقف فرصه على قدرته على إنجاز تحالف انتخابي مع قوة لها حضور شعبي جيد، لأن الكوادر المميزة وحدها لا تضمن حصادًا انتخابيًا جيدًا، وربما كان الأقرب إليه هو حزب مصر القوية بقيادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وفي تصوري أن أبو الفتوح أكثر احتياجًا لمثل هذا التحالف لجبر تراجع شعبيته في الفترة الماضية بصورة واضحة، بفعل أخطاء سياسية فادحة كشفت عن عزلة شعبية حقيقية للحزب وهيمنة عقليات نخبوية منغلقة على القرار السياسي فيه، وتبقى كتل إسلامية متناثرة ولم تتبلور بعد حزبيًا أو شعبيًا مؤثرة جدًا في حصاد الأحزاب الإسلامية الرئيسية، ومن أهم هذه الكتل تلك الممثلة للتيار الجهادي كالسلامة والتنمية أو الممثلة لفصائل سلفية مستقلة مثل حزب الإصلاح أو حزب الأصالة، كما لا يمكن تجاهل وجود ملايين المصريين الذين يؤمنون بالمشروع الإسلامي ولكنهم مستقلون ولا ينتمون إلى أحزاب أو كتل إسلامية، وهؤلاء لا يمكن توقع اتجاهات التصويت لديهم، وإن كانت محصورة قطعًا داخل أحزاب التيار الإسلامي،.. والله أعلم. [email protected]