بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مجمع الشهداء بالإسماعيلية    سعر الذهب اليوم في مصر يواصل الارتفاع بمنتصف تعاملات الجمعة    ميقاتي: قررنا مطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار بوقف تام وفوري لإطلاق النار    مقتل 4 أشخاص في ضربة صاروخية روسية على أوديسا    يمكننا الشكوى الآن.. الزمالك يعلق على إصدار البطاقة الدولية لأرون بوبيندزا    تشكيل منتخب مصر المتوقع لمواجهة موريتانيا    تفاصيل القبض على مسافر بمطار القاهرة بحوزته عملات ومخدرات    الليلة.. مهرجان الموسيقي العربية يكرم 19 شخصية ومدحت صالح نجم حفل الافتتاح    90 صورة من حفل زفاف مريم الخشت بحضور أسماء جلال ويسرا وجميلة عوض    فحص 1653 مواطنا في قافلة طبية في بني سويف    هل كبدة الدجاج ترفع الكوليسترول؟    أوقاف بني سويف: افتتاح 6 مساجد بالمحافظة خلال الشهر الماضي    غدًا.. الجنايات تستكمل محاكمة إمام عاشور    نوبل للسلام 2024 تمنح لمنظمة يابانية لدورها في مكافحة الأسلحة النووية    الجيش الكوري الجنوبي: "بيونج يانج" ترسل حوالي 40 بالونا يحمل القمامة باتجاه كوريا الجنوبية    دعاء للأم المتوفية في يوم الجمعة: هدية من القلب للروح الطيبة    وزير البترول يستعرض مستجدات التسويق للفرص الاستثمارية في مجال الاستكشاف والإنتاج للبترول والغاز    جامعة قناة السويس تنظم برنامجًا تدريبيًّا عن الاستخدام الآمن للأجهزة الذكية    الاستمرار في تنمية سيناء يعكس التزام الحكومة بتعزيز التنمية المستدامة    تكليفات حاسمة من السيسي للحكومة ورسائل طمأنة للمصريين عن الأمن القومي.. الأسبوع الرئاسي    بحضور وزير الأوقاف: «القومي للمرأة» ينظم ورشة عمل للقادة الدينيين    ضبط مخزن زيت طعام مجهول المصدر يدار بدون ترخيص فى سرس الليان بالمنوفية    إصابة مواطن في إطلاق نار بسبب مشاجرة بسوهاج    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024 في مطروح    بيانان لنائبي رئيس الوزراء و10 قرارات جمهورية.. تعرف على أبرز ما ناقشه النواب خلال أسبوع    بدء التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير استعدادا لافتتاحه في 16 أكتوبر المقبل    6 أبراج فلكية تمتلك مهارات التأثير والإقناع.. هل أنت منهم؟    إيمان العاصي عن تجسيد قصة حياتها في «برغم القانون»: «كلام عجيب.. وأبو بنتي مش نصاب»    تقرير إسرائيلي: خلافات حادة في جلسة المجلس الوزاري المصغر    تعرف علي حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    «الاتحاد» ينظم ندوة تحت عنوان «إفريقيا.. عمق استراتيجي لمصر ومصير مشترك»    وزير الإسكان: تسليم الوحدات السكنية بمختلف أنواعها بالمدينة للحاجزين    تنزانيا تسجل أول إصابة بجدري القردة وسط مخاوف صحية دولية    التضامن: عقد 685 لجنة تظلم لفحص طلبات الراغبين في الحصول على بطاقة إثبات الإعاقة والخدمات المتكاملة    تنسيقية شباب الأحزاب تعلن عن استراتيجيتها الجديدة لعام 2024 / 2025    ارتفاع أسعار الفول وزيت الذرة وانخفاض العدس اليوم الجمعة بالأسواق    أجواء سياحية صباحية بزيارات معابد شرق وغرب الأقصر مع تحسن حالة الطقس.. صور    فوز منظمة نيهون هيدانكيو اليابانية بجائزة نوبل للسلام    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة سيارات النقل بالأقصر    الصحة: اغلاق عيادة يديرها أجانب مخالفة لاشتراطات التراخيص بمدينة نصر    سورة الكهف مكتوبة كاملة في يوم الجمعة    لوقوفها في صف زوجها.. قرار من النيابة بشأن فتاة طعنت صديقتها بأكتوبر    منتخب العراق استثناء وصدمة للسعودية.. الخطر يحاصر عرب آسيا في تصفيات المونديال    سفيرة مصر في زامبيا تطالب الكنيسة بتوسيع خدمات المستشفى القبطي    انطلاق الجولة الثانية من تطعيمات شلل الأطفال في غزة الاثنين المقبل    بعد ترشيح «أونروا» ل«نوبل للسلام».. الاحتلال يصادر مقرها في القدس    للنصب على المواطنين، حبس صاحب أكاديمية وهمية لتعليم التمريض بالإسكندرية    ترامب يتعهد بإلغاء الضريبة المزدوجة على الأمريكيين المقيمين بالخارج حال الفوز    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    التأمين الصحى ببنى سويف تنظم برنامجا تدريبيا عن الأسس العلمية لإدارة المكاتب    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة الجمعة 11 أكتوبر    تصفيات أمم أفريقيا| منتخب مصر بسعي لمواصلة الانتصارات علي حساب موريتانيا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 11- 10- 2024 والقنوات الناقلة    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    مباشر الآن مباراة البرازيل ضد تشيلي (0-1) في تصفيات كأس العالم 2026.. لحظة بلحظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تلوث البطيخ..وتلوث الضمائر .. السيد عبدالرءوف
نشر في المصريون يوم 14 - 07 - 2005


هذه قصة قديمة كتبتها من قبل وأجد الآن أن ذكرها ضروري في سياق القضية التي نحن بصددها وهي قضية المبيدات والكيماويات المسرطنة التي أغرقت السوق المصرية وتسببت مؤخراً في تسمم مئات المواطنين من تناول البطيخ في أكثر من محافظة في الوجه البحري والصعيد علي حد سواء. في بداية التسعينيات كنت في زيارة لكوريا الجنوبية وهي بالمناسبة ليست من الديمقراطيات التقليدية التي يقاس عليها. وكانت القضية التي تشغل الإعلام والرأي العام تتعلق بالصحة العامة. فثمة شركة للأجهزة الكهربائية والالكترونية تصرف مخلفاتها من المواد الكيماوية في نهر صغير قريب. وقد خالفت الشركة الاشتراطات الصحية والبيئية وصرفت كميات من المخلفات في النهر قبل معالجتها مما أدي إلي تلوث مياه النهر وطفو كميات كبيرة من الأسماك الميتة. وتم إنذار الشركة مرتين. وكان المفترض مع تكرار المخالفة أن يتم غلق مصانع الشركة إلي أن تتخذ الإجراءات الوقائية الضرورية. ولكن وزارة الصحة المسئولة عن هذه القضايا لم تتخذ هذا الإجراء العقابي واكتفت بتوجيه إنذار ثالث للشركة. *** هاجت وسائل الإعلام الكورية وهاجمت وزير الصحة وثار الرأي العام. وإزاء ذلك اضطر رئيس الوزراء للضغط علي وزير الصحة فقدم استقالته. وتم علي الفور تعيين وزير صحة جديد. وتم تشكيل لجنة من وزير العدل ووزير الداخلية ووزير الصحة الجديد لإجراء تحقيق شامل ومعاقبة المخالفين والمقصرين ولكن وسائل الإعلام لم تقنع بذلك وقالت إن استقالة وزير الصحة لا تكفي بل يجب أن يستقيل رئيس الوزراء. *** عندنا الآن قضية مثارة بشدة هي قضية المبيدات والكيمياويات المسرطنة التي كان يتم استيرادها في ظل موافقات رسمية مشبوهة. ووصل الأمر للقضاء الذي أصدر حكماً رادعاً ضد المسئولين المباشرين مثل مستشار وزير الزراعة السابق وشركائه. ولكن القضاء في الوقت نفسه ألقي بالمسئولية علي وزير الزراعة السابق. كما أن الواقع وتصريحات وزير الزراعة الحالي تلقي بالتبعة علي الوزير السابق. *** ولعل أعجب ما قيل بشأن هذه المبيدات وبعضها محظور ومحرم دولياً أن تسببها في السرطان ليس مؤكداً وأن حدوث السرطان نتيجة لاستخدامها لا يتم إلا علي المدي الطويل مع تراكم الكميات التي يتلقاها الجسم بجرعات قليلة. وأن بعض هذه المبيدات ليست مسرطنة "سواء بفتح الطاء أو كسرها" ولكنها سامة. وكأن كونها سامة يجعلها "لطيفة وبنت حلال" وأن استخدامها لا يستدعي المساءلة إن لم يكن المحاكمة الجنائية. ولو أنصفنا فإن مثل هذا الأمر يستدعي المحاكمة الجنائية والمحاسبة السياسية لإجلاء الحقيقة وإظهار براءة الأبرياء ومعاقبة المتورطين لإثبات الجدية في الحرص علي حياة وصحة المواطنين وشفافية التعامل مع المواطنين في هذه القضية وغيرها من القضايا التي تتعلق بالصالح العام. *** ولا يكفي في مثل هذه الحالة أن تقوم وزارة الزراعة بشراء المبيدات المحظورة من مستورديها وتعويضهم عنها وتحميل ميزانية الدولة مبالغ أيا كان حجمها بسبب مخالفات مسئولين حكوميين أيا كانت أوزانهم أو مواقعهم السياسية أو التنفيذية. ولا يكفي في ذلك أن تصدر توجيهات بعدم استيراد مبيدات أو كيماويات مسرطنة أو سامة أو ضارة خصوصاً إذا كانت محظورة ومحرمة دولياً. فالمفترض أن هناك قواعد صارمة في هذا الشأن يجب الالتزام بها بشدة. وهناك جهات حكومية مسئولة عن إصدار التراخيص باعتماد هذه المادة أو تلك وخطر هذا المبيد أو ذاك. وهناك جهات حكومية أخري مسئولة عن المتابعة والمراقبة والفحص. وهذا وذاك من القوانين واللوائح والقرارات وهذه وتلك من الجهات الحكومية تشكل منظومة متكاملة متجانسة همها وهدفها الأساسي حماية المواطن. *** وقد فتحت قضية المبيدات المسرطنة أو السامة قضية أخري هي قضية الهرمونات المستخدمة في انضاج الخضراوات والفواكه كما استخدمت من قبل في تغذية الدواجن وفي مزارع الأسماك.. ومن المؤكد أن الإسراف في استخدام هذه الهرمونات من شأنه أن يسبب أضراراً جسيمة من بينها وبالطبع الأورام السرطانية. وهذه مسألة يجب التوقف عندها طويلا وإجراء أبحاث دقيقة لكل أنواع الخضراوات والفواكه المنتجة محليا - فضلا عن المستوردة - وأن تعلن نتائج هذه الابحاث في أقرب فرصة ممكنة. وأن توضع ضوابط صارمة لاستخدام هذه الهرمونات - فضلا عن الاسمدة الكيماوية والمبيدات - في الزراعة. وأن تكون هناك عقوبات صارمة لأي مخالفات. فلقد أصبح المواطن المصري محاصرا بالتلوث البيئي الشامل فضلا عن الاستخدام المفرط - وأحيانا الإجرامي - للكيماويات والمبيدات مما يهدد صحة هذا المواطن في الحاضر والمستقبل ويهدر مليارات الجنيهات في معالجة الأمراض الناجمة عن هذا التلوث وهذا الاستخدام السييء. والأمر في الواقع ليس مجرد تلوث في الهواء والماء والمأكولات ولكن الأخطر منه هو تلوث الضمائر. والعلاج لا يتطلب مجرد فكر مختلف أو جديد ولكنه يتطلب روحاً متجددة.. روحا تدعو أصحابها أولا للالتزام بواجباتها تجاه الوطن والمواطن ما هو مكتوب منها وما هو متفق عليه عرفا وما هو مفهوم ضمنا. وتدعو أصحابها ثانيا للاعتراف بالخطأ والاستعداد لتحمل مسئولية أي قرار يتخذ صوابا كان أو خطأ حتي ولو كان الخطأ بحسن نية. وتدعو أصحابها لأقصي درجات الشفافية في التعامل مع القضايا والمسئولين ومحاسبة المخطئين والمتعدين دون نظر إلي مواقعهم وأدوارهم. وتدعو أصحابها إلي عدم التنصل من المسئولية ونسبة ما يجري للقدر أو للخطأ البشري أو تحميل المسئولية لصغار الموظفين كما يحدث عادة في الكوارث والمصائب الكبري التي تحدث. وحين تعم هذه الروح ويعلو شأنها في مجتمعنا ربما يأتي يوم نري فيه مسئولا يعترف بالخطأ.. ويستقيل. ------ صحيفة الجمهورية المصرية في 15 -7 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.