أصدرت جبهة علماء الأزهر بيانًا إلى الشرفاء من أبناء مصر وأحرارها بشأن الفتنة الضاربة اليوم السبت، جاء فيه "في هذه الأوقات العصيبة التي تمتحن فيها معادن الرجال، وتختبر فيها أعوادهم، وقد أسفر الصبح لكل ذي عينين، وأبدى الزبد عن المخض، وقد تمايزت الصفوف، وتكشفت الكثير من الحقائق بما أظهرته المواقف، وأبانت عنه العبارات، ولم يعد مقبولا من أحد المداراة أو لزوم الصمت والسكوت لأي داع، في هذه الأوقات ندعو الجميع بدعاية الله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) . وقال البيان: "اتقوها بالتصدي لها، ومطاردة القائمين عليها، والمروجين لها، على وفق ما شرع الله، ونطق به كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (النساء:71) . وأضاف البيان "اتقوها بأن تُجمعوا أمركم على رعاية حق جهادكم، وصيانة حق الشهداء والمصابين والمستضعفين من أمتكم، وذلك بأن تَلِينوا بأيدي إخوانكم، وإن يُحسن كل منكم الظن في أخيه، واضبطوا مشاعركم بضوابط شرعكم، ولا تتعجلوا الثمرة قبل أوانها، فليس هذا نهج الصالحين وطريق المصلحين (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51) واعلموا أن الاستجابة لدعوة لله ودعوة رسوله صلى الله عليه وسلم، هي الأمان الأمين، والحصن الحصين من كل عادية، وكل نازلة، ومن جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن، وإن دعوة الله اليوم إلى الجميع أن يجتمعوا على كلمة سواء،(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103) ، ثم أحسنوا الظن لبعضكم البعض، فكلكم مصريون، والمصرية شرف، ولا تزاد تلك المصرية على بقية الأوصاف التي تضاف إليها من عروبة، وإسلامية إلا رفعة فوق رفعة، وشرفًا بعد شرف، فلا تُلَوِّثُوها بضيق النظرة، و سوء الأخلاق. وأكدت الجبهة أن اجتماع القلوب على القليل من الحق خير لها وللأمة كلها من تفرقها على الحق كله، فإن "يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض" كما قال صلى الله عليه وسلم، فيما أخرجه الطبراني من حديث عرفجة بسند قوي: فاجتمعوا على علمائكم، ووفوا ببيعة رئيس جمهوريتكم على ما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم(فوفوا ببيعة الأول) وإياكم أن تُسلموه –كما يريد الأغرار، فقد أخرج أحمد من حديث رِبْعي بن خراش سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فارق الجماعة، واستذلَّ الإمارة، لقي الله ولا وجه له عنده" قال الحافظ ابن حجر: وهذا كناية عن معصية السلطان ومحاربته. يقصد السلطان الذي جاء عن بيعة حرة،لا عن سطوة فاجرة، فلا يستويان مثلا. وناشدت الجبهة الشعب المصري قائلة: يا أبناء الكنانة، أعينوا رئيسكم على الحق بقوة، واجتمعوا على علمائكم الذين يصدرون عن الدين وحده، الدين الذي هو قبَسٌ من روح الله السارية في ذرات النفوس المؤمنة، الدين الذي يجمع أشتات الفضائل، ويَلُمَّ أطراف المكارم، ويجعل لكل فضيلة جزاءً، ولكل مكرمة كِفاءً، ويدعو إلى تزكية النفوس والسمو بها، وتطهير الأرواح وتصفيتها، الدين الذي يسمو بقدسيته وجلاله فوق كل نفس، ويعلو على كل رأس، ويجلَ عن الاختلاف، وذلك لأنه مجتمع الفِكر الصائبة، ومعقد الآمال المتشعبة، بهؤلاء العلماء وما يمثلونه تجتمع إن شاء الله القلوب، وتأتلف النفوس، وتتوحد الإرادات، بذلك ينصر شرع الله، وبذلك يقرب للأمة نصر الله، فأجمعوا أمركم، وأخلصوا لله نياتكم، واصدقوا الله في عزائمكم، (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139) . وارتقبوا بعد ذلك تمام النصر لقضيتكم ( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا) صدق الله العظيم، (وقد خاب من افترى).