الذي يتابع فصول " مسرحية " الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية الدائرة حاليا يستشعر على الفور أنه في مسرحية هزلية لعادل إمام أو سيد زيان ، والذي يدهشك أن الإعلام الحكومي يتعامل معها بجدية " عمر الحريري " عندما كان يمثل دور وكيل النيابة في مسرحية شاهد ما شافش حاجة ، المسألة كلها هزل وتهريج ، والإعلام الرسمي والصحافة القومية تلبس مسوح الجد والرصانة لكي تخوض في هذا الهزل فتزيد مساحة الضحك ولا تضفي أي جدية على الحدث ، هل رأيتم في الدنيا كلها ، انتخابات يرشح فيها حزب " معارض " شخصية قيادية لخوض الانتخابات ضد مرشح الحزب الحاكم ، ثم يعلن رئيس الحزب المعارض وقياداته أنهم يؤيدون بكل قوة مرشح الحزب الآخر ، ويرونه هو المرشح الوحيد الذي يصلح لقيادة البلد ولا بديل له ، بمعنى أن مرشحه مجرد " طرطور " ولا مؤاخذة ، هل قرأ أحدكم من قبل مثل هذا الكلام في أي انتخابات حتى لو في جزر القمر ، وهل رأى أحدكم " مسخرة " مثل هذه في أي انتخابات حدثت في العالم كله طوال نصف القرن الماضي كله ، وهل رأيتم الحزب الحاكم في أي مكان من العالم " يستغيث " برئيس الحزب المعارض لكي يخوض الانتخابات وينافس مرشح الحزب الحاكم ويقف ضده ويحاول أن ينتزع منه أصوات الناخبين ، وعندما يوافق رئيس الحزب المعارض تعلن الأفراح والليالي الملاح في أروقة الحزب الحاكم وإعلامه ، هل رأى أحد منكم شيئا من هذه " الدعارة " الانتخابية في أي مكان آخر من العالم ، ولقد بدأت تصفو الخريطة الانتخابية على اختيار حوالي تسعة أو عشرة مرشحين ، ثمانية منهم على الأقل أصدروا بيانات متطابقة تؤكد على أنهم " يبايعون " المرشح المنافس ، وهو مرشح الحزب الحاكم لقيادة البلد في الفترة المقبلة ، ومع ذلك سوف يقبضون النصف مليون جنيه ، هدية الريس ، بمناسبة موسم الانتخابات ، وكله تحت لافتة " أول انتخابات تعددية " ، وذلك أن الحزب الحاكم رسم الأمر كله من البداية من أجل أن تكون مسخرة ، ومسرحية هزلية ، يأتي فيها بالأراجوزات والمهرجين والعاطلين عن العمل والمشعوذين لكي يقدمهم للشعب المصري على أنهم البديل المطروح للرئيس مبارك ، وليست مصر هي هؤلاء المهرجين والمشعوذين والأراجوزات ، ولكن مصر فيها رموز قامتهم أعلى من أي قامة في الحزب الحاكم ، ولكن الذين أرادوها مسخرة ، فصلوا قانونا مخصوصا لضمان بقاء الأمر مسخرة ، ويمنع أي شخص خارج الدائرة الهزلية من خوض الانتخابات وإلى الأبد ، باستثناء طفيف للغاية هذه المرة مع شخص أو اثنين من ممثلي الأحزاب ، وقابلني بعد ذلك ، سواء مرشح حزب أو مستقل إن " عتب " باب لجنة الانتخابات في أي مرحلة مقبلة ، لأنه لن يحصل على نسبة العضوية التي تتيح له الترشيح ، وكانت قوى المعارضة قد عرضت الترشيح على عدد من الرموز وافرة الاحترام والقدرة ، ولكنهم جميعا وبلا استثناء اعتذروا ، لأنهم اعتبروا أن الأمر كله مسخرة ، وتاريخهم النضالي والوطني لا يسمح لهم بأن يكونوا جزءا من هذه المسخرة ، لقد أرادها الحزب الحاكم مسخرة ، وقد حدث ، ولكن مصر لا تعيش طويلا في ظل هذه المساخر ، هكذا علمنا التاريخ ، ولن يلبث المستقبل القريب أن يأتي بطوفان الغضب المستنير الذي يجرف في سبيله كل صور المسخرة ومنتجاتها . [email protected]